مصنع "رب البندورة" بالاغوار.. "الخصخصة" اغلقته ومطالب باعادة تشغيله
"الزراعة": نتمنى أن تعود صناعة رب البندورة ونحاول ذلك بتقديم تسهيلات للقطاع الخاص
عبندة يطالب بإعادة فتح المصنع وإشراك المزارعين في ملكيته وإدارته
الانباط - فرح موسى
يُعد الأردن من أوائل دول العالم في إنتاج البندورة، وهي متوفرة على مدار العام، بسبب المناخ، والتربة الملائمة لزراعة هذا المنتج، ويزيد إنتاج الأردن من هذه المادة في فصل الصيف، ويصبح الفائض عن الحاجة كبيراً وحاجة السوق المحلي لا تستوعب نصف الإنتاج، ولإغلاق الحدود لأسباب متعددة، يصبح هناك معاناة شديدة يواجهها المزارع الأردني، تتمثل بعملية تصريف فائض إنتاجه من البندورة، علماً بأن المصنع الوحيد في وادي الأردن الذي تم بيعه، وإغلاقه كان يستوعب كامل الفائض عن حاجة السوق المحلي، منذ (20) عاماً مضت.
مساعد أمين عام وزارة الزراعة للثروة النباتية الدكتور محمود ربابعه ، قال؛ حدثت تغييرات في السياسات العامة للدولة في بداية التسعينات، ومصنع رب البندورة تأثر كثيراً، إذ أنه نتيجة تغير السياسات انتقل دور الحكومة الى الرقابة، والتنظيم، وبالتالي خرجت الدولة من كل الأنشطة الإنتقالية الإنتاجية، وتركت هذه الأعمال الى القطاع الخاص.
واضاف ربابعة لـ"الانباط"، هذا ما يسمى بالخصخصة، ومن ضمن عملية الخصخصة، هو تخصيص كافة المؤسسات الإنتاجية التي تملكها الحكومة الى القطاع الخاص، ومن ضمنها مشروع مصنع رب البندورة الذي تم شرائه من قبل مجموعة من المستثمرين في القطاع الخاص، وتم تشغيله في بداية الفترة، لكن ثبت للقطاع الخاص عدم جدواه، وتم تحويله بعد ذلك الى مصنع تجهيز لرب البندورة، وهذا يعني استيراد مواد خام ليتم إعادة تعبئتها، وكان السوق المستهدف هو السوق العراقي، الذي يعتبر من أكبر الأسواق العربية استهلاكاً للبندورة، وبالرغم من ذلك لم ينجح هذا المصنع.
واوضح، القطاع الخاص هدفه الأساسي الأول والأخير هو تحقيق الأرباح، وإذا لم يتحقق ذلك، لا ينفذ القطاع الخاص هذا النشاط، وبالتالي قرر القطاع الخاص إيقاف العمل بهذا المشروع في الفترة الاخيرة، ولاحقا أصبح هناك مطالبات بإعادة تشغيل المشروع، لكن يجب أن نعرف ان هذا المشروع، ليس ملك للحكومة، وأنه عائد للقطاع الخاص، الذي اوقفه في نهاية التسعينات تقريباً، ونتحدث عن فترة تقارب (٢٥) سنة، وبالتالي، أصبحت عملية إعادة تشغيل المشروع مكلفة جداً.
أما الخيارات الأخرى، فكانت؛ إنشاء مصنع جديد لرب البندورة، ونحن- يضيف لربابعة-، نحاول في وزارة الزراعة أن نبني، وبالشراكة مع القطاع الخاص من خلال تأمين البنية التحتية: الهناجر، وخدمات البنية التحتيه كاملة للموقع في الأغوار الجنوبية، ويقدم للقطاع الخاص مجاناً لمدة خمس سنوات استثمار لمحصول رب البندورة، وهناك مستثمرين، ومهتمين بهذا الموضوع، وإن شاء الله نتمنى أن تعود صناعة رب البندورة الى الأردن، لكن ليست وفق المعايير التي كانت في السابق، إنما وفق معايير اقتصادية، لأنها الضامن لديمومة العمل، ويتم الاستفادة منها لكل المجتمع، سواءً مزارعين، أو مستهلكين، أو مستثمرين.
بدوره، قال المهندس الزراعي ماجد عبندة رئيس مجلس فرع إربد لنقابة المهندسين الزراعيين، كان مصنع رب البندورة الموجود في لواء دير علا، يتبع للشركة الاردنية لتسويق وتصنيع المنتوجات الزراعية (امبكو)، وقد انشئ هذا المصنع في الثمانينات من القرن الماضي، وكان يستوعب كافة الكميات الفائضة عن انتاج البندورة، إذ بلغت قدرته التشغيلية (٥٠٠ - ١٠٠٠) طن يومياً، وكان يصدر الإنتاج المركز الى العراق، وبعض الدول العربية، بواسطة براميل، أو أكياس بلاستيكية مقواة، لكن ضمن سياسة الحكومة للخصخصة تم بيع هذا المصنع لمستثمر عراقي، إلا أنه قام باغلاق المصنع، ولم يعد يستوعب أي شيء من الإنتاج الفائض، إضافة الى تسريح العمال والموظفين، ودخل الأردن مرحلة جديدة في استيراد رب البندورة من الخارج.
واضاف؛ لمصنع العارضة ميزة مهمة تفوق غيره من المصانع الأردنية، اذ إنه في قلب الأغوار، لذلك لم يكن المزارع يتكلف أجور نقل الى عمان، والمفرق، لنقل إنتاجه للمصانع هناك، كما أنه عمل على توظيف العديد من أبناء المنطقة، مشددا على أنه بات من الضروري إعادة فتح المصنع، ودراسة إمكانية صيانته، أو تجديده، وإشراك المزارعين في ملكيته، وإدارته، إضافة الى التوسع في خطوط الإنتاج، ليشمل أصنافاً مختلفة غير صناعة البندورة.
المهندس سهم الطراونة مدير عام شركة الواحات للتنمية والتدريب، قال: يعتبر الأردن من الدول المهمة في انتاج البندورة حيث يبلغ انتاجها السنوي اكثر من (750) ألف طن سنوياً، ويعاني هذا الإنتاج من مشاكل تسويقية كبيرة، خصوصاً إذا تلاقت المواسم، أو تبعاً للأوضاع السياسية في الدول المحيطة بالأردن.
ولهذا السبب تحاول وزارة الزراعة تخفيض هذا الإنتاج، لتخفيف الخسائر التي يتكبدها المزارعين عن طريق تنويع الزراعات، وإدخال زراعات جديدة.
وأضاف؛ خلال الثمانينات، قامت الحكومة بإنشاء مصانع لاستيعاب فائض الإنتاج من خلال الشركة الأردنية لتسويق وتصنيع المنتجات الزراعية (امبكو)، والتي قامت بانشاء ثلاثة مصانع، أهمها مصنع دير علا ضمن مجمع العارضة الصناعي، ومصنع الأغوار الجنوبية، غور الصافي وآخر في المفرق، إلا أن الشركة تكبدت خسائر كبيرة خلال السنوات الماضية من عمرها، إذ كانت الحكومة تدعم هذه الشركة بشكل مباشر، وخصصت لها مصادر تمويل متعددة، ومجال للاقتراض، لكن مع زيادة الديون، وعدم تحقيق أرباح كفاية، ونتيجة حتمية لسوء الإدارة؛ تم خصخصة الشركة.
وأضاف الطراونة خلال حديثه ل "الانباط" في البداية تم إغلاق مصنع غور الصافي في بداية الألفية الحالية، ومن ثم تم إعلان بيع الشركة كاملة لمستثمر عراقي الذي في النهاية لم يستطع ان يفي بالالتزامات المالية المترتبة على الشركة، وكنتيجة لهذا الإجراء، وبسبب الإغلاقات الطويلة للمصنع، تلفت المعدات، وتم بيع خطوط الإنتاج في مصنع غور الصافي، وأصبحت صيانة المعدات في مصنع العارضة مكلفة جداً، ولا يمكن تشغيله.
ونتيجة للمشاكل التسويقية وغيرها، يطالب المزارعون بإعادة افتتاح مصنع البندورة، للتخفيف من الاختناقات التسويقية، إلا أن هناك أمور فنية كبيرة تعيق مثل هذا الاقنراح أهمها، حالة مصنع العارضة الحالية، وخروج خطوط الإنتاج من الخدمة، وحاجة المصنع لاستكمال الإجراءات القانونية لاعادة ملكيته، ولكي ينجح المصنع، يجب استخدام نوع بندورة نسبة التصافي فيه مرتفعة، إذ أن الأصناف التي تزرع حالياً غير مناسبة، وترفع كلف الإنتاج، وبالتالي عدم قدرة المصنع على المنافسة في الأسواق.
كما يحتاج المصنع الى التزام المزارعين في توريد البندورة، وذلك من خلال زراعات تعاقدية ملزمة، ومن خلال التجارب السابقة، زادت الأسعار لعدم التزام المزارعين بتوريد الإنتاج للمصنع.
من جهته، المزارع أحمد عبد النعيم قال: إن البندورة أساسية في غذائنا، ولا غنى عنها، وتنتج على مدار السنة في منطقة الأغوار، وفي المناطق الصحراوية، وهذه المادة رقم واحد بين انتاج الخضروات في الأردن، لكن، وللأسف زاد الأمر سوءً بالنسبة لمزارعي البندورة، بسبب إغلاق الحدود، والحروب، واخيرا بسبب جائحة كورونا، وقد انعكس إغلاق مصنع رب البندورة، سلباً على حياة المزارع، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا تم بيع مصنع رب البندورة في وادي الأردن، لأحد المستثمرين العرب، ولماذا تم إغلاقه فوراً، ولم يتم تشغيله منذ بيعه، علماً أن هذا المصنع كان يستوعب كامل الإنتاج الزائد، والفائض عن الحاجة من البندورة.