المنسي: الحكومة تراعي مصالح "اللوبيات" المصرفية والاقتصادية ضمن اقتصاد مشوه


الانباط-عمر الكعابنة
اقتصاد السوق الاجتماعي نظام اقتصادي يتبنى اقتصاد السوق؛ لكنه يرفض الشكل الرأسمالي المطلق كما يرفض أيضا الاشتراكية الثورية، حيث يجمع القبول بالملكية الخاصة لوسائل الإنتاج والشركات الخاصة مع ضوابط حكومية تحاول تحقيق منافسة عادلة، من تقليل التضخم، وخفض معدلات البطالة، ووضع معايير لظروف العمل، وتوفير الخدمات الاجتماعية٠٠ واقتصاد السوق الاجتماعي هو النموذج الاقتصادي الأكثر انتشارا في ألمانيا والنمسا؛ والدول الإسكندنافية وبعض الدول الأخرى حسب سياسات الحزب الحاكم فيها وكل بلد حسب ظروفها الإقتصادية وطبيعة انتاجها وتنوعه. 

وائل المنسي مسؤول المشاريع في معهد السياسة والمجتمع قال لـ " الأنباط"؛ بعد المعجزة الاقتصادية الألمانية "Wirtschaftswunder" عقب الحرب العالمية الثانية، انتشر اقتصاد السوق الاجتماعي بعدها في كثير من الدول الاوربية حيث تبنته أحزاب الديمقراطية الاشتراكية وأحزاب اُخرى؛ مشيرا إلى أنه ليس مصادفة أن الدول الأقل تضررا في الأزمة الإقتصادية العالمية عام 2008 وما بعدها، كانت الدول التي تنتهج الديمقراطية الإجتماعية ومبادئ السوق الاجتماعي. 

وأضاف؛ أنه في الأردن وعبر فترات ماضية عندما أصبحت الدولة أكثر وضوحا لملامحها وتطورا في الخمسينات والستينات وما بعدها، كانت تنتهج الدولة هذه السياسة الإقتصادية رغم صغر حجم الإقتصاد الأردني، وخاصة في عهد حكومتي الشهيد وصفي التل في أول الستينات وأول السبعينات، التي كانت تشجع وسائل الإنتاج والجمعيات التعاونية والسيطرة على شركات القطاع الخاص الإنتاجي الكبرى مثل المصفاة والفوسفات والبوتاس وغيرها، لكن هذا النموذج لا يشكل إلا مقاربات محدودة مع نموذج وتطبيقات السوق الاجتماعي؛ مبينا أن الأردن تخلى تدريجيا عن هذه السياسة وأصبح ينتهج سياسات أكثر ليبرالية في العقود التي بعدها.
وأكد أنه ما تزال فجوة الدخل بين فئات المجتمع في الأردن عميقة، والسياسات المتبعة، لاسيما الضريبية منها، لا تذهب باتجاه المبدأ الذي ينادى به؛ موضحا أن ضريبة الدخل على الشرائح العليا من الدخل في دول تتبع المبدأ تصل إلى أكثر من 60 في المائة في بعض الحالات، ومقابل ضرائب الدخل المرتفعة هناك خدمات لا تضاهى في مجال التعليم والصحة، وبنية تحتية وفوقية لا مثيل لها. 
معطيا مثال على ذلك على أن الضريبة في الأردن كانت على أرباح البنوك في السبعينات ولغاية آخر التسعينات 55%، وعندما تضاعفت  أرباح البنوك بعدها لأرقام قياسية خفضت الحكومة الضريبة على ارباحها إلى 25 %؛ وبعد ما يسمى بالربيع العربي ارتفعت إلى 35%؛ وفي حكومة د. عمر الرزاز ارتفعت إلى 37%؛ مؤكدا على أن هذا مثال صارخ على مراعاة الحكومة المصالح الإقتصادية لأفراد وعائلات ولوبيات مصرفية واقتصادية ضمن إقتصاد مشوه لا تعرف له منهج واضح.

وختم المنسي حديثه مع "الأنباط" بعدة تساؤلات؛ أبرزها؛ ما هي الأسس التي على أساسها نعمل على ترجمة تلك المبادئ؟ومن هم الفاعلون الاقتصاديون والاجتماعيون في تحقيق ذلك؟ ومن استلم الحقائب الوزارية الإقتصادية الهامة أو رؤساء وزراء هم من خلفية مصرفية أو مالية؟ وليست إقتصادية بتفكير فلسفي وفهم عميق للمجتمع وتحولاته الإقتصادية والاجتماعية والسياسية والتكنولوجية ؟ خاتما أسئلته بسؤال ذو أهمية خاصة بالنسبة له؛ هل نحن مؤهلون لهذه التحولات والتغييرات الجذرية المتسارعة؟ وكيف؟ ومتى ؟