المسجد المملوكي الغربي.. شاهد على تاريخ اربد

  - فرح موسى

يعتبر المسجد المملوكي الموجود في وسط مدينة اربد والمعروف لدى عامة الناس بالمسجد الغربي، من اقدم مساجد المدينة، ويعد شاهداً على تاريخ المدينة الذي تحيط به العشرات من البيوت القديمة ذات الطراز المعماري الفريد.

ويوضح الناشط رئيس مبادرة إربد تقرأ محمود محسن العلاونة، إن المسجد الذي تم تشييده على نظام القبب، والعقود، من الطراز السائد آنذاك في عهد المماليك، فالسقف عبارة عن مجموعة قباب محمولة على دعامات، اضافة لوجود محراب مجوف، وغرف جانبية أضيفت إليه فيما بعد، ويقوم المسجد على عشرين عموداً، وأعمدته غير متناسقة، لأنها جُلبت من أماكن مختلفة، أما بيت الصلاة، فهو مستطيل الشكل، ويوجد للمسجد بوابتان كل منهما يؤدي الى الشارع الرئيسي، كما ويوجد له سبعة نوافذ، ومئذنة، ومنبر حديث.

 

واضاف، ان المسجد تعرض منذ سنوات لخطر الإنهيار بسبب التشققات والتصدعات، وتسرب مياه الامطار، ودخولها في أساساته الغربية، ووجود المغر والكهوف تحت أساساته ما أدى الى تصدع في المئذنة الأثرية بسبب الاهمال وعدم إجراء الترميمات، مما اضطر الوزارة الى هدمها، وبناء مئذنة جديدة مكانها مما افقده معلماً أثريا مميزاً.

وبين، ان الجهات المسؤولة قامت لاحقا بإجراء ترمميات واصلاحات لتدعيم أساساته، وإغلاق المناطق المفرغة أسفل أساسات المسجد، ووضع خرسانة للجدران المتضررة، للتأكيد أن كل أعمال الصيانة التي أجريت جاءت لإزالة الخطر عن المسجد والمصلين، وبعد ذلك تم تخصيص أماكن جديدة للوضوء، وكل هذا من شأنه أن يحافظ على ما تبقى من أماكن أثرية قديمة، ويبقى المسجد شامخاً، ومعلماً بارزاً من معالم إربد، ليوثق للأجيال القادمة؛ تاريخ مدينة، وهوية وطن.

 

 

 

من جانبه، اوضح الاعلامي تحسين التل، وهو رئيس مركز حق للتنمية السياسية وأحد الذين كتبوا عن واقع المدينة، ونشر تقارير اخبارية، أنه لا توجد معلومات كافية عن المسجد، لكن بعد البحث والتدقيق تبين أن المسجد بُني قبل ستمائة عام، خلال عهد السلطان المملوكي المؤيد أبو النصر الشيخ المحمودي الذي حكم مصر بين عام (1413 وعام 1421) ميلادي، وهو من المماليك البرجية، مضيفا ان المسجد يضم مئذنة شُيدت على غرار مآذن المساجد الشامية، ومبنى صغير الحجم بُني على نظام العقود الاسلامية.

وقال التل أنه في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، قام الشيخ مصطفى يوسف الملحم التل، وهو شيخ مشايخ الدولة العثمانية في إربد، بالطلب من الحكومة التركية السماح له بفتح صفوف دراسية في الجامع المملوكي من أجل تدريس وتعليم الأولاد القرآن الكريم والحساب واللغة العربية والتاريخ، وبالرغم من خوف الأهالي من تسجيل أولادهم في المدرسة، لاعتقادهم بان الدولة العثمانية من الممكن ان تسجلهم في الجيش التركي، وتجبرهم على الانخراط في القتال، وبرغم من تلك التخوفات، إلا أنه انتسب العشرات للمدرسة الجديدة التي افتتحها مصطفى اليوسف التل، وجاءت على شكل غرفتين دراسيتين، تتسعان لأربعين طالب إبتدائي.

 

وأضاف أنه استمر التدريس في المسجد لعدة سنوات الى ان تم الانتقال الى المدرسة التجهيزية، (مدرسة حسن كامل الصباح حاليا).