الأعلى للسكان: 5.1% نسبة الأمية في الأردن
يشارك الأردن العالم الأربعاء، الاحتفال باليوم العالمي لمحو الأمية، والذي يصادف بتاريخ 8 أيلول من كل عام، وجاء هذا العام تحت شعار "محو الأمية من أجل تعافٍ محوره الإنسان: تضييق الفجوة الرقمية ".
ويهدف هذا اليوم إلى التركيز على التفاعل بين محو الأمية والمهارات الرقمية التي يحتاجها الشباب والكبار غير الملمّين بمهارات القراءة والكتابة، وفرصة لإعادة تصوّر مستقبل التدريس والتعلّم لأغراض محو الأميّة وذلك في غمرة جائحة فيروس كورونا وما بعد اندثارها، إذ يُعتبر محو الأمية بمثابة محرك للتنمية المستدامة، فضلاً عن كونه جزءاً متأصلاً في التعليم وشكلاً من أشكال التعلّم مدى الحياة المبنيّة على أساس الإنسانية كما هو منصوص عليه في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة " ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع" .
وبدأ الاحتفال بهذا اليوم عام 1967 بغرض تذكير المجتمع الدولي بأهمية محو الأمية وتكثيف الجهود المبذولة نحو الوصول إلى مجتمعات أكثر إلماماً بمهارات القراءة والكتابة، ويقام هذا العام وسط وجود ما لا يقل عن 773 مليون من الشباب والنساء غير قادرين على القراءة والكتابة( ثلثي هذا الرقم من النساء) وذلك على مستوى العالم.
ووفقاً للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، فقد وصلت نسبة الأمية في الوطن العربي لحوالي 21%، وبلغت بين الذكور العرب نحو 14,6%، بينما ترتفع لدى الإناث إلى 25,9%.
وأشارت الامينة العامة للمجلس الأعلى للسكان الدكتورة عبلة عماوي في بيان صحفي خاص بالمناسبة، انه وبحسب بيانات دائرة الإحصاءات العامة لعام 2020، فقد بلغت الأمية عند الإناث بنسبة 7,5% مقارنة بالذكور 2,7% للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر، فيما بلغت النسبة 29,7% للفئة العمرية 65 فأكثر (46,6% للإناث و12,9% للذكور)، وتنخفض النسبة بشكل كبير عند الفئة العمرية (15-19 سنة) والتي وصلت إلى 0,7% (0,5% للإناث و 0,9% للذكور)، كما بلغت النسبة 32% عند الإناث اللاتي يرأسهن أسرهن، و7,7% للإناث اللاتي يرأسهن أسرهن ويقل دخلهن عن 200 دينار، وبلغت 60,8% للإناث اللاتي يرأسهن أسرهن من العاملات في المهن الأولية، كما تبين أن أعلى معدلات الأمية بنسبة 8,9% كانت في محافظة معان (12,1% للإناث و 5,8% للذكور) وأدناها في محافظة إربد4,1% ( 6,6% للإناث، 1,6% للذكور)، وبلغت في محافظة العاصمة 4,2% (6,1% للإناث و2,4% للذكور)، كما بلغت النسبة في الريف 7,8% (11,5% للإناث و 4,2% للذكور) بنسبة أعلى من الحضر والبالغة 4,7% (7% للإناث و 2,5% للذكور )، مما يستدعي تكثيف الجهود لخفض نسب الامية وخاصة بين الإناث وكذلك في الأرياف والبوادي والمناطق النائية.
وبينت عماوي أن نتائج دراسة "الظروف المعيشية للاجئون السوريون في الأردن المستندة لنتائج مسح (2017-2018) للاجئين السوريين داخل وخارج المخيمات"، والتي أعدتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فافو) عام 2019، أظهرت أن 26% من اللاجئين السوريين لم يكملوا المرحلة الابتدائية، مقابل 15% من البالغين الذين تبلغ أعمارهم 20 سنة وما فوق حصلوا على شهادة الثانوية أو ما بعد الثانوية، كما أن (2% إلى 5٪) من اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم بين (18 و 22 عامًا) يلتحقون بالتعليم ما بعد الثانوي، مقارنة بـ (24% إلى 46٪) من الأردنيين في هذه الفئة العمرية.
ولفتت أن الأردن يُعدُّ واحدًا من البلدان التي قطعت شوطًا كبيرًا في مكافحة الأمية، وذلك إيماناً منه بحق التعليم للجميع حقاً أصيلاً كفله الدستور الأردني، وتحقيقاً لمبدأ تكافؤ الفرص التعليمية أمام الجميع بوصفه مرتكزاً أساسياً في قانون التربية والتعليم، مشيرة أن الأردن حقق نقلة نوعية في قطاع التعليم العام للأردنيين وغير الأردنيين، وبدأ بتنفيذ برامج محو الأمية منذ صدور الدستور الأردني عام 1952، حيث كانت نسبة الأمية آنذاك حوالي 88% إلى أن وصلت 5,1% عام 2020 للسكان الأردنيين الذين أعمارهم 15 سنة فأكثر، حيث قامت وزارة التربية والتعليم بفتح 165 مركز لتعليم الكبار ومحو الامية في مناطق مختلفة من الأرياف والبادية، بواقع 21 مركزاً للذكور و144 مركزاً للإناث.
ولفتت إلى أنه بالرغم مما أحرز من تقدم، لا تزال هناك تحديات في مجال محو الأمية، وهي تتزامن مع زيادة سريعة في الطلب على المهارات اللازمة لسوق العمل، والتي من أبرزها ظاهرة التسرب من المدارس، حيث انه وبالرغم من تحقيق مجانية التعليم وإلزاميته وشموليته لكل المواطنين حتى سن السادسة عشر، والذي انعكس على العديد من المؤشرات الوطنية ومنها، ارتفاع نسبة الالتحاق في هذه المرحلة إلى 97.8% (97.8% ذكور و 97.8% إناث) حسب التقرير الإحصائي للعام الدراسي (2019/2020)، إلا أن عدد لا باس به من الطلاب ذكوراُ وإناثاُ يتسربون من المدرسة قبل سن السادسة عشر من عمرهم، وقد بلغ العدد التراكمي لعدد المتسربين في المرحلة الأساسية خلال تسع سنوات فقط في الفترة (2011-2019) ما عدده (44120) طالب وطالبة (22715 طالب، 21405 طالبة)، مضيفة أن ذلك يشكل عائقاً رئيسياً أمام تحقيق الأهداف المنشودة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويؤثر على رأس المال البشري وانتاجيته، ويولد تكاليف اجتماعية على المجتمع لمعالجة الأثار المترتبة على مشكلة الأمية والتسرب مثل الفقر والبطالة وعمالة الأطفال وزواج الأطفال والعمل غير المنظم وانحراف الأحداث والجنوح وغيرها من المشاكل الاجتماعية.
وأضافت أن من أبرز التحديات أيضاً رفض بعض النساء الالتحاق بمراكز محو الأمية بسبب عدم تمكنها من ترك أطفالها في المنزل بمفردهم، والذي يتطلب توفير برامج الكترونية منزلية وربط شرط التحاقها ببرنامج محو الأمية بتعليمها حرفة أو صناعة يدوية ومساعدتها في تسويقها لزيادة دخلها، بالإضافة إلى الثقافة السائدة بعدم اعتبار تعليم كبار السن أولوية، وضعف الوعي بأهمية تعلم القراءة والكتابة، وخجل كبار السن للذهاب لمراكز محو الامية، وانشغالهم في العمل وعدم توفر الوقت الكافي لديهم، ولعدم توفر منصات الكترونية خاصة بمحو الأمية.
وبينت عماوي أن جائحة فيروس كورونا أسفرت عن اضطراب مسيرة تعلّم الأطفال والشباب والكبار على نحو غير مسبوق النطاق، وفاقمت أوجه عدم المساواة في الانتفاع بفرص بنّاءة لتعلّم القراءة والكتابة، كما وأدى التحول المباغت إلى التعلّم عن بعد إلى وجود الفجوة الرقمية القائمة على صعيد الاتصال بالإنترنت والبنية الأساسية، فضلاً عن القدرة على استخدام التكنولوجيا، مبينة أن بيانات دائرة الإحصاءات العامة للأعوام (2010-2017) أظهرت أن 55,6% من الإناث لا يستخدمون الانترنت مقابل 44,4 % من الذكور (15سنة فأكثر).
وأضافت أن الجائحة قد يكون لها تداعياتها، خاصة عند تعطيل الدراسة لفترات مما يؤثر سلباً على بعض المهارات التي اكتسبها الكبار، حيث غابت برامج محو أمية الكبار في العديد من البلدان ومنها الأردن عن الخطط التعليمية الأولية، كما دفع انتشار الفيروس العمال إلى التوقف عن تعلم القراءة والكتابة.
وأوصى المجلس الاعلى للسكان بعدة إجراءات لتحسين منظومة محاربة الأمية، والتنسيق مع مختلف الجهات الفاعلة في مجال محاربة هذه الظاهرة، وأهمها التنوع في أشكال التعلم والتواصل مع الطلاب مثل مقاطع الفيديو القصيرة والغنية بالمعلومات أو العينات الصوتية، ونشر كتب صوتية ومدرسية مجانية عبر الإنترنت حتى لا يتم إيقاف عمليات التعلم الخاصة بهم أثناء الأزمات والطوارئ، وإعداد برامج خاصة لفئات الشباب البالغين ضمن الفئة العمرية (15-35 سنة) غير المتعلمين أو الذين لهم مستوى قرائي متدن بهدف تمكينهم من أساسيات القراءة وتأهيلهم مهنياً، وضرورة إيجاد السبل الكفيلة بإقامة روابط فعالة بين مهارات محو الأمية والمهارات التقنية والمهنية في إطار السياسات والممارسات والنظم وإدارتها، حيث أن الطلب الجديد على المهارات والزخم الناتج عن السياق الحالي للرقمنة يتطلب ضرورة ربط برامج التدريب المهني والتقني ببرنامج محو الامية، كونه بدون معرفة القراءة والكتابة لن نصل لمستوى العمالة الماهرة، إلى جانب اهمية توفير منصة شاملة تجمع الخبراء والمعنيين بمجال محو الأمية من معظم دول العالم لتبادل الخبرات والإسهام في توفير فرص عمل للناجحين المتحررين من الأمية وتمكينهم من الإدماج الاقتصادي والاجتماعي من خلال ربط عمليات محو الأمية بالمشاريع المدرة للدخل، وكذلك الربط مع برامج الحماية الاجتماعية بحيث يتم اشتراط الالتحاق بمحو الأمية كشرط للحصول على المعونة النقدية بالتعاون مع صندوق المعونة الوطنية وصندوق الزكاة، وتشجيع مبادرات المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص، بالإضافة إلى توفير وسائط نقل صديقة لكبار السن، وتوفير الاجهزة المساندة وبما يضمن سهولة وصولهم إلى خدمات مراكز محو الامية لكبار السن، وحث الشباب على القيام بدورهم المجتمعي في القضاء على الأمية، وذلك من خلال تدريب طلاب الجامعات للعمل كمعلمين لمحو الأمية في المجتمعات المحلية، وتنفيذ حملات توعية ووعظ وارشاد لتعزيز النظرة الايجابية نحو مكافحة الأمية، وتعزيز دور وسائل الاعلام المختلفة وشبكات التواصل الاجتماعي لرفع الوعي حول أهمية الالتحاق ببرامج محو الأمية.