تشريعات قانون المخدرات "قاصرة" ولا تتناسب مع تضحيات "الأمن" والقوات المسلحة

خليل النظامي
بـ الأمس ودعنا بطل من أبطال القوات المسلحة الأردنية غدا شهيدا في سبيل الدفاع عن دينه وأرضه وشعبه خلال عملية اشتباك مسلحة مع أعداء الله والوطن غزاة الأنسانية وتجار الدم والسم. 
وقبل أسابيع شاهدنا كيف هاجمت فئة ضالة فرقة من فرق نشامى مكافحة المخدرات في إحدى المحافظات الأردنية إثر قيامهم بـ واجبهم للقبض على أحد تجار المخدرات في تلك المنطقة، وقبل ذلك الكثير الكثير من القصص والروايات لتجار ومهربي المخدرات التي راح ضحيتها أبطال وشهداء من الأجهزة العسكرية والأمنية الأردنية، وفي المستقبل سنرى أكثر وأكثر من تلك القصص ما لم يكن هناك وعي شعبي حول تلك الآفة الخطيرة يساعد جنبا الى جنب الأجهزة الأمنية. 

المشكلة ليست بـ نشامى القوات المسلحة أو بـ شباب مكافحة المخدرات وغيرهم من أبناء الأجهزة الأمنية الأبطال، إنما المشكلة تكمن في ثقافة شعب برمته، وهوامير المتاجرة بـ شباب هذا البلد، فلو لم يكن في الداخل المحلي سوق عرض وطلب على هذه السموم، فلن يجرأ هؤلاء الغزاة على محاولة تهريب وإدخال المخدرات للأردن.

وكما هو معروف في كل دول العالم، ليس هناك جهاز عسكري أو أمني لديه القدرة على الإطاحة والحد من إنتشار المخدرات لوحده، ونحن في الأردن تقوم أجهزتنا الأمنية والعسكرية مشكورة بـ واجبها على أكمل وجه من حيث التفتيش والمتابعة والتحقيق، ولكن هناك المعيار الأهم الذي يتمحور حول ثقافة الشعب إزاء تلك الآفة، فإن لم يساند المواطنون الأجهزة الأمنية جنبا إلى جنب فـ لن تتوقف هذه الآفة وستتمدد وتزيد رقعة انتشارها بين شباب الوطن وتقتلهم في آخر المطاف. 
وهذا الأمر يحتاج الى حملات بـ شكل طولي وأفقي بدون توقف كل يوم وكل شهر وكل سنة مستمرة حتى القضاء على هذه الآفة، حملات إعلامية تنتشر في المدارس والجامعات وفي كل الازقة والأوكار والمناطق والأطراف، وفي كل المحافظات وفي كل التجمعات والحواضن البشرية في الأردن، حملات تستخدم فيها كل الطاقات وكل الكفاءات وكل نظريات العلوم الإتصالية ووسائل الإقناع. 
بـ المقابل يعتقد خبراء ومراقبون أن هناك خلل في التشريعات التي تحكم آفة المخدرات ومن يتاجر بها ومن يتعاطاها من حيث العقوبة، فالأصل أن "تفي العقوبة بـ غرض الردع "، والتعديل الذي حصل مؤخرا على قانون المخدرات والمؤثرات العقلية يتعارض مع الواقع الذي أصبحنا نعيش فيه اليوم، والذي تنص فيه المادة الثامنة في بندها الثاني بـ فقرته من القانون، "بأنه لا يعتبر كل من تعاطى أو أدخل أو جلب أو هرب أو استورد أو صدر أو حاز أو أحرز أو اشترى أو تسلم أو نقل أو أنتج أو صنع أو خزن أو زرع أيا من المواد المخدرة والمؤثرات العقلية أو المستحضرات أو النباتات التي ينتج منها مواد مخدرة أو مؤثرات عقلية بقصد تعاطيها، سابقة جرمية أو قيدا أمنيا بحق مرتكبه للمرة الأولى".
هذا التعديل مع الإحترام لـ شخوص من قاموا بـ صناعته والموافقة عليه، لا يخدم ما تقدمة الأجهزة الأمنية والعسكرية كل يوم من تضحيات في مكافحة آفة المخدرات وحماية شباب هذا الوطن من سمومها وجشع تجار الدم والسم. 

فـ أي منطق هذا الذي لا يقبل أن نسجل سابقة جرمية وقيدا أمنيا وعقوبة رادعة بحق من يقوم بـ عملية التهريب أو التعاطي أو المتاجرة بـ المخدرات سواء لـ المرة الأولى او العاشرة..؟ أليس قيامه بهذا الفعل يعتبر جرما سبب فيه الأذى لغيره من المواطنين، وساهم فعله هذا بإنتشار آفة المخدرات.؟ أليس فعله هذا يلقي عبئا إضافيا على كاهل الأجهزة الأمنية والعسكرية وشباب ونشامى مكافحة المخدرات..؟ 
محوران مهمان في عملية مكافحة آفة المخدرات إن تم العمل عليهما سيكونان الأوتاد التي يعتمد ويستند عليها أبطالنا في الأجهزة الأمنية كافة لنجاح مهمتهم في الحد من هذه الآفة الخطيرة، وهما توعية الشعب وشباب هذا البلد بخطورة هذه الآفة من قبل كافة المؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والجامعات والمدارس وغيرها بشكل جاد، اضافة الى المحور الهام المتمثل بـ تعديل التشريعات القانونية والعقوبات بما يردع كل من تسول له نفسه حتى التفكير في التعاطي او المتاجرة او تهريب المخدرات تعديلا ينسجم مع خطورة وحقيقة واقع هذه الآفة بـ الأردن بناء على دراسات ومسوحات واحصائيات واقعية.
وشهدت قضايا المخدرات ارتفاعا كبيرا في الأردن، وبحسب أرقام إدارة مكافحة المخدرات فإنه جرى ضبط 13 ألف قضية متعلقة بالمواد المخدرة متورط بها نحو 19 ألف حتى الأول من أيلول 2021، وبلغ عدد القضايا التي ضبطت في الاتجار والترويج 3235، في ذات الفترة.