ظاهرة عابرة بحكم الظروف ؟ أم ستصبح متأصلة بحكم التراكمات ؟
د.محمد كريشان
فواجع الجريمة تهز القلوب ، وتنذر بالخطر
كاد ان يصبح وقع خبر على المسامع ( بوقوع مشاجرة عائلية او عشائرية أو حادثة قتل لمسن او شاب او فتاة او سطو او سلب ) أمرا اعتياديا غير مستغرب او مستهجن .
وبرغم فاعلية الكشف والقبض الأمنيين وما تتمتع به أجهزتنا الأمنية من قدرة وخبرة في التعامل الجنائي والأمني مع كل أصناف الجرائم البسيطة او الكبيرة المعتادة او المستحدثة الا اننا وفي الفترات الماضية بدأنا نشهد تلك الاخبار المتواترة تنقل ما لم يعهده مجتمعنا الأردني المتأصلة فيه العادات والتقاليد واحكام الدين ونواهيه التي كانت وعلى مدى عقود ضاربة في التاريخ مورثة من جيل الى جيل صمام الامن الرادع والواقي مما بتنا نشهده أو نسمع عنه.
لن نخوض في التفاصيل الجرمية ، او اشكالها ، أو دوافعها الآنية المؤدية لوقوعها ،
انما هي دعوة لإستنهاض النفوس ، وحث الجهود ،
هي دعوة موجهة لكل فرد بصفته الشخصية الفردية وبصفته الاجتماعية وبصفته الرسمية أيا كان موقعها او درجتها ،
هي دعوة لا بد ان يتردد صداها في كل بيت اردني وكل حارة وقرية ومدينة وتجمع ،
هي دعوة لا بد ان يتردد صداها في أروقة الجلسات العائلية ، وفي اللقاءات الاجتماعية ،
وان تتبناها الدولة بأجهزتها ومؤسساتها المختلفة وعلى راسها الاعلام الحكومي والاعلام الخاص ،
وان يكون للأحزاب والجمعيات والهيئات العاملة والفاعلة والمبادرات الوطنية دورها الحقيقي في تلقي هذه الدعوة وترجمتها واقعا ومنهجا يتمتع بالحرص على تنفيذه ،
هذه الدعوة التي تسلط الضوء على الخطر القادم المهدد للنسيج المجتمعي الأردني ، المهدد لمسيرة مائة عام بذلت فيها الدماء والأموال والجهود لتأسيس هذه الدولة الهاشمية الأردنية منارة بين الدول العربية والإقليمية تفخر وتقوم على ارث تاريخي تجمع على اصالته ومجده الشعوب العربية والإسلامية والعالمية .
الجريمة المتصاعدة ، والتي اخذت تتمدد وتتوزع جغرافيا ، هي الخطر الذي يتحمر جمره تحت رماد الامبالاة المجتمعية ، يغذيه بطالة تنخر عزائم الشباب ، وظروف اقتصادية ، ومستقبل مرهون بوظيفة او عمل ، وخيبات امل تلاحق الشباب حتى في احلامهم ، وفوق كل هذا وسائل التواصل الاجتماعي التي تزخر بما يغذي الإحباط الشبابي وينمي لديه الإفلاس الأخلاقي والرغبة في التقليد الجرمي .
( ساءت ملامح الزمن كثيرا !
فالجدران التي كنا نلطخها
بالطباشير والفحم / بفرح !
أمست تُلطخ بالدم / بحزن ! )
فهل سندرك جميعا رعب ما ينتظرنا ان نحن تخلينا في هذا الوقت بالذات عن مسؤليتنا الأخلاقية والاجتماعية والوطنية في كبح جماح الجريمة المتعددة الاشكال عبر تبني و اطلاق مشروع وطني تتكاتف حوله جهود الجميع للتصدي الفكري والتوعوي للجريمة .