عمر كلاب يكتب ..خبر مثير للغرائز

بهدوء

عمر كلاب

ليمنحني القارئ الكريم بعض سعة صدر, فلا أقصد من العنوان إثارة الغرائز او الفُحش قي القول او اللفظ, بل اقصد الغرائز الوطنية الصافية, بعد أن اثارني حدّ الريبة خبر الغاء استراليا صفقة الغواصات مع فرنسا والبالغ قيمتها 40 مليار دولار بالتمام والكمال وهناك من يقول ان الرقم اكبر, فلجهالتي او للمعتاد اردنيا, بدات بحسبة قيمة الشرط الجزائي الذي ستدفعه استراليا للجمهورية الفرنسية, وصرت اسأل نفسي لماذا كل هذا الغضب الفرنسي, فصفقة بهذا المبلغ الهائل بالضرورة تحتوي على شرط جزائي ضخم.

فحسب المعتاد الاردني, فإن عقودا او عطاءات بقيمة لا تساوي عُشر هذا المبلغ, كانت شروطه الجزائية قاصمة للظهر, فنحن بالعادة نعيش هلع الشروط الجزائية في الاردن بنفس القدر الذي تعيشه شعوب الصين وروسيا وامريكا من الحرب النووية, فكلا المسألتين كوارث قاصمة للظهر, فعطاء بقيمة 2 مليار دولار شرطه الجزائي حوالي مليار ونصف, وجلست احسب ارباح فرنسا من الشرط الجزائي, وكيف انه وفقا للحسابات الاردنية اكثر ربحا من تنفيذ العطاء ذاته, زائد توفير المواد الخام واجور العمالة والتقنيات, بل على العكس فإن فرنسا رابحة من هذه الصفقة, فلماذا الغضب واستدعاء السفراء.

أفسدت ليلة الخميس وإجازة الجمعة, وانا ابحث عن الشرط الجزائي, وكيف سيقصم ظهر استراليا, وانا شخصيا معني بذلك, قبل مواجهتنا النووية معها طبعا في ملاعب كرة القدم, وليس في البحار والمحيطات, وللاسف لم يُشفَ غليلي, فلا أحد يتحدث عن قيمة الشرط الجزائي في هكذا عطاء عملاق, نبشت كل وسائل الاعلام مستعينا بالشيخ جوجل للترجمة, وذهبت كل محاولاتي ادراج الرياح, فوزير الخارجية الفرنسي يتحدث عن طعنة في الظهر من استراليا, ويتحدث عن مسارات ديبلوماسية خشنة وتهديدات بالاقتراب من الصين وروسيا, وكذلك الاتحاد الاوروبي الذي بدأ يقارن بين ادارة الرئيس الامريكي بايدن مع سابقه ترامب.

السؤال الواجب, من أين جاء خبراء الدولة الاردنية في العقود بقصة الشرط الجزائي, ولماذا لا يخلو عقد اردني مع شركة اجنبية من قيمة عالية للشرط الجزائي حال الخروج من الاتفاقية او الغاء العطاء المجحف, وثبت مثلا ان معظم عطاءات الطاقة التي نسميها دلعا نظيفة, هي غير ذلك, مئات الاسئلة تحوم في الرأس محدثة صداعا شديدا, فهل مثلا رجال القانون الفرنسي اقل كفاءة وخبرة من رجال القانون في الاردن, علما بأننا كنا نسمع عن القانون الفرنسي والتشريعات الفرنسية التي تُعتبر مرجعا كونيا لا يُشق لها غبار.

استهجن تصريحات وزير الخارجية الفرنسية التي تحدث فيها عن طعنة في الظهر, من الغاء عطاء واحد, واطالبه بأن يكشف على ظهور الاردنيين جميعا, وحينها سيعلم ان كل الطعنات التي تلقاها هو وبلاده, بل خالد بن الوليد الذي مات وليس في جسده شبر يخلو من طعنة رمح او ضربة سيف, اقل جروحا ونُدبا من ظهر اضغر طفل اردني حديث الولادة, فظهورنا مطعونة بمئات العطاءات المجحفة وبمليارات الشروط الجزائية القاتلة, ومع ذلك فكل العطاءات ما زالت جاثمة على صدورنا, وتستنزف مواردنا وجيوبنا, ولم يشعر اي مسؤول اردني بطعنة في الظهر.

omarkallab@yahoo.com