الكَهرُباء.. جُبَاةٌ وعَدَّادَات ومُشْتَركون!
الأكاديمي مروان سوداح
أعتقد وإلى جانبي مَن يؤيد فكرتي، بأن بقاء اعتماد جُبَاة من شركات الكهرباء للدوران بين البيوت في الصيف القائظ، وخلال برد الشتاء القارص، وعلى مدار الأعوام والعُقود، لجَمعِ القراءات من عَدَّادَات الكهرباء، صار في طي الأزمان المُنتهية، فدولٌ متطورة كثيرة وإلى جانبها عربية ونامية أصبحت توفِّر الكهرباء لمواطنيها من خلال "بطاقات طاقة"، مشابهة لبطاقات الهاتف الذكي، الموبايل، وهي آلية أصلح وتناسب عصرنا، عصر التكنولوجيا العالية والرفيعة وزمن اختصار الوقت والجهد، إضافة إلى التنظيم الأفضل والأرقى لعملية توزيع الكهرباء على المُستهلِكِين، وضمان وصول الاستحقاقات المالية لشركات الكهرباء.
شخصيًا، لست خبيرًا في هذا المجال، لكنني أعتقد كمواطن مُحب لوطني، بأن التطور التكنولوجي إنَّما يُحتم علينا السير الحثيث في مسربه، وتَبَنِّي الاختراعات الجديدة التي من شأنها توفير الوَقت والجُهد والمَال والأعمال على الجميع، وضمان الدفع الفوري عن استهلاك الكهرباء للشركات المَعنية، بخاصة في زمن كورونا، الذي يُعاني فيه الجميع ماليًا واجتماعيًا ومعنويًا، وفي غيرها من المجالات.
قبل فترة قصيرة، حدَّثني العديد من أصدقائي المِصريين عن "نقلة نوعية في مجال الطاقة"، يجري توسيع وتأصيل تطبيقها بنجاح منقطع النظير في المجتمع المِصري الشقيق، إذ اعتمدت جمهورية مِصر العربية "بطاقات الكهرباء"، وبمختلف الأثمان المُتاحة لشتى فئات وطبقات وشرائح المجتمع في المدن والقرى والأرياف والنواحي. لقد استمعت لأصدقائي بشغف وببالغ الاهتمام، لأنه لم يَسبق لي معرفة هذا الشكل الناجع من "التوزيع الكهربائي" العَادل، الذي يَضمن للجميع دون أي استثناء حقوقهم الطاقيَّة والماليَّة، ويُنهي إلى غير رجعة "تقليد الجُباة" الذي أصبح قديمًا وعفا عليه الزمن، ليتم إعادة توظيفهم في مسارب موازية، على سبيل المِثال في الكشف الدوري على صلاحية عَدَّادَات الكهرباء، وفي غيرها من الشؤون، وبذلك نضمَن حقوقهم في استمرار العيش الكريم لهم.
عَدَدٌ من أصدقائي المواطنين، يُحدثوني بين حين وحين عن جُباةٍ لا يَحضرون إلى بيوتهم "لأخذ قراءات العَدَّادَات"، وعن غيرهم مِمَّنْ لا يَعودون في ذات الشهر إلى تلك المَسَاكِن والشِّقق التي يَخرج منها أهلها يوميًا إلى أماكن عملهم، إذ لا يمكن لهم البقاء في منازلهم انتظارًا لـِ"جابي" كهرباء أو ماء قد يَدلف إليهم أو قد لا يَأتي، لِمَا في ذلك من سلبيات عِدَّة تنعكس عليهم في مواقعهم الوظيفية.
من الأحْدَاث التي حَدَثت معي في "مجال الكهرباء والجُباة"، أن أحد الجُباة حضر إلى شقتي في ساعة من يومٍ من أيام الآحاد، حيث كُنَّا خلاله نحن العائلة برمّتها في الكنيسة للصَلاة التي استمرت لساعة ونصف الساعة، وبعد عودتنا للمنزل عَلِمنا بحضوره، لذلك فإن الجابي لم يتمكن بالطبع من الدخول إلى العمارة حيث توجد ساعات الكهرباء في منزل موصد الأبواب. وبعد عِلمي بالأمر، اتصلت معه، فأكد حضوره وعدم وجود مَن يفتح له الباب. دعوته للعودة لأخذ القراءة، لكنه لم يَعد للآن!
بالطبع، المُحَصِّل لا يستطيع العودة عدة مرات لبيوت وعَمَائِر تخلو من أهلها في ساعات أعمالهم وصلواتهم وانشغالاتهم الخارجية. وبذلك، تستمر مُعَاناة طرفي المعادلة في مسألة حان إيجاد الحَل لها، ومن تلكم الحلول الأسهل، دمجنا في مَسار التقدم التقني العالمي الهائل، وإسناد الآلية التفكيكية الجديدة والمُبتكَرة لمُعضِلة "الجابي البشري" وعمله المُضني والخَطر أحيانًا، من خلال إقرار تركيب "العَدَّادَات الذكية" التي يتم شحنها بالبطاقات المَدفوعة سلفًا، مَا مِن شأنه توفير الراحة للجميع، وسلاسة الدفع المَالي "الكامل" "للخدمة الكهربائية"، "في وقته بالضبط".