كتب محمود الدباس.. طريقة البِليط في حل المشكلات..



قدر الله لي شراء شقة سكنية قبل عدة سنوات من صاحب اسكان لم يقم بتشطيب الشقق..
وقلت في خاطري.. اجت والله جابها.. بشطب الشقة على مزاجي.. و"بدوكرها وبقطعها" مثل ما بدي..

وبالفعل قمت بالتفاهم مع عدد من الصنايعية لتشطيب الشقة..
وسارت الامور بين شد ورخي في معظم المراحل.. ولكن وللانصاف كانت كل العراقيل او الاشكاليات تحت السيطرة..

وعندما جاء دور البِليط.. قمت بمقابلة اربعة ممن رشحهم لي اصحاب خبرة ودراية.. وتم الاتفاق مع احدهم.. على ان يكمل الشغل كاملا في ثمانية ايام..
ولم تمض ساعتين.. الا واجدني اشاهد ذلك المحترف ومعه معاونه يقومون بعمل "الشقلة" وتحديدا بداية البلاط وكم يجب ان يكون ارتفاع "الحصمة" تحتها.. وطلب مني ان احضر قلابات الحصمة.. وبالفعل في ثاني يوم كانت الحصمة مفرودة في الشقة حسب طلبه..
وبعد ان اعلمته باتمام ما طلب.. لم تمض تلك الليلة الا وهو واضع اول خط للبلاط..

وفي البوم التالي ذهبت للشقة فلم أجده.. وبعد الاتصال به.. قال لي بانه لن يتمكن من الحضور.. لان الورشة التي كانت معه.. بحاحة لثلاث ساعات عمل لانهائها.. وساحضر في الغد ان شاء الله..
وفعلا في تمام السادسة صباحا كان متواجدا في الشقة.. وانفرجت اساريري.. وعمل بشكل جيد..
وبعد يومين من العمل.. ذهبت الى الشقة صباحا.. فلم اجده.. وبعد عدة محاولات من الاتصال به.. رد علي وقال بانه يسكر في ورشة كان قد تركها قبل اسبوع.. وانه سيأتي فور الانتهاء..
ولم يمض سوى ثلاثة ايام واذا به يعاود العمل عندي..
واستمر هذا المسلسل الى حوالي الشهر.. بين الترغيب والتهديد والضحك والتعصيب..

وكنت قد طلبت مشورة احد الاصدقاء اصحاب الخبرة.. في استقدام شخص اخر ليتم العمل.. قال لي اتحداك.. فلن يدخل بِليط على شغل بِليط اخر.. وما عليك الا ان تتماشى معه..

واذكر انه في يوم كان مزاج البليط عالي.. قلت له لماذا تفعل هذا بي؟!..
قال.. نحن نعمل هكذا لنمسك الزبون.. ونستلم شغل اكثر..
قلت له.. الا تعلم بان انتاجيتك هي ضعيفة باستخدامك لهذه الطريقة؟!.. فلو انك تنهي الامور العالقة الصغيرة اول باول.. فلن يكون عليك هذا الضغط.. ولن تتعرض للنقد والتهديد.. فكم تمضي من الوقت والجهد وانت تتنقل بين هذه الورشة وتلك؟!.. وكم من الكلام السيء والمواقف المحرجة التي تتعرض لها جراء تركك الصغائر من الامور دون تسكير؟!..
فرد علي بثلاث كلمات ولم يزد..
"هيك طريقة شغلي"..

سقت هذه التجربة التي مررت بها ومر بها الكثيرون.. حتى اقول بان هناك الكثير من امورنا اكانت الرسمية او الشخصية.. نديرها بطريقة البِليط..
ونلوم انفسنا بتشعب طرق معيشتنا.. وتشتت افكارنا.. وضياع مقدراتنا.. واستنزاف طاقاتنا وجهودنا.. وتعرضنا للاحراجات والتنغيصات.. وسوء الفهم والتبرير والاثبات والنفي..

فلو اننا قمنا بتسكير كل حدث اول باول.. وانهاء موضوعه.. وعدم ترحيله من وقت لاخر.. فسوف نريح عقولنا من التفكير فيه.. واعطاء العقل والوجدان تلك المساحة من التفكير للكبير والمهم من الموضوعات لينشغل بها..

ان ابقاء اي موضوع مفتوح بحجة انه ليس بالمهم.. والالتفات الى الاهم منه.. سيبقي العقل منشغلا فيه حتى ولو لم تعلم..

وكن على يقين بانه سياتي اليوم الذي يعاود هذا الموضوع البسيط غير المغلق بالظهور.. فان كان ذلك الوقت غير مناسب.. فقد يكون لظهورة حينها الاثر السلبي الكبير.. والعواقب الوخيمة..

الشكر الجزيل لذلك البِليط الذي فتح عيني على هذا الموضوع..
ابو الليث..