سمو الأمير الحسين بن عبدالله في مصر
الأكاديمي مروان سوداح
غرّد فخامة رئيس جمهورية مصر العربية، السيد عبدالفتاح السيسي، عبر حسابه الرسمي على "تويتر"، وذلك بعد لقائه سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، قائلًا: سعدتُ يوم أمس بلقائي مع سمو الأمير الحسين بن عبدالله، ولي عهد المملكة الأُردنية الهاشمية، والذي حلَّ ضيفاً عزيزاً على مصر للمرة الأولى.. ولقد لمِست من سمو الأمير روح الشباب الواعد والمُلِم بالقضايا المُعاصِرة للأمة وسُبل معالجتها. وأردف فخامته: ترَكَّز لقاؤنا على بحث سُبل تطوير العلاقات المشتركة بين بلدينا الشقيقين، كما توافقت الرؤى بيننا حول الملفات الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك. وأضاف، إذ أتمنى لسمو الأمير الحسين كل النجاح والتوفيق في المستقبل، أؤكد اعتزازي الدائم بالعلاقات المتميزة التي تربط مصر والأُردن على المستويين الرسمي والشعبي.
كذلك، أعجبتني بلا حدود بضع كلمات عميقة المعاني ومُعبِّرة جدًا، صاغتها إحدى الشخصيات المِصرية الشقيقة، بمناسبة زيارة صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبدالله إلى مِصر - الشقيقة الكُبرى للأُمة العربية، وهي: "كانت زيارة متميزة ومليئة بالجولات الهادفة".
زيارة سمو الأمير المُفدَّى إلى مصر المحاذية للأُردن جغرافيًا، والتي تشغلُ مكانة خاصة في قلب الوطن العربي روحيًا وتاريخًا وثقافةً وحضارةً، وفي يومياتنا العربية، وفي قلوب كل الأُردنيين، لفتت أنظار القاصي والداني، قادة العَالم وشعوبه، ذلك أنها رسالة واضحة بأن "في الأُردن ومصر شعبًا واحدًا وإن في بلدين اثنين".
زيارة سمو ولي العهد إلى مصر التي وصفها ببلد الأصالة، وجولاته في عددٍ من المرافق، ضمنها الاقتصادية والتنموية، السياحية والعسكرية المصرية، تشتمل على الكثير من الدلالات والأبعاد الهامة، وعلى وجه الخصوص زيارة سموه إلى منطقة "قناة السويس"، التي تربط قارتين ببعضهما البعض، وتتيح لحركة التجارة العالمية سهولة الربط والتبادلات بين قارات عديدة. مجال "السويس" يزخر بالمشاريع التنموية الكبرى التي حققتها مِصر ونجحت بتثبيتها بالرغم من كل التحديات والصعوبات على اختلافها، إذ أكدت مصر العظيمة بأن العواقب مهما عظمت تذللها مصر بقيادتها الفذة، وخططها العِلمية، وبُعد بصيرتها السياسية، إذ إن النجاحات المصرية في شتى المعارج تحققت خلال سنوات قصيرة بفضل حكمة الرئيس عبدالفتاح السيسي وبُعد بصيرته، وسياسته المعتدلة، ووسطيته، فهو الزعيم العربي الذي ما توقف عن لعب دور المصالحة والتقارب بين مختلف الدول والتجسير بين التوجهات السياسية والفكرية. ولذا، ولغيره الكثير من العوامل الإيجابية التي تعمل ِمصر على تفعيلها في الفضاءات كلها، غدت مسيرة الإنجاز المِصرية مِثالًا يُحتذى للدول العربية والصديقة. ولهذا، نتطلع في الأُردن إلى مزيد من التعاون والتنسيق وبخاصة الاقتصادي بين عَمّان والقاهرة، وتكثير الشراكات في مختلف القطاعات، فالشعبان يتطلعان إلى إنجاز "التكامل الاقتصادي" بين الدولتين التي تقوم بينهما علاقة إستراتيجية منذ القِدَم، لِمَا في ترجمة هذه التمنيات على أرض الواقع بأقصى سرعة، وبمؤسسية وروح تنفيذية فاعلة، من أهمية عاجلة راهنًا، وبما يخص أيضًا لزوم استئصال سلبيات جائحة كورونا واجتياز حقبتها، ولتصفيتها مستقبلًا، ولتلبية وتحقيق المتطلبات الجيوسياسية والسكانية المتزايدة، وتبريد الاحترار الدولي حِيال النزاعات، ولتنشيط الوضع السياسي بخاصة صوب القضية الفلسطينية، التي هي الأهم عربيًا ودوليًا وإسلاميًا ومسيحيًا وإنسانياً، وضرورة منحها السلام العالمي لتأمن البشرية على ذاتها من الحروب والنزاعات، إذ إن فلسطين ذات مكانة أولى في عين الله الذي أولاها جُل محبته وميَّزها بحَدبه، ومنحها حق الدور الرئيس والتأثير المباشر على مختلف قضايا البشر، والدول، وتاريخ الأرض وأسفار الإنسان.
وفي جانب مواز، من الفائدة بمكان للبلدين تنمية أوجه التعاون مع العراق في إطار آلية التعاون الثلاثي الملائمة لتبادل الرؤى إزاء الملفات المختلفة ذات الإهتمام المشترك، وبغية تكثير الاستثمارات والتشغيلات والأعمال للمواطنين في هذه الأقطار، ما يُفضي إلى تسييد السلام الشامل الدائم والثابت في عموم المنطقة العربية بعيدًا عن التطرف، وإلى جانبه نشر السلام المحلي والتوادد الاجتماعي لتذويب التفاوت الطبقي أيضًا، بعد استئصال مُسببات المواجهات أيًّا كانت ومن أيّ مصدرٍ كان.
زيارة سمو الأمير الشاب الحسين بن عبدالله الثاني لمصر فتحت عَصْرًا لافتًا في مجرى ارتباطات البلدين والعمل العربي المشترك في ملفاته المتعددة، وكذلك في تعزيز انْسِيابيَّة العلاقات في الخط العراقي المصري عبر الأُردن. وأضرع لله النجاح عربيًا في ذلك، فقد آن الأوان لجَمع الكلمة العربية، وإنهاض المشتركات الفاعلة، ونبذ الخلافات مرة وإلى الأبد، فأمامنا مساحات اقتصادية واسعة وجب استغلالها إلى أقصى حد لمصلحة الجميع، ولتوفير الكرامة الكاملة لكل أبناء الأمة العربية.