خبراء يطالبون باستثمار طاقات نزلاء مراكز الإصلاح بالقطاع الزراعي

الأنباط – مريم القاسم

تعتمد الزراعة بشكل عام على وفرة المياه والأيدي العاملة، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة البطالة الا انه لا يتم استغلال العاطلين عن العمل من قبل الجهات المعنية في الإنتاج الزراعي، ومن الفئات المهمة بالمجتمع النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل ، الذين يمكن اشراكهم في القطاع الزراعي بشكل او اخر، خاصة ان مسمى الإصلاح والتأهيل، يجب أن يكون بالدرجة الأولى للإصلاح البشري، من هنا يمكن استثمار طاقات النزلاء في اعمال الزراعة، بحيث تعود عليهم وعلى اسرهم والمجتمع بالنفع وتشعرهم بالإنجاز وأنهم جزء من المجتمع، وكرافعة من روافع النهوض بالقطاع الزراعي بكافة جوانبه اذا ما احسن استثمار طاقاتهم .

وفي هذا الصدد، يستذكر الدكتورمعتصم سعيدان وزير المياه السابق ، رؤية جلالة الملك التي وصفها بالسباقة، حيث نوه جلالته الى ما يسمى الخارطة الزراعية الملكية التي تشمل فقط أراضي الخزينة، وهي الأراضي التابعة للدولة ، حيث تم تشكيل فريق وزاري وحكومي لعمل هذه الخارطة في الأراضي التابعة للدولة، موضحا، سعيدان، انه بعد عمل دراسة تبين أن الأراضي التابعة للدولة كبيرة جدا، وأنه بالإمكان الاستفادة من طاقات النزلاء في مراكز الإصلاح و التأهيل وتشغيلهم سواء كانوا محكومين أو تحت التأهيل أو مدمنين أو المتأمل معالجتهم وشفاءهم.

وأشار أنه لا يصلح أن يقتصرعلاجهم على جرعات خفيفة من الأدوية فقط لكن من الأفضل أن يتم اشراكهم في مجالات فيها ابداع، وكما هو معروف فأن المكان الذي يحتوي على المياه والخضار يعتبر بحد ذاته علاج. وأضاف د.سعيدان أن الأراضي الصالحة للزراعة من حيث التربة و مصادر المياه تبلغ مليون و200 الف دونم تقريبا ، مبينا أن أفضل مصادر مياه تابعة لهذه الأراضي موجودة على الحدود مع سوريا والعراق والسعودية.

في ذات السياق، شدد د.سعيدان على دور المرأة في الزراعة، فالمرأة في الأغوار تعتبرعامل أساسي في مجال الزراعة، لا سيما الغارمات اللاتي عليهن قروض للبنوك من خلال إشراكهم في العملية الزراعية ومن خلالها يقمن بتسديد قروضهن.

وبالنسبة لعلاقة الزراعة بالجانب النفسي للنزلاء، وتحديدا الذين يخضعون لجلسات نفسية داخل المراكز، أوضح د. علاء الفروخ ، أخصائي علاج نفسي، أن الزراعة لها تأثيإيجابي على نفسية النزلاء وخاصة الذين ارتكبوا جريمة تحت ظرف معين، فمن المتوقع من مراكز الإصلاح والتأهيل العمل على إصلاح النفس البشرية وأن لا تشمل العقوبة فقط، وشدد على أن شعورالإنسان بالإنجاز يعود ايجابيا على صحته النفسية بعكس شعورعدم الإنجاز وشعوره بأنه معاقب ولا ينجز شيء .

وأكد د.الفروخ على أن فكرة خروج النزلاء الى مكان أكثر فساحة يعطيهم شعور بالراحة النفسية، بدلا من وجودهم دائما بين جدران السجن، وهم بالنهاية يغيرون طبيعة المكان الذي يقضون فيه كل وقتهم، لكن الأهم في هذا الأمر ترغيبهم وتشجيعهم لهذه الخطوة، وأن لا يشعروا بأنهم مجبرين على الزراعة، وذلك من خلال ربطها بالحوافز، بحيث تنعكس إيجابا على سلوكهم من حيث تخفيف مدة الحكم وهو نوع من التحفيز والحرص على العمل والإنجاز.

وفي مداخلة له اشار د. عمار القضاة، مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل ، الى التوجيه الملكي لمديرية الأمن العام بما يتعلق بالنهج الواجب اتباعه داخل المراكزعندما قال جلالة الملك "نضع نصب أعيننا تحقيق هدف هذه المؤسسات في الإصلاح وإعادة التأهيل وليس مجرد عقاب"، وأكد على أنهم يقومون بمراجعة كاملة ومستمرة لجميع البرامج الإصلاحية والتأهيلية. وأوضح القضاة أن الأنشطة التي عملت المراكزعلى التوسع شملت الفنية ، الثقافية ، الموسيقية والرياضية ، بحيث تم التركيز بشكل خاص على الفن التشكيلي ، من خلال افتتاح مرسم مجهز بكافة المعدات في مراكزإصلاح وتأهيل اربد.

بدوره، أوضح العميد المتقاعد والخبير الأمني د.حسين الطراونة، أن العمل خارج مراكز الإصلاح والتأهيل يقع على عاتق الدولة واللجنة العليا للإصلاح، من خلال تبني عمل مشروع زراعي يخصص من أراضي الدولة وخاصة الأراضي الصحراوية واستخراج بئر ارتوازي وتشغيل المحكومين بقضايا ليست خطرة وهم المحكومين بقضايا الحق العام، وأن يعملوا كعمال زراعيين ضمن الحد الأدنى من الأجور تخصص من قبل وزارة العمل ، بحيث يعمل نهارا في زراعة الأرض ويرجع ليلا الى المركز، وإذا كان سلوكه جيد بمعايير تحددها اللجنة يعطى نسبة من الإنتاج ليشعر أنه يعمل له وليس لغيره.

ويبلغ عدد مراكز الإصلاح المدنية وفقا لـ - د.الطراونة- 17 مركز، مع الأخد بعين الإعتبار بأن مركز قفقفا أعيد تشغيله مؤخرا، وأن أعداد النزلاء في مراكز الإصلاح والتأهيل بين موقوف ونزيل يبلغ 17,000، منهم 40% محكومين، 60% موقوفين، مبين أن تكلفة النزيل الواحد بين 700-750 دينار شهريا، أي ما بين 120 و 130 مليون دينار سنويا، وأشار أنه من الممكن الاستفادة من هذا المبلغ ببناء مصانع تعود بالنفع على النزلاء من خلال توفيرفرص عمل للحد من البطالة، ولا سيما النزلاء الذين يخرجون من المراكز ويرفضهم المجتمع فيحتويهم المصنع بإيجاد فرصة عمل وأيضا تساعد في التقليل من الجرائم.