مختلفون ولكن قادرون "حق التمتع بالسياحة .. في ظل وجود الأشخاص ذوي الإعاقة "

مختلفون ولكن قادرون
"حق التمتع بالسياحة .. في ظل وجود الأشخاص ذوي الإعاقة "
الأنباط - سامر نايف عبد الدايم
في الوقت الذي يرفع فيه العالم كله شعار "السياحة للجميع"، ما زال هناك شريحة واسعة من الأشخاص ذوو الإعاقة غير قادرين على الحصول على حقوقهم في المجال السياحي والتمتع بالحياة بصورة طبيعية وزيارة الأماكن السياحية في أي وقت وأي مكان دون عوائق، في رغبتهم بالسفر والسياحة يقابلها العديد من التحديات والصعوبات التي يجب على الحكومات تذليلها وفتح آفاق واسعة أمام الشخص ذي الإعاقة لممارسة حياته كإنسان تتساوى حقوقه مع الشخص غير المعاق والقيام بأنشطته بشكل مرن دون عقبات، وذلك حسب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي احدى اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية الملزمة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006 ، وصادقت عليها الأردن عام 2008 ونشرتها في الجريدة الرسمية، لتصبح جزءاً من التشريع الوطني واجب التطبيق، فمن البديهي أن يتمكن أي فرد من السفر إلى أي وجهة محلية أو دولية بغض النظر عن إعاقته الجسدية أو الذهنية. 
إن الترفيه عن الشخص ذي الإعاقة ليس ترفًا، بل هو حق من حقوقه، أن يشعر بأن له الحق في الحياة مثل الشخص الغير معاق، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص للأشخاص ذوي الإعاقة، علاوةً على كونه نوع من أنواع العلاج النفسي حين نرفع عن كاهله الضغوطات ونمحي ما بداخله من أحزان، فكلما تهيأت الظروف للتمتع بمستوى أفضل من الحالة النفسية، كلما أدى ذلك إلى تحسن حالته الصحية.
وخلال الآونة الأخيرة باتت المجتمعات المعاصرة على وعي متزايد بمفهوم إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع بأهمية الاستفادة من تلك الشريحة الواسعة في تنشيط السياحة الداخلية، وسياحة الأشخاص ذوو الإعاقة أصبحت تتنامى بشكل كبير على مستوى العالم، باعتبارها ذات إنفاق عالٍ؛ لأن السائح ذو الإعاقة لن يأتي منفردًا، بل يحتاج إلى السفر في مجموعات من أسرته وأصدقائه، مما يعمل على رفع النشاط السياحي وتنمية الاقتصاد، وهي تمثل نحو 10% من إجمالي الحركة السياحية العالمية وفقًا لتقارير منظمة السياحة العالمية، بما يمثل 94 مليون سائح من إجمالي 936 مليون سائح حول العالم، وتشير تقارير البنك الدولي إلى أن نسبة الأشخاص ذوي الإعاقة تتراوح من 10 إلى 20% من نسبة السكان في كل دولة في العالم، حيث يصل عددهم في أوروبا إلى 40 مليون وفي أمريكا 54 مليونًا وروسيا 11 مليون والشرق الأوسط 30 مليونًا. ويقدر عدد هذه الشريحة من السياح في العالم العربي بنحو ثلاثة ملايين سائح عربي، إنفاقهم يقترب من 3 مليارات دولار. سياحة الأشخاص ذوي الإعاقة تتميز بزيادة إنفاقها، حيث يزيد معدل إنفاق الفرد الواحد بنسبة 30% عن السائح العادي.
وهناك العديد من الموضوعات المتعلقة بسياحة الأشخاص ذوي الإعاقة يجب أن تتم دراستها من قبل شركات السياحة والفنادق للاستفادة من هذه الشريحة الواسعة التي يتم إقصاؤها والتمييز ضدها، فغالبية الأماكن السياحية تعاني قصورًا في الإمكانيات والتي لا تتلاءم مع هذه النوعية من السياحة وأهمها الفرق المتخصصة ،وندرة المرافقين ذوي التدريب العالي فضلًا عن عدم توافر الشوارع والأرصفة المناسبة. كما أن بعض الأسر لديهم مشكلة مع ذويهم من الأشخاص ذوي الإعاقة فلا يحبذون فكرة السماح لهم بالسياحة، كما يتملكهم خوف كبير عليهم، حتى ولو كانوا متخصصين، ويرجع ذلك لعدم وجود أماكن سياحية مجهزة لاستقبالهم.
يجب أن تكون الأماكن السياحية على استعداد لاستقبال هؤلاء الأشخاص وتقدم لهم خدمات ترفيهية وسياحية عالية الجودة. والموضوع ليس إمكانيات فقط وليس تجهيزات ولكنه أيضًا التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعاً بشرياً ولا بد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقة ، فمن المهم جدًا أن تعرف كيف تتعامل مع الشخص ذي الإعاقة. لذا يجب وضع منهج يتم تعليمه في كليات السياحة، حتى يتسنى لخريجي الكليات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواع إعاقاتهم سواء شخص أصم أو شخص ضعيف السمع أو شخص ذو إعاقة جسدية أو شخص ذو إعاقة حركية أو شخص ذو إعاقة جسدية وحركية، حيث لكل حالة من الإعاقة أسلوب خاص في التعامل، مما يخرج مرشدًا سياحيًا على دراية وخبرة يدخل سوق العمل المتعطش إلى هذه الكفاءات والتخصصات.
وهناك عدة نقاط أساسية يجب توافرها لنجاح منظومة السياحة في استقطاب تلك الشريحة السياحية المهمة، منها أن تراعى الفنادق مواصفات راحة هذا السائح من منحدرات لسهولة الصعود والهبوط بدلًا من السلالم، كذلك وجود مواصفات خاصة بالغرف، والشواطئ الخاصة بها، كما يجب إعادة تجهيز المرافق الخاصة بالأماكن السياحية، مثل وجوب تخصيص مواقف لسيارات الأشخاص ذوي الإعاقة أماكن مناسبة يسهل الوصول منها وإليها ويشترط أن تكون ممرات المشاة خالية من العوائق والبروزات وأرضيتها من مواد خشنة لمنع التزحلق، مع تزويد الأرصفة بإشارات صوتية إضافة إلى الإشارات العادية، كما يراعى عند تصميم دورات المياه تخصيص جزء منها لخدمة الأشخاص المعاقين. وفيما يتعلق باللوحات الإرشادية، يجب أن يراعى في تصميمها واختيار أماكنها البساطة والوضوح وأن تكون بلون مميز، وبالنسبة للسلالم يجب أن تصمم بشكل ملائم وإضافة منحدر لتسهيل الحركة، وبالنسبة لصالات الطعام يجب أن يراعى فيها وجود فراغات كافية لحركة شخص ذو إعاقة جسدية أو شخص ذو إعاقة حركية أو شخص ذو إعاقة جسدية وحركية. كما يجب الاهتمام بالمحلات التجارية، والشواطئ، وتزويدها بإشارات مرور صوتية لشخص ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف ، وغيرها من التجهيزات، باعتبارها نموذجا لسياحة أشخاص ذوو الإعاقة ، لذلك يجب تهيئة المباني والطرق والمرافق وغيرها من الأماكن العامة والخاصة المتاحة للجمهور، ومواءمتها وفقاً ل « كودات متطلبات البناء الخاص بالمعوقين » الصادرة بموجب أحكام قانون البناء الوطني الأردني وأي معايير خاصة يصدرها أو يعتمدها المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
من جانب أخر يمكن تنشيط سياحة أشخاص ذوو الإعاقة لممارسة الألعاب التي تلائمها كتنس الطاولة والعاب القوى ومسابقات الجري بالكراسي المتحركة وكرة الجرس للأشخاص ذو إعاقة بصرية أو شخص مكفوف. 
لابد من رحلات متضمنة سياح من الأشخاص ذوي الإعاقة مما يؤدي إلى خلق تجربة سياحية تجعل السائح ذوو الإعاقة يرى المواقع السياحية من خلال عيون المرشد السياحي الذي يلعب دوارً هاماً في إنجاح هذه الرحلات من خلال اختيار بيئة صديقة تلبي احتياجاته بكافة الخدمات المقدمة في الرحلة السياحية.
إن الاهتمام بسياحة الأشخاص ذوي الإعاقة، وتعزيز تلك الثقافة في المجتمع والمساهمة في تحقيق المساواة بينهم وبين الأشخاص الآخرين وتوفير احتياجاتهم الخاصة بالأنشطة والمنتجات السياحية، يجب أن يكون هدف أساسي لدى المسؤولين أمام مسؤولياتهم لمراجعة حالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقضاء على أشكال التمييز كافةً وتحقيق المساواة في الوصول إلى الخدمات للجميع. لقد ألزم القانون وزارة السياحة والآثار وهيئة تنشيط السياحة بتضمين تعليمات تراخيص المهن السياحية المعايير الخاصة بإمكانية الوصول، وتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول في المواقع السياحية والأثرية، وتوفير نماذج ومخططات توضيحية بالأشكال الميسرة توضح المعالم الأثرية التي يتعذر على الأشخاص ذوي الإعاقة الوصول اليها، بالإضافة إلى توفير مخططات الطرق والمرافق المهيأة والنشرات والمطبوعات السياحية بأشكال ميسرة. ونحن ندعو جميع المستثمرين السياحيين والفنادق والقرى السياحية التي تحت الإنشاء حاليًا، لتنفيذ تلك الاشتراطات التي تخدم الأشخاص ذوي الإعاقة. بالإضافة الى زيادة الوعي وفهم الإعاقة على المستويات التنظيمية والمجتمعية والمؤسسية من أجل تعزيز المواقف الإيجابية تجاه الإعاقة، حيث تعتبر الوصمة أحد الأسباب الرئيسية للإقصاء والتمييز.

"إن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم من الحقوق ما لغيرهم تماماً وتحقيق المساواة في ممارسة هذه الحقوق هو أمر واجب؛ تفرضه مواثيق حقوق الإنسان والدستور، ولا بد من التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعاً بشرياً ولا بد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقة"