مؤتمر بناء سردية وطنية لتاريخ فلسطين والمنطقة يختتم جلساته

 تُختتم مساء اليوم السبت، فعاليات مؤتمر "توجهات جديدة نحو بناء سردية وطنية لتاريخ فلسطين والمنطقة"، الذي افتتحته وزارة الثقافة الفلسطينية في فندق اللاند مارك بعمان أول أمس الخميس.
وحملت الجلسة الأولى صباح اليوم عنوان "الخطاب السياسي الفلسطيني ما بعد النكبة"، وأدارها الدكتور فاروق العمد، وشارك بها الأسير المحرر والباحث في الصراع العربي الاسرائيلي نواف الزرو، ومدير وحدة الأبحاث في معهد فلسطين لأبحاث الأمن القومي والأستاذ المساعد في جامعة فلسطين الأهلية رمزي عودة، وأستاذة العلوم السياسية في كلية القدس آمنة بدران، والمؤرخ والباحث في علوم الحضارات والأديان خزعل الماجدي.
وقال الزرو في ورقته النقاشية "تطوّرات المشهد الفلسطيني من النكبة وحتى 2021"، انه في المشهد الفلسطيني-السياسي- الصراعي نتابع حربًا صهيونية شرسة متواصلة بلا كلل أو ملل على الأرض الفلسطينية للاستيلاء عليها بالكامل من بحرها إلى نهرها، ويغطون ذلك بنصوص توراتية بالادعاء بأن هذه "أرض الميعاد-لهم-"، كما يشنون حربًا شرسة أخرى على التاريخ الفلسطيني وعلى الرواية الفلسطينية، فهم في الكيان يعملون منذ البدايات على "اختراع وشرعنة إسرائيل، وعلى اختراع سردية صهيونية" لإسكات الزمن العربي الفلسطيني بكل معانيه ورموزه ومعالمه ومضامينه التاريخية والحضارية، لأنهم يدركون تمامًا أن المعركة بيننا وبينهم هي في الحاصل "إما نكون أو لا نكون".
من جهته، أوضح عودة في ورقته النقاشية "السردية التاريخية في بنية الخطاب السياسي الفلسطيني: دراسة مقارنة بين الخطابين العلماني والإسلامي"، أنه "في الوقت الذي لم تشر نتائج غالبية الدراسات الاركيولوجية الى إثبات الروايات التوراتية بما فيها رواية الهيكل، وهو الأمر الذي حدا بأحد أبرز علماء التاريخ القديم في اسرائيل - وهو فلنكشتاين- إلى إنكار وجود الهيكل في الحقيقة التاريخية الأركيولوجية، فما زالت هذه الأساطير التوراتية تسيطر على الوعي واللاشعور العربي في كتابة التاريخ القديم لفلسطين، بالشكل الذي يدلل حتمًا على غياب سردية تاريخية أركيولوجية متفق عليها عربيًا وفلسطينيًا تكون قادرة على تفكيك أسطورية الرواية التوراتية القديمة التي استخدمتها الحركة الصهيونية في خلق دولة إسرائيل على حد تعبير "كيت وايتلام" في كتابة "اختلاق إسرائيل القديمة: شطب التاريخ الفلسطيني". وفي ورقتها النقاشية "المعوقات التي تعترض تطوير سردية علمية ووطنية موحدة"، أشارت بدران إلى أنه "بالرغم من الإجماع الفلسطيني على الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني نتيجة المشروع الصهيوني وقيام دولة "إسرائيل" على أرض فلسطين، الأمر الذي أدى إلى إنكار الحق الفلسطيني بالاستقلال والحرية من الاستعمار، إلا أن مثقفي ومؤرخي وسياسيي فلسطين، لم يحققوا إجماعًا على نقاط رئيسة في الرواية أو السردية التاريخية- للسياسية الفلسطينية خلال الفترة الممتدة من نهاية القرن التاسع عشر وحتى الآن. من جانبه، لفت الماجدي في ورقته النقاشية "مدن العصر البرونزي في فلسطين 3200 – 1200 ق.م"، إلى أن العصر البرونزي ينقسم في فلسطين إلى ثلاث مراحل فرعية هي (المبكر، الأوسط، والمتأخر)، وينقسم كل من هذه إلى أدوار متراتبة، موضحا ان أنماطا مختلفة من المدن الفلسطينية ظهرت في هذه المراحل والأدوار، والبحث يرصد ظهورها وتطورها وصفات كل منها، ويحاول التقاط النسق الذي يربطها، وظهرت أول المدن الفلسطينية في العصر البرونزي المبكر كمدن دفاعية ذات أسوار لتحصينها ضد هجوم الأقوام والشعوب الغازية".
وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "المشهد الطبيعي ونباتات فلسطين" وأدارتها الدكتورة لينا شبيب، وشارك فيها كلّ من أستاذ الأحياء في جامعة بيت لحم ومدير مركز اليونسكو للتكنولوجيا الحيوية عمر دار عيسى، والمدير المتطوع لمعهد فلسطين للتنوع الحيوي والاستدامة ومتحف فلسطين للتاريخ مازن قمصية، وأستاذ علم الاجتماع والباحث في معهد الدراسات الفلسطينية سليم تماري، والباحث البيئي في التراث الفلسطيني خالد حسين.
وأشار عمر في ورقته "دور المستشرقين وبنوك البذور البلدية في الحفاظ على الأنواع والأصناف الفلسطينية ومسمياتها العربية في فلسطين"، إلى أن كثيرا من العلماء الأوروبيين درسوا نباتات فلسطين وأعطوها أسماء غالبًا ما كانت تحوي اسم المنطقة أو المدينة التي اكتشف فيها، وسمي لأول مرة.
وأضاف" لأن تلك المرحلة سبقت وجود الاحتلال الإسرائيلي، نجد كلمة "فلسطين" ضمن الأسماء العلمية لكثير من النباتات، مكتوبًا باللغة المستخدمة لكتابة الأسماء العلمية الرسمية للنباتات، أي اللاتينية وبعد قيام إسرائيل عام 1948، تابع العلماء الإسرائيليون هذه الدراسات وسميت الأنواع المكتشفة بعد النكبة بأسماء إسرائيلية باللاتينية. من جهته، بيّن مازن قمصية في ورقته النقاشية "كيفية مواجهة طمس وتدمير الاستعمار للتراث الطبيعي والثقافي في فلسطين"، أن "فلسطين جزء من الهلال الخصيب حيث طور الإنسان الزراعة لأول مرة: من تدجين النباتات والحيوانات منذ حوالي 12 ألف عام، والانتقال من الصيد والقطف إلى الاقتصاد الزراعي والرعوي ما سمح بتنمية السكان وتكوين المدن والقرى ...فعاش أسلافنا الكنعانيون في وئام مع الطبيعة، وكان لفلسطين تنوع غني: في المجتمعات البشرية والمجتمعات الطبيعية".
وفي ورقته "علم الآثار التوراتي والصراع على أراضي تل الجزر/ أبو شوشة"، عالج سليم تماري علاقة فلاحي منطقة الرملة بمشاريع التنقيبات الأثرية في تل الجزر (چيزر) على خلفية التحول في نظام تملك الأراضي العثماني الأميرية إلى التخصيص في حقبة التنظيمات. جيزر– أو تل الجزر– وهو موقع أثري على مشارف قرية أبو شوشة المدمرة عام 1948، والتي تقع في مكان استراتيجي بين القدس والرملة ويافا.
أما خالد حسين، فأوضح في ورقته النقاشية "حكايات وأساطير الأشجار في المسارات الشبابية: تعزيز للسياحة البيئية وتكريس للهوية الوطنية الفلسطينية" أن المسارات الشبابية بدأت في السنوات الأخيرة تشق طريقها في فلسطين، كأحد المرتكزات الرئيسة للسياحة البيئية الصديقة للبيئة، وتطورت بسبب عوامل سياسية واقتصادية وثقافية تعيشها فلسطين.
وبين أن هذا النوع من السياحة الحديث بات يحظى باهتمام قطاع واسع من الشباب والمجتمعات المحلية والمؤسسات العاملة في القطاع البيئي والسياحي، لزيارة مناطق وأماكن التراث الثقافي والطبيعي للاستمتاع بالتنوع الحيوي وبالمناظر الخلابة وبالنباتات والحيوانات البرية، والمواقع التاريخية والأثرية والدينية في محاولة لإيجاد الارتباط الوجداني بين الإنسان الفلسطيني والبيئة المحلية، لأنه نشاط يرتبط بالأرض، متصل بجذور التاريخ، ومتصل بالهوية الوطنية الفلسطينية.