تغريد أبو غوش… من مضيفة طيران جوي إلى كابتن طيران استثنائي في عالم الصمود!



الأنباط - ايناس أبو شهاب

لم تكُن تغريد تُدرك أن ذكرياتها الشيّقة التي كوّنتها خلال رحلاتها الجويّة من بلد إلى آخر، ستطغى عليها ذكريات لا تُنسى مع رحلاتها الاستثنائية التي خاضتها على أرض الواقع أثناء محاربتها لمرض السرطان. 

حيث أصيبت تغريد بمرض سرطان الثدي قبل أربعة أعوام، وتحدت المرض بكل تحدي وإصرار. فكيف يمكنها أن تيأس أو حتى أن تذبل أو تنحني للمرض ولديها ابنتان بعمر الورد، هما " ألما وزينة ". فكانتا المعجزة التي جعلت تغريد تتصنع القوة إلى أن أتقنها وحوّلت الألم الذي احتل جسدها إلى جُرعة من الأمل. فلم تتساقط ثقتها بالله رغم تساقُط دموعها مراراً، وتساقُط خصال شعرها واحدة تلو الأخرى تكراراً. 

وعن شعورها أثناء رحلة علاجها قالت تغريد: "لا زلتُ أذكر ذاك اليوم تماماً، كانت عائلتي والعديد من أصدقائي بجانبي، تواجدوا معي ليقوموا بتقديم الدعم المعنوي لي. تحدثوا مُطولاً ولكني في حقيقة الأمر لم اصغي لأي كلمة، فقد كنت في عالم آخر تماماً. شعرت بأنني سأفارق الحياة وأنني على موعد مع الموت. ذاك اليوم لم أشعر بحواسي، وفقدت كُلياً احساسي، خفت كثيراً وكِدت أفقد أنفاسي. إلى أن جاءت الممرضة الفاضلة نادية المناصير من قسم الكيماوي. مازلت أذكر كلماتها التشجيعية، وهمساتها الروحانية، و دعواتها السماوية. شعرت حينها بأنها أشبه بملاك أرسله الله لكي يخفف عني الذُعر الذي اجتاحني قبل أخذي لأول جرعة كيماوي. ولن أنسى كذلك فضل الدكتورة الرائعة المتابعة لحالتي السيدة غدير عابدين، التي دعمتني كثيراً، وشجعتني على مقاومة المرض، ولم تتركني مُطلقاً، وأهدتني باروكتين (شعر مستعار) بالوقت الذي لم يكن بقُدرتي شرائهم نظراً لوضعي الصحي، والنفسي، والمادي كذلك".

وبدأت تغريد مراحل العلاج. ثمانية جرعات كيماوي خلال ثمانية أشهر، ثم أجرت عملية إزالة وزراعة، ثم أربعة وعشرون أشعه علاجية بمعدل جلسة واحدة يومياً. و رغم الوجع، لم تفقد الأمل بالله، وكانت على يقين تام بأن الإصرار هو أهم جزء في العلاج. وبعد هذه الرحلة العلاجية الشاقة تعافت تماماً وهي تعمل الآن في شركة تسويق كُبرى. وبدأت حياتها التي اقتحمها السواد تتلون من جديد. وأصبحت الآن مثالاً رائعاً للناجين من مرض السرطان، وكلماتها التحفيزية للمرضى هي بمثابة القوة المُكتسبة التي ستساعد المرضى على تخطي هذه الأزمة الصحية والحرب النفسية. فالإرادة القوية والتفاؤل يصنعان المعجزات.