وثائق "بانادورا"... إستهداف مقصود والتركيز على الملك مشبوه
زهير العزه
على وقع إنجازات أردنية وتراكم نجاحات في ظل ظروف صعبة، وقيادة حكيمة من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني أخرجت الاردن من السقوط في دوامة الفوضى التي شهدها الإقليم خلال السنوات الماضية ،وخاصة خلال "موجة" ما سمي بالربيع العربي ، ومنعت إنهاء القضية الفلسطينية على حساب الشعب الفلسطيني من خلال ما سمته إدارة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب ب " صفقة القرن "، وكذلك النجاح بتعزيز التضامن العربي والعمل الدؤوب الذي قام به الملك لمساعدة سوريا للخروج من أزمتها تكللت بفتح الحدود والتعاون التجاري والعسكري والأمني لمحاربة الارهاب ،وما جرى سابقا من إجتماعات لتوسيع قاعدة التعاون بين الاردن والعراق ومصر، من خلال طرح مشروع الشام الجديد الذي سيدر خيرات كبيرة على أبناء هذه البلدان، وخاصة في حال إنضمام لبنان وسوريا لهذا المشروع ، نعم في ظل كل هذه النجاحات تأتي الهجمة التي طالت رمز البلاد جلالة الملك عبد الله الثاني .
شخصيا أنا في صفوف المعارضة الوطنية منذ ما يقارب ال 35 عاما ، ولا يستطيع أحد ما أن يزايد على مواقفي من شخصيات منظومة الحكم أو من مؤسسات كانت في بعض الاحيان سببا في تردي الخدمات المقدمة للمواطن ما يؤدي الى اثارة الغضب والسخط الشعبي ، ولكن وكما يعرف القاصي والداني أن المعارضة الوطنية الاردنية هي دوما تلتف حول القيادة الهاشمية ،وهي ليست معارضة لنظام الحكم بل للمنظومة التي تدير ملفات حياة الناس ، وهذا ما أكدته دائما وكما أكدته المعارضة بكل أطيافها القومية واليسارية والوسطية ، فنحن في الاردن نختلف عن الاخرين وخاصة عندما يتعلق الامر بقيادتنا ، فنحن معها في كل الظروف .
ومن المناسب هنا أن اشيد بسرعة الاستجابة التي عبر عنها بيانا الديوان الملكي للرد على ما نشر في وثائق"الباندورا "، فقد كانت خطوة متقدمة قطعت الالسن التي حاولت الاصطياد في المياه العكرة التي خرجت منها هذه الوثائق ، وأنا هنا اتحدث عن هذه الهجمة التي استهدفت الملك دون سواه ممن نشرت معلومات عنهم وعن ثرواتهم وهي اكبر بكثير مما يملكه الملك وخاصة الرؤساء أو القادة في هذا العالم وعلى وجه الخصوص في الممالك او الدول الخليجية ، فقد راقب القاصي والداني أن التركيز الاعلامي على جلالة الملك كان يخفي خلفه توجيه ما ،خاصة مع وجود 12 مليون وثيقة تطال قادة ورؤساء ورجال أعمل ومسؤولين حكوميين في دول عربية وغربية ودول من امريكا اللاتينية، ما يؤشر الى حملة تستهدف الاردن من خلال محاولة تضخيم موضوع عقارات في قيمتها المالية لدى كل زعماء أو قادة العالم او رجال الاعمال هي بسيطة وأبسط من كل هذا الضخ الاعلامي المضخم الذي جعل من مبلغ 106 مليون دولار وهي ثمن 14 عقارا قضية رئيسية تستحق أن تكون غلافا رئيسيا لبعض المجلات والصحف أو عناوين اخبارية لبعض القنوات الفضائية .
الملك عبد الله الثاني هو ملك وابن ملك وحفيد ملك وجده لابيه ملك واعمام جده ملوك وملك العرب الشريف الحسين بن علي هو جد جده الملك طلال رحمهم الله جميع ، وهو من عائلة ثرية ورثة عقارات واموالا في أرض الحجاز وكان لها عقارات في الدولة العثمانية ، وبالرغم من المؤامرت التي وقعت على الاسرة الهاشمية منذ أن سال الدم الهاشمي على أرض كربلاء ،الا أن ما ورثته الاسرة الهاشمية من اموال بقي وتوراثته الاجيال ، فهل يستحق كل هذا التركيز الإعلامي أن يسأل أحدهم من أين للملك هذا المبلغ الذي أشترى به هذه العقارات..!
ومرة أخرى أعيد وأكرر أنا من الذين عملوا في التحقيقات الاستقصائية سابقا، ولدي الخبرة التي تمكني من الحكم ليس على ما ينشر فقط بل على كيفية توجيه هذه الوثيقة أو تلك والتي تخص هذه الشخصية او تلك ، والامر بسيط هو أن يقوم معد التقرير النهائي بوضع من يراد التركيزعليه في الصفحة الاولى أو في نشرات الاخبار في مقدمة التقرير الاخباري وبالتالي تقوم وسائل الاعلام بتسليط الضوء على ما ينشر اولا ، وهذا فيه خبث أحيانا كثيرة ..! وهذا ما حدث في هذا التقرير .
إن الاردن مستهدف من العديد من الدول والجهات نظرا لمواقفه المنحازة للقضية الفلسطينية ،ومواقفه الاخيرة من توسيع علاقاته مع دول الاقليم وخاصة العراق ومصر ومن ثم سوريا ولبنان ، وهذا الامر يزعج دولا عديدة وفي مقدمتها الكيان "الاسرائيلي" المحتل لفلسطين وبعض العرب ،وقد واجه سابقا وتقريبا بنفس الظروف والاحداث مؤامرة ما بعد التوقيع على إتفاقية مجلس التعاون العربي والتي ضمت بالاضافة الى الاردن مصر والعراق واليمن، حيث تم ضرب الدينار الاردني " عام "88 " حينما قامت دولة خليجية بسحب الدينار من الاسواق عبر محلات الصرافة ، ومن ثم الحصار الاقتصادي، وما تبع ذلك من أزمة إقتصادية أدت الى إثارة الغضب ضد الدولة واستغلتها دولة مجاورة من أجل اثارة الناس عبر المظاهرات التي عرفت حينها ب" هبة نيسان " .
اليوم وبعد ما غدا الذم والشتم والسب والهجاء، ميزة أغلب أهل الإعلام وبلغ مستوى التفاهة عند بعض من يطلقون الاشاعات أو يعملون على تحريف الحقائق حدا يعبث بالامن والاستقرار الوطني، نذكر بهذا البيت من الشعر للامام الشافعي :
يخاطبني السفيه بكل قبح فاْكره أن أكون له مجيبا ،
يزيد سفاهة فأزيد حلما كعود زاده الاحتراق طيبا ,
وخلاصة القول انه لا بد من مراجعة لإدارة ملف الاعلام والشفافية في التعاطي مع كل ما يتم نشره من خلال العودة الى استخدام أصحاب الخبرات ، فيكفي ما تسبب به الوضع المتردي و السيء للاعلام الرسمي ، ما أدى الى إخلاء الساحة لاصحاب الكلام التافه والاجندات التخريبية ،والمفجع بالموضوع اننا قد حذرنا من ترك الساحة لهؤلاء لكن لم يستمع لنا أحد ، فهل يستمع مسؤول ما لما نقول ؟