العجارمة يحاضر حول اللغة من منظور فلسفي تاريخي

نظمت الجمعية الفلسفية الأردنية أمس الثلاثاء محاضرة بعنوان "الفلسفة واللغة" ألقاها الدكتور أحمد العجارمة ، وأدارها الشاعر موسى حوامدة.
واستعاد العجارمة لحظة تاريخية تمتدّ بين نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين حين أصبحت اللغة موضوعاً بحدّ ذاته في حقل الفلسفة، مستعرضاً أبرز الفلاسفة المشتغلين باللغة، والموضوعات التي تبحثها فلسفة اللغة.
وأوضح أن فلسفة اللغة مثّلت في تاريخ الفلسفة حقبةً أو حداً فاصلاً بين مرحلة وأخرى، واعتبرت حقبة ثورية نوعية طبعت معظم التيارات الفلسفية بأشكال متعددة، مثل التحليلية والتأويلية والتفكيكية والتواصلية وغيرها، وسمّيت بـ "المنعطف اللغوي".
وأشار العجارمة إلى أن هذا الموضوع لم يكن غائباً في عصور سابقة، حيث اهتمّ به فلاسفة الإغريق ومنهم أفلاطون الذي أوضح موقفه من اللغة من خلال نظرية المحاكاة التي ضمّنها في كتابه "محاورة كراتيليوس"، وكذلك أرسطو الذي قدّم اللغة باعتبارها توافقا بين الناس وليست مجرد محاكاة لأصوات في الطبيعة، بالإضافة إلى ما ورد في التراث العربي الإسلامي حول تحذلق بعض الفلاسفة في استخدام اللغة وتوظيفها.
وبيّن أن مصطلح فلسفة اللغة ظهر لأول مرة عند الفيلسوف الإيطالي بينيدتو كروتشه في كتابه "محاولات في الأستطيقا" الذي صدر عام 1919، لكن مراجع عديدة تعيد بداية ظهور المصطلح إلى بداية القرن التاسع عشر في كتابات الفيلسوف البولندي هيني فرونسكي.
ولفت العجارمة إلى أن الفلاسفة أدركوا في تلك المرحلة أن أفضل طريقة لحل معظم المشكلات الفلسفية يأتي عن طريق الانتباه إلى اللغة التي صيغت بها هذه المشكلات، ونتجت بسبب غموض اللغة الذي يحتاج إلى التحليل والتبسيط.
وأشار إلى أن اللغة بدأت تُدرس كموضوع متخصص وتعيّنت حدود الفكر بحدود اللغة، التي لم يعد يُنظر إليها كمجردة أداة للتواصل والتعبير، بل اعتبرت وعاء الفكر ولا يمكن التفكير خارجها، وأصبحت المباحث اللغوية مرتبطة بشكل كبير بالمباحث المنطقية والفلسفية، ويلخصها قول الفيلسوف الألماني هيغل: "نحن لا نفكر إلا داخل الكلمات".
واهتمّت فلسفة اللغة، بحسب العجارمة، بمباحث عدّة منها: مسألة أصل اللغة ونشأتها، والعلامة اللغوية المتصلة بالرمز الصوتي والمعنى، وخصائص اللغة بين الإنسان والحيوان، والعلاقة بين اللغة والفكر وعلاقتها بالواقع، وإشكالية نظرية المعنى وتداعياتها.
وأشار الى أهمية الدور الذي لعبه الفيلسوف النمساوي لودفيغ فيتغنشتاين الذي اعتقد في مؤلفاته الأولى بأن اللغة تصوير للواقع، ثم عاد في كتاب متأخر له بالحديث عن اللغة كظاهرة زمانية مكانية، مؤكدا ضرورة فهم قواعد اللعبة اللغوية التي يتبادل خلالها الناس المعاني بحسب استخدامهم للكلمة في سياق معين، وبذلك اعتبر فيتغنشتاين اللغة جزءا من حياة المتحدثين بها، وأن المعنى يتغيّر بحسب الاستخدام والتوظيف.
--(بترا)