مَسيحيُّون ومُسْلِمُون .. كَنَائِس ومَسَاجِد.. مُوَاطَنْة وحِوَار
الأب الخوري محمد جورج شرايحه
قد لا يَعرف كثيرون من أبناء شعبنا الأردني والعربي، أن الحياة الدينية والإيمانية المسيحية والإسلامية مزدهرة في جمهورية أذربيجان الشقيقة، فهناك الكثير والكثير من الكنائس العاملة والقديمة والتاريخية منها والحديثة، تتبَع مختلف الطوائف والقوميات التي منها الألبانية الرسولية والأرمنية، والأرثوذكسية، والكاثوليكية والإنجيلية، كذلك هو الأمر لوجود نشاط كبير أسسهُ ويُسانده الرئيس الأذربيجاني النشِط السيد إلهام علييف في حوار الأديان والحضارات والثقافات على أرض وطنه أذربيجان، من خلال مؤتمرات ولقاءات لفعاليَّات سبق واقترحها الرئيس حيدر علييف ذاته، ويتم تطبيقها ورعايتها ودعمها بمتابعة منه بشكل دائم وصولاً لراحة المؤمنين جميعاً.
يستمر مسيحيو أذربيجان التي تشغل مركزاً إستراتيجياً في القوقاز، كما هم مسيحيو العالم الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة الجديدة، وفقًا لمختلف التقاويم الشرقية والغربية، ويُشاركهم في ذلك إخوتهم المسلمون، لأنهم جميعاً أبناء الله على الأرض وفي السماء، وتواصل الدولة معهم سوياً عملية ترميم الكنائس ولوحاتها الفنية – الدينية على يد الفنيين المَهرة، وبإرسال الصور ذات المحتوى الديني وغيرها من الكنوز إلى خارج البلاد أيضاً لترميمها بعناية متخصصين أجانب، ضمنهم مَن هم يتبعون لكنائس وهيئات خاصة في هذا المجال. والجدير بالذكر أن وسائل الإعلام الأذربيجانية، وشاشات محطاتها التلفزيونية الناطقة باللغتين الأذرية والروسية، تواصل هذه الأيام، كما كانت دائماً على مدار الزمن السابق، عرض تصريحات مختلف رجالات الدين، وتجري اللقاءات الوجاهية معهم، إذ يتحدثون مباشرة عن واقع المسيحيين الأذريين، ويدعون نظراءهم المسيحيين في العَالم، كما هو الأمر بالنسبة لمسلمي هذه الدولة، مشاركة إخوتهم الأذريين احتفاءاتهم بالأعياد والمناسبات الدينية، والتقارب وإقامة العلاقات الثنائية والشاملة، لنقل العلاقات إلى المستويين الثنائي والعالمي بامتياز، ولتكون عاملًا لتقارب الشعوب وتفاهمها العميق، بعيدًا عن الحروب والنزاعات والبغضاء، ولأجل توطين السِّلم الشامل والاجتماعي والتقارب والتفاهم الفِعلي واليومي بين بني الإنسان جميعاً.
شخصياً، أنشط في حوار الأديان والحضارات، ومنغمس يومياً في الصحافة والإعلام الكنسي والعام، ولي فيه جولات وصولات وبصمات منذ القِدم وحتى اللحظة على مستوى محلي وأُممي. ولهذا، وفي هذا الحقل، لفتت انتباهي ظاهِرة شساعة العمل الأذربيجاني على المستوى الرسمي في فضاء حماية حقوق المواطنين عموماً، وفي سياقها الدفاع عن حقوق المؤمنين بالله وحريات الذين ينتمون إلى شتَّى النِّحَل والمِلَل، وأتمنى أن أرى بأُم عيني كل هذا وغيره من التميز الديني في أذربيجان، لزيارة إلى باكو ومناطقها المختلفة، لأنقل بقلمي مشاهداتي للرأي العام العربي والأجنبي.
أثارت إعجابي على وجه الخصوص تصريحات الرئيس إلهام علييف بشأن المسيحيين والآثار المسيحية في بلاده، فقذ نوَّه الرئيس إلى أن "كل المعابد في أذربيجان هي كنز تاريخي، إذ تستضيف باكو كل عام منتدى باكو الإنساني ومنتدى الحوار بين الثقافات، ونعقِد في باكو كذلك قِمَم الزعماء والنشطاء الدينيين العالميين، ونحن نعمل عن كثب مع اليونسكو"، ويدعو الرئيس وفود اليونسكو وغيرها من المنظمات لزياره أذربيجان للاطلاع عن كثب على أعمال ترميم الكنائس بخاصةٍ تلك التي تم تدميرها من جانب الاحتلال الأجنبي خلال الثلاثين عاماً الماضية. وفي هذا الصَّدَد لاحقتُ وطالعتُ في شريط أخبار وكالة أنباء "أذرتاج" الحكومية الأذربيجانية، إشادات قداسة بابا الفاتيكان فرنسيس خلال زيارة سابقة له إلى باكو، بالسماحة والتسامح الديني والتعدديَّة الثقافية في أذربيجان. وفي خطاب رسمي له خلال زيارة سابقة إلى باكو، أشاد بطريرك عُموم موسكو وسائر الروسيا للكنيسة الأرثوذكسية الروسية كيريل، بالعمل المُنجَز في أذربيجان حِيال الكنائس التي زارها، كل هذا وغيره يدفع بالرئيس علييف لمواصلة دعوة القادة الدينيين لزيارة أذربيجان، والتجوال فيها، وعَقد مؤتمراتهم في أصقاعها. فإلى أذربيجان ننتظر مشاهدة شعبها ومؤمنيها ويومياتها.