عن المساعدات الاقتصادية

بلال حسن التل
     استعرضنا في المقال السابق بعض جوانب الخلل في الاقتصاد الأردني كما شرحتها ورقة جماعة عمان لحوارات المستقبل عن حالة الاقتصاد الأردني, وسنواصل في هذا المقال القراءة في هذه الورقة عن حالة الاقتصاد الأردني حيث تؤكد الورقة أن التأثير السياسي الخارجي وتقلباته شكل مكوناً أساسياً من مكونات الأزمة الاقتصادية الأردنية الدائمة، فجعلته اقتصاداً بلا هوية واضحة، وبلا شخصية مستقلة، وقد زاد من تعميق غياب الهوية والشخصية المستقلتين للاقتصاد الأردني، أنه صار وخاصة خلال السنوات الأخيرة يعاني من سيطرة تصورات مالية غريبة عن سياقة التاريخي والحضاري، وهي التصورات التي تم تسويقها بمبررات ومسميات مختلفة، لكنها في النهاية تصب في تعميق أزمته الاقتصادية، خاصه في ظل سياسة استيراد الخطط والتشريعات الاقتصادية المترجمة حرفيا، من دول ذات طبائع وتجارب مختلفة عن طبيعة وتجارب الأردنيين، ونمط حياتهم وعلاقتهم بدولتهم.
     كما تشير الورقة إلى كثرة الآثار السلبية للمساعدات الخارجية على الاقتصاد الأردني، فقد نجم عن تقلب المساعدات للاقتصاد الأردني أنه صار اقتصاد لا يملك رؤيتة الخاصة به، فكثير ما فرضت عليه رؤى الجهات المانحة، وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين، بالإضافة إلى اضطرار هذا الاقتصاد إلى مراعاة الدول المقدمة للمساعدات ورؤاها وآرائها. 
     وأكدت الورقة على أن تقلب المساعدات الخارجية حرم الاقتصاد الأردني من القدرة على إكمال الكثير من تجاربه وخططه الاقتصادية وحال دون اكتمالها، فصار اقتصاداً بلا تجارب مكتملة يمكن البناء عليها. خاصة وأنه خلال السنوات الأخيرة زاد عدد التجارب الغير مكتملة في الاقتصاد الأردني بسبب تنامي أسلوب استيراد التجارب والخطط وترجمتها، دون مراعاة الواقع الاجتماعي السائد في الأردن، وخير مثال على ذلك كله مشاريع الخصخصة التي يشكو الأردنيون آثارها الاقتصادية والاجتماعية، وقد صب ذلك كله في تعميق أزمة الاقتصاد الأردني فصار اقتصاداً منهكاً من كثرة تجاربه التي لم تكتمل... اقتصاداً لم يبنِ تجربته الذاتية ويفتقر إلى روح الريادة والإبداع والابتكار ويميل إلى المحافظة والتقليد.
    لقد أدى غياب الرؤية الخاصة للمخطط الاقتصادي الأردني، وهو الغياب الذي أدى إلى عجز حكوماته المتعاقبة عن بناء نموذج تنموي يزيد الإنتاج، خاصة في القطاعات الرئيسية، في ظل عدم مراعاة المزايا النسبية للاقتصاد الأردني، الذي يعاني من غياب قصص النجاح وغياب النموذج المؤسسي الذي يمكن أن يرشد المجتمع الأردني، كما أدى إلى غياب كامل للسياسات الاقتصادية لدى الحكومات الأردنية بالتزامن مع تفاقم أزمة المديونية العامة مع تقدم السياسة المالية الجبائية في خطط الحكومات، مما أدى إلى عدم وجود نظرة توازن بين حماية مصالح المستثمرين، وبين حماية حقوق المستهلكين.

Bilal.tall@yahoo.com