محمد علي القريوتي يكتب:-التشغيل أين يكون … حتى لا نتوه

حين ننظر للقوى العاملة في الاردن علينا أن ندرك الكثير من الحقائق ، فما هو مسجل في سجلات الضمان الاجتماعي والذي يقارب العدد 1.35 مليون مشترك نصفهم تقريبا من القطاع العام لا يشمل كافة أعداد القوى العاملة وبالاخص القوى العاملة في القطاع الخاص فمنها ما هو غير منظم وبذلك لا تدخل ضمن حسبة المنتسبين للضمان ، أما القطاع العام فكافة العاملين فيه مسجلين ، فدعونا نتحدث عن القطاع الخاص وأين نوجه البوصلة .

حسب آخر تقاريردائرة الاحصاءات العامة والمرتبطة في العاملين في القطاع الخاص وصل العدد الى ما يقارب 850 الف عامل في 170 الف منشأة تقريبا موزعة على 18 نوع نشاط ، 29% منهم يعملون في قطاع تجارة الجملة والتجزئة وإصلاح المركبات بواقع 245 الف عامل ، ويليها الصناعات التحويلية بنسبة 27 % بواقع 225 الف عامل ، ثم التعليم بنسبة 7.5% بواقع 64 الف عامل ، ويتبعها أنشطة خدمات الاقامة والطعام بنسبة 7% بواقع 57 الف عامل ، والصحة بنسبة 5% بواقع 43 الف عامل ، ثم الانشطة المالية والتأمين بنسبة 4.6% بواقع 39 الف عامل . الاهم كم تساهم القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الاجمالي فنلاحظ أن القطاعات المالية والتأمين تساهم بنسبة 20 % ، و الصناعات التحويلية والاستخراجية تساهم بنسبة 19% ، والتجارة بنسبة 10 % ، والنقل والتخزين والاتصالات بنسبة 9% والخدمات الاجتماعية والشخصية بنسبة 8.5% ، والزراعة بنسبة 5.4% ، والانشاءات بنسبة 2.2%. كل هذا الى ماذا يقودنا والى أين نتوجه ؟

ما قبل الجائحة لن يكون بعدها لا محالة ، فهناك قطاعات لن تعود كما كانت وهناك أعمال لن تستمر بنفس النهج فيما يتعلق بالتشغيل، منظومة سلاسل التوريد أحدثت ثورة التحول من المركزية الى اللامركزية أي العودة الى الاكتفاء الذاتي والاعتماد على النفس قبل الغيرفي الموارد والاعمال ، ولكن ليس بفرص العمل والتشغيل وهنا تكمن الفرصة.

حين وجه جلالة الملك السلطات المختلفة والقطاع الخاص بالتركيز على أن يكون الاردن مركز أقليمي لوجستي للمنطقة لم يأتي من فراغ،  فبعد النظر عند سيد البلاد ليس له حدود ، لذلك علينا أن نتكاتف لنستثمر هذه النظرة الثاقبة لمستقبل أفضل لبلدنا ولرفعة شأن الاردن والاردنيين . هناك قطاعات لن يكون لديها القدرة على المساهمة في نمو التشغيل وخلق فرص عمل جديدة ويكاد يكون التحدي الاساسي لها هو الحفاظ على عدد العمالة القائمة لديها ، فالقطاع المالي وقطاع التأمين سيكون التحدي الكبير له هو الموائمة بين التحرك السريع في منظومة الاشتمال المالي من ناحية والتطور التكنولوجي من ناحية اخرى ، فالبنوك الافتراضية قادمة لا محالة والخدمات الالكترونية وضعت بصماتها . قطاع الاتصالات والخدمات يواجه نفس التحدي وخصوصا بقدوم خدمات الجيل الخامس ، ولكن هذه القطاعات ستبقى مساهمتها كبيرة في الناتج المحلي الاجمالي وعوائد الخزينة . القطاع الصناعي بأنواعه سيكون له دور محوري في عمل التوازن على الرغم من التحدي التكنولوجي لان أسواقه هي العالم كله وليس محصور في منطقة جغرافية ، فكلما كبر وتوسع زادت العجلة الانتاجية وانتشرت منتجاته في مختلف دول العام فنحن ننتج 1500 سلعة مختلفة ونصدر الى 142 دولة ، وسيتبع هذا النمو القطاع التجاري كونه جزء لا يتجزأ من المنظومة ، ويرتبط بهم قطاعي النقل والخدمات بأنواعهم ، اذا فهي منظومة متكاملة للنمو والانتشار والتشغيل وخلق فرص عمل اضافية . علينا أن نستثمر في موقعنا اللوجيستي وأهمية الخدمات التي يمكن أن نقدمها للمنطقة والعالم من خلال إيجاد مراكز خدمات لوجستية سواء في الاتصالات أو سلاسل التوريد او النقل والتخزين ، ويكاد يكون تحدي التغير المناخي الذي يواجه العالم فرصة كبيرة لنا.

إهتمام ولي العهد في منطقة العقبة هي ترجمة فعلية لرؤية سيد البلاد في أهمية موقعنا اللوجيستي ومنفذنا البحري والجوي والبري وفرصتنا الذهبية في إستغلال مواردنا المختلفة ، ولما سيكون لها من آثار ايجابية مباشرة على نمو إقتصادنا وإيجاد مشاريع تنموية مختلفة تعود بالمنفعة على الاردن وخلق فرص العمل والاهم زخم التشغيل.

هذه هي البوصلة التي يجب أن توجهنا حين نتحدث عن التشغيل وخلق فرص العمل حتى لا نتوه في المتناقضات ، النمو القطاعي والتوسع الجغرافي في النشاطات الاقتصادية يجب ان يقترن بأهداف تترجم نتائجها مباشرة على الواقع وتنعكس فورا على خلق فرص العمل والحد من البطالة ، فليس هناك تحدي أهم . النمو منظومة متكاملة تتحكم بها مدخلات وينتج عنها مخرجات أهمها يجب أن يكون التشغيل وهذه أولوية .

حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمه .

m@alqaryouti.com