الأردن الأقوى
المحامي عبد المنعم العودات
رئيس مجلس النواب
في إشارته الواضحة والصريحة للتقرير المشبوه قالها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين "ليس لدينا ما نخفيه، وهذه ليست أول مرة يتم فيها استهداف الأردن، فهناك من يريد التخريب ويبني الشكوك"، ونحن من ناحيتنا كأردنيين نعرف منذ زمن بعيد أسباب ومواعيد وأهداف الحملات التي تستهدف ملكنا ومملكتنا، ولدينا من الوعي الوطني ما يكفي للتصدي لها، مثلما فعلنا دائما على مدى قرن من الزمان.
عقدة الآخرين مع الأردن أنه احتفظ بروح الثورة العربية الكبرى ومشروعها النهضوي رغم قدرة المشروع الاستعماري على تفكيك مملكة العرب وطموحات الأمة في الاستقلال والوحدة والتقدم والنماء، ولأنه استطاع أن ينتزع نفسه من مشاريع التقسيم، ووقف سدا منيعا في وجه المشروع الصهيوني التوسعي، وحمى القدس ومقدساتها، ولأنه بقي رقما صعبا في المعادلة الإقليمية، وبلدا يحظى بالتقدير والاحترام على المستوى الدولي.
في جميع المراحل التي مر بها الأردن كان التحالف القوي والثقة المتبادلة بين الأردنيين وقيادتهم الهاشمية القاعدة الصلبة التي تحطمت عليها كل محاولات الاستهداف والأجندات الخارجية، وتلك الحقيقة لم تأت من فراغ، فالأردن الذي استطاع الصمود رغم قدراته المحدودة، وحقق من الانجازات ما لا يقدر عليه إلا من كان يتحلى بعزيمة الأردنيين وصبرهم وايمانهم يواصل مسيرته الإصلاحية ويبني موقفه القوي في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، ويدافع عن قضايا أمته، وفي مقدمتها قضية الشعب الفلسطيني الشقيق، ويعيد تشكيل الحالة القومية كي تستعيد دول شقيقة وعزيزة عليه عافيتها ودورها في التعاون والأمن والسلام.
للتقارير المشبوهة مواعيد نعرفها، فهي تطل برأسها عند كل موقف مبدأي كثباتنا على جبهة الحق في الدفاع عن القضية الفلسطينية والقدس، وهي تأتي بهذا الوقت تزامناً مع مشروع الدولة لتحديث منظومتها السياسية، وإصلاح بنيتها الاقتصادية والإدارية، وإرساء قواعد الشراكة مع عدد من الدول الشقيقة، فما كان للضامرين بهذا الوطن شراً، إلا خيار التشويه والتهويل لتبرز حملة التشكيك، يرافقها التواطؤ المنظم من أجهزة إعلامية خارجية سبق لها أن رسمت خطة "الربيع العربي" لتدمير دول عربية بعينها عن طريق بث الفرقة وإثارة النعرات الطائفية والعرقية والتطرف والإرهاب، وغيرها من الوسائل التي لم تعد خافية على كل ذي بصر وبصيرة.
ولم يكن الأردن مستثنيا من تلك الخطة الخبيثة لكنه بحكمة قيادته الهاشمية، ووعي شعبه ووطنيته الأصيلة تمكن من حماية أمنه الداخلي، وتحصين حدوده أمام قوى الشر والعدوان، بل ساهم بصورة مباشرة في الحرب على الإرهاب، وكانت شجاعته وبأسه محل تقدير وثقة اشقائه وأصدقائه في كل مكان.
يعرف الأردنيون مليكهم وجها لوجه، وقلبا لقلب، وقد كانوا وما زالوا الشاهدين على إخلاصه بل وجهاده في سبيل الحفاظ على مصالح بلدهم العليا، وصون انجازاتهم، وتحقيق أمنياتهم، وضمان مستقبل أجيالهم، وهم لا يكتفون بالأردن القوي، بل بالأردن الأكثر قوة بقيمه ومبادئه ومثله العليا، ودوره المحوري، ومكانته الإقليمية والدولية، وكلهم ثقة بأنه يمضي نحو مئوية جديدة وهو أوضح رؤية ، وأكثر ثباتا.