أزمة جديدة في الصين.. مقاطعات بلا كهرباء والاقتصاد يتأثر
فيما لا تزال الصين، تعيش خلال أزمة شركة إيفرغرين الاقتصادية، شهدت ثلاث مقاطعات شمال شرقي البلاد انقطاعا مفاجئا للتيار الكهربائي، وسط تقارير عن نقص في تجهيز الطاقة أصاب المصانع في البداية، وامتد إلى المنازل.
وعلى وسال التواصل الاجتماعي، اشتكى الناس الذين يعيشون في مقاطعات لياونينغ وجيلين وهيلونغجيانغ من نقص التدفئة، والمصاعد وإشارات المرور التي لا تعمل.
نقص الفحم
وذكرت وسائل إعلام محلية فى الصين أن السبب هو ارتفاع أسعار الفحم مما يؤدى الى نقص فى الإمدادات.
ويقول موقع Oil Price إن هناك عدة أسباب لارتفاع أسعار الفحم الحراري، من بينها الإمدادات المتناقصة للأسواق العالمية، والانتعاش الاقتصادي بعد وباء كورونا، وأيضا تصاعد الخلاف التجاري مع استراليا الذي أدى إلى حالة من الكساد في تجارة الفحم، وأيضا سعي بكين للحد من انبعاثات الكربون قبل دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في فبراير المقبل.
وتستهلك الصين أكثر من 3 بلايين طن من الفحم الحراري سنويا، ولكن لا تستورد سوى نحو 7 في المائة من هذا الفحم.
وفي أكتوبر، جاء ما يقرب من 2 في المئة من مجموع الفحم الحراري المستهلك في الصين من أستراليا بسبب سعره المعقول وجودته العالية.
وهذا يعادل حوالي 50 مليون طن سنويا، وفقا للأرقام الأسترالية الرسمية، بيد أنه منذ الحظر غير الرسمي على الاستيراد من استراليا، كثفت الصين مشترياتها من الفحم من دول مثل منغوليا واندونيسيا لتلبية الطلب المحلى المتزايد .
ويعطي النوع الرئيسي من الفحم الحراري الذي اعتادت الصين على شرائه من أستراليا 5500 سعر حراري/كيلوغرام.
لكن المحللين يلاحظون أن الفحم من مصادر بديلة قد يكوم أقل جودة، وربما أقل كفاءة لإنتاج الطاقة، مما يزيد من إجهاد إمدادات الطاقة".
وفي الوقت الحالي، فإن 70 في المائة من الفحم المستورد هو من إندونيسيا، وتبلغ قيمة الطاقة فيه 3800 سعرحراري/كيلوغرام.
ويوم الاثنين قال حاكم جيلين هان جون إن المقاطعة الشمالية الشرقية التي تشهد شتاء باردا جدا ستحاول تسريع واردات الفحم الحرارى من روسيا وإندونيسيا ومنغوليا .
ودفع ارتفاع أسعار الفحم مجلس الكهرباء الصيني إلى نشر بيان يقول إنه "لضمان إمدادات الفحم الشتوية، تواصل شركات الطاقة زيادة مشتريات السوق -بغض النظر عن التكلفة- في ظل حالة الخسائر الكبيرة".
ونقل الموقع عن هيئة الإذاعة البريطانية تصريحا لإحدى شركات الطاقة قالت فيها إنها تتوقع أن يستمر انقطاع التيار الكهربائي حتى ربيع العام المقبل، وأن الانقطاعات غير المتوقعة ستصبح "الوضع الطبيعي الجديد"، غير أنه تم حذف المنشور في وقت لاحق.
وقال موقع China Macro Economy "هذا العام، الفحم نادر جدا لدرجة أنهم (الناس) يكافحون لمجرد إبقاء الأضواء مضاءة. والبعض يفشل حتى في ذلك".
ويقول الموقع إن "إجمالي مخزون الفحم الحراري المستخدم لتوليد الكهرباء والذي تحتفظ به المجموعات الست الكبرى لتوليد الطاقة في البلاد 11.31 مليون طن فقط وهو ما يعد قادرا على تلبية الطلب لفترة لا تتجاوز 15 يوما، وفقا لشركة سينلينك للأوراق المالية".
وقال الموقع إن "قلة هذه الفترة قد تكون قياسية".
ويأتي هذا التحليل في الوقت الذي يعاني فيه ثاني أكبر اقتصاد في العالم من أسوأ انقطاع للتيار الكهربائي منذ عقد من الزمان، بحسب الموقع الذي نقل عن وسائل الاعلام الرسمية قولها، الثلاثاء أن ما لا يقل عن 20 من أصل 31 ولاية في المقاطعات الصناعية قد نفذت تدابير تقنين الكهرباء في الأسابيع الأخيرة، مما أثار انزعاجا واسع النطاق بين الكثير من السكان.
في البداية، أثر نقص الطاقة على المصانع والمصنعين في جميع أنحاء البلاد، الذين اضطر العديد منهم إلى الحد من الإنتاج أو وقفه في الأسابيع الأخيرة.
انقطاع سلاسل التوريد العالمية
وفي مدينة دونغوان، وهي مركز تصنيع رئيسي بالقرب من هونغ كونغ، استأجر مصنع للأحذية يعمل فيه 300 عامل مولدا كهربائيا الأسبوع الماضي مقابل 10 آلاف دولار شهريا لضمان استمرار العمل، مما أدى إلى ارتفاع كبير في تكاليف التشغيل.
ونقل موقع Oil Price عن، جاك تانغ، المدير العام للمصنع قوله إن "هذا العام هو اسوأ عام منذ افتتاح المصنع منذ ما يقرب من 20 عاما".
وحذر تقرير لموقع بلومبرغ الاقتصادي من تأثيرات انقطاع الطاقة على الصين، وعلى سلاسل التوريد العالمية.
وتوقع الاقتصاديون ان يؤدى انقطاع الانتاج فى المصانع الصينية الى زيادة في صعوبة تعافي المتاجر في الغرب من نقص البضائع الذي سببه فيروس كورونا ويمكن ان يسهم فى التضخم فى الشهور القادمة.
وأصدرت ثلاث شركات إلكترونيات تايوانية يتم تداول أسهمها بشكل عام، بما في ذلك موردان لشركة آبل وواحدة لشركة تسلا، بيانات مساء الأحد حذرت فيها من أن مصانعها كانت من بين المتضررين.
ولم يصدر
عن آبل أي تعليق فوري، في حين لم ترد تسلا على طلب التعليق.
ونقلت صحيفة "سورس بكين"، إن العديد من مزودي خدمات تعبئة الرقائق في شركتي "إنتل" و"كوالكوم" طلب منهم إغلاق المصانع في مقاطعة جيانغسو لعدة أيام.
ومن المتوقع
ومن المتوقع أن يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على إمدادات أشباه الموصلات العالمية - التي تواجه بالفعل تحديات كبيرة - إذا امتد انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الشتاء.
وقد أدت إعادة التشغيل المفاجئة للاقتصاد العالمي، بعد كورونا، إلى نقص في المكونات الرئيسية مثل رقائق الكمبيوتر وساعدت على إثارة الفوضى في خطوط الشحن العالمية.
فوضى
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، شهد السكان في بعض المدن انقطاع التيار الكهربائي بشكل متقطع أيضا، مع تصدر هاشتاج "انقطاع الكهرباء في الشمال الشرقي" وغيرها من العبارات ذات الصلة على منصة التواصل الاجتماعي Weibo التي تشبه تويتر.
ولم يتضح بعد سعة نطاق انقطاع التيار الكهربائي، لكن ما يقرب من 100 مليون شخص يعيشون فى المقاطعات الثلاث.
وفى مقاطعة لياونينغ اضطر مصنع توقفت فيه أجهزة تنقية الهواء فجأة عن العمل إلى إرسال 23 موظفا الى المستشفى مصابين بالتسمم بأول أكسيد الكربون.
كما وردت تقارير عن بعض الذين نقلوا إلى المستشفى بعد أن استخدموا المواقد في غرف سيئة التهوية للتدفئة، وأشخاص يعيشون في مبان شاهقة اضطروا إلى الصعود عشرات الطوابق على السلالم لأن مصاعدهم لا تعمل.
وقد أغلقت بعض محطات الضخ البلدية أبوابها مما دفع إحدى البلدات الى حث السكان على تخزين مياه إضافية خلال الشهور القليلة القادمة بالرغم من أنها سحبت النصيحة فيما بعد .
وأظهر أحد مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل الإعلام الصينية سيارات تسير على جانب واحد من طريق سريع مزدحم في شنيانغ في ظلام دامس، حيث تم إطفاء إشارات المرور وأضواء الشوارع.
وقالت سلطات المدينة لمنفذ بكين الإخباري إنها تشهد نقصا "هائلا" في الطاقة.
وقالت منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من المنطقة المتضررة إن الوضع يشبه العيش في كوريا الشمالية المجاورة.
وذكرت حكومة مقاطعة جيلين إنها تبذل جهودا للحصول على مزيد من الفحم من منغوليا الداخلية لمعالجة نقص الفحم.
وكما ذكر سابقا، فإن القيود المفروضة على الطاقة موجودة بالفعل بالنسبة على المصانع في 10 مقاطعات أخرى، بما في ذلك قواعد صناعية في شاندونغ وقوانغدونغ وجيانغسو.
وفيما تبقي الحكومة أسعار الكهرباء منخفضة، فإن هذا يتعارض مع سعي الصين لتقليل الاعتماد على الفحم وتقليل انبعاثات الكربون، كما أن ارتفاع أسعار الفحم يؤدي لمزيد من الخسائر بالنسبة لشركات الطاقة، التي أعلن بعضها إغلاق أبوابها "للصيانة".
وقد دفع نقص الطاقة فى جميع انحاء البلاد الاقتصاديين الى خفض تقديراتهم لنمو الصين هذا العام.
وخفضت مؤسسة نومورا المالية اليابانية توقعاتها للتوسع الاقتصادى فى الشهور الثلاثة الاخيرة من هذا العام إلى 3 فى المائة بدلا 4.4 في المائة.
وليس من الواضح إلى متى ستستمر أزمة الطاقة. وتوقع الخبراء فى الصين ان يعوض المسؤولون عن ذلك بتوجيه الكهرباء بعيدا عن الصناعات الثقيلة كثيفة الاستخدام للطاقة مثل الصلب والإسمنت والألومنيوم، وقالوا إن هذا قد يحل المشكلة.