د.نادية حلمى تكتب:-(أخترتُ هِرُوباً مِن واقِع فِى حزم)
فارِق زمنِى بين كُلِ رِسالة لِى، وتلقِى الرد... تكفِى قرارِى بِأن أهرُبَ مِنهُم بِكُلِ الحزم
نفذتُ قرارِى، وهرُبتُ عِندَ غِرُوبِ الشمس، وأرتحت... وتذكرتُ بِأنِى كُنتُ أُقاوِم رُغم الظُلم
حاربتُ طويلاً كى لا أبقَى وحيدة، فبقيت... أتأهبُ دوماً لِطعنةِ غدرٍ مِنْ أقربِ ناسٍ كالسهم
وليس بِوِسعِى أن أبقَى كصنمٍ مِن خوفِى فِى لوم... مُخيرةٌ ما بينَ الخيبةِ والطعن، فأُطأطِأُ رأسِى أو أصمُتُ كالبُكم
أقِفُ فِى مسرح عابِر بينَ مقاعِدِ جُمهُورٍ مُتفرِج بِلا رأى... لوحتُ بيدِى مُصفِقةٌ لِجماهِيرِى فصُعِقت، كانت لا تسمع فِى صم
يقبعُ خيالِى كفرِيسة بينَ عِيُونٍ تترصدُ فِى يأس... صفقتُ لِنفسِى، لا أعرِف كيفَ أتفوه، أغلقتُ البابَ فِى وجم
أخافُ على طُولِ الخط أن أفقِد شخصاً أحببت... فتُفسد رُوحِى فِى هجر، لا أطُيقُ الفُرقة بعدَ تلاقٍ فِى يوم
يتسِعُ الثُقبُ فِى قلبِى، يُحلِقُ مِن رأسِى إلى عُمقِى... لم أدُرِك أنِى أحببت، وليس بِوِسعِى أن أتصرفَ فِى سُرعة أو حسم
صادفتُ قِناعاً يتساقط، قابلتُ وِجُوهاً تتشابه فِى خُبث... تنهمِرُ النارُ فِى صدرِى، فأُشعِلُها فِى هزم
أحتجتُ لِصفعة تُعيدُ إلىّ برمجتِى مِنْ خيبةِ ماضٍ، تُنصِفُنِى... لا نِية لِى لِأتنازلُ عن كامِلِ حقِى فِى ضيم
لم أخرُجْ بعدَ مِن أمرِى لِأعود لِرُشدِى، فأُقرِرُ فِى مهل... فحملتُ كُلَ أوجاعِى وأمتِعتِى، ومشيتُ لِتوِى أتلفتُ فِى وجم
وظللتُ أُكابِدُ بِثباتٍ ما بينَ إِستِمرارٍ وتراجُعِ بِالصد... فهُزِمتُ على واقِع حالٍ، ينظُرُ لِى فِى لُئم
لا وقتٌ عِندِى لِأتجادل، لا حاجة لِصوتٍ يُقنِعُنِى... أفتقِرُ أمانِى على عتبة ماضٍ مُبهم بِلا فِهم
أُعتِقُ ذاتِى طُولَ الوقتِ مِنْ أى ضياعٍ أو حُزن... فأُحمِيها مِن سُوءِ الحالِ، أُحرِرُها مِن الهزم
لمْ أحتجْ يوماً لِوِجُودِ العضلةِ فِى قلبِى، فيتأزم... أخشَى عليه مِنْ تِكرارِ الصدماتِ، فيتوقف فِى لجم
لا أملُكُ نبضاً فِى قلبٍ واهِن وسقِيم... أعيشُ الخوفَ مع قلبٍ بات صِمامُه يتآكل مِن إحساسٍ بِالظُلم
خالطتُ الناسَ بِلا أملٍ، فإزددتُ يقِيناً بعدَ الحين أن أبعُد... وأُبرِرُ بُعدِى لِضيقِ الوقتِ أو السقم
وذهبتُ بعيداً عن وطنِى لِكِى أبكِى... جربتُ كثيراً أن أصمُدَ لِضياعِ الحُلم، ولكِنِى فشلتُ مع العتم
هويتُ بِثِقلِى مِن قسوةِ عيشٍ فِى وطنٍ لا يرحم... لا وقتٌ عِندِى لِأتلهف، تتصاعدُ فِيه أبخِرتِى مع النوم
أشياءٌ مِنِى تتطاير، تُودُ الغوصَ إلى العُمق... أعلنتُ بِأنِى لا أقوى بقاءً فِى وطنٍ مع إحساسِى بِاليُتم
حصّنتُ النفسَ تتمرد على كُلِ شِرُوطِ القهرِ، فوجُمت... جمُدت كُل أطرافِى مِن كثرِة كذِبٍ فِى قسم
أتنقى حُزنِى بِعِناية، فأُصبِرُ نفسِى وأكتُبُه فِى بُطئ... ورسمتُ حقيقةَ أوهامِى، وبقيتُ سِنينَ فِى وجم
أتعايشُ معهُم بِشِرُورٍ بِلا خِبرةَ لِى أو نُضجٍ... قد ثار ضجِيجِى يُؤلِمهُم، ونجاحِى يلُوحُ فِى نهم
وصعدتُ لِأعلى كجِذعِ النخلِ فِى زهو... أُحاوِلُ قطفَ ثِمارِ البِذرِ مِن الجِذع، أُحرِره مِن السُم
فسقطتُ مِراراً أتوجع مِن كثرةِ رجمِى مع النزف... وتهيأ لِى أثناءَ صِعُودِى وعُلُوِى، أنِى أقترِبُ مِنَ النِجم
أتعافَى الحِينَ كى أهرُب، أبُالِغُ فِى تقدِيرِ الوقتِ كى أرحل... لا وقتاً عِندِى لِأتفاوض مع كِذِبٍ آخر فِى زخم
آمنتُ بِأن الحُرية هى طوقِ نجاتِى مع البُعد... لا أؤُذِى نفسِى، فأتجنب أن أخطُو خُطوة فِى ضيم
أتلمسُ جسدِى قبل الغفوِ مع النوم... فأعِدُ الأيامَ ثوانٍ، قد وهنَ الجسدُ وتبرم لِفداحة الجُرم
أُزيلُ غُباراً يتعفر على جسدٍ لا ينهض... وآمُلُ أن أتعافَى سرِيعاً، وأن أنفُضُ عن جسدِى الأِثم
يدُورُ حِوارٌ بينَ العقلِ مع الفِكر... فأُطالِعُ صِورَ من سبقُونِى بِنفسِ الوضع بينَ المنعِ أوِ الردم
قررتُ لِتوِى أن أرحلَ عن دارِى والأهل، فسررت... أسِيرُ طرِيقِى، أتلمسُ قدمِى على ضوءٍ خافِت مع غيم
فكتمتُ رحِيلاً يتهاوى مع هاجِسِ خوفٍ أو فِكر... وبكيتُ لا أنوِى عودة لِشقائِى مع غلقِ الفم
ووضعتُ سُوالاً مفتُوحاً، كى أهرُبُ مِنْ جزمِ الأمر... والواقِعُ أنِى أختنِقُ فِى مرارة مِنْ نقصِ الكلم
أعيشُ حياةً فِى وطنٍ آخر غيرُ السابِقِ مع اليأسِ... أستوطِنُ أرضاً، أشعُرُ بِأمانِى نحوه مع السأم
أتلفتُ حولِى فِى وِحدة، وأقولُ لعلُه خير... ولكِن الخير لا يأتِى، فالوِحدة شِفائى مِنْ دائِى والحُطّم
أتخيلُ نفسِى أنتصِرُ فِى معركتِى مع الواقِع... ولكِنى أفيقُ على سُوءِ الظرف، وضياعِ مُفتاحِ الحُلم
أعتدتُ بِأن أُفرِغُ رأسِى مِنَ حُزنِى... فأُقنِعُ نفسِى بِألا أعُودُ لِشقائِى، ولِنفسِ الماضِى بِلا عزم
أتصورُ نفسِى بِثباتِى على قدمِى، بِغيرِ الضِيقِ أوِ الهجر... ولكِن تُسيطرُ بعضُ الأفكارِ على عقلِى، تُذكِرُنِى بِالإثم
تمضِى حياتِى فِى الغُربة، ما بينَ حنينٍ للماضِى أو كدر... أختبِأُ مِنْ سِرى السابِق، لا خِيارٌ عِندِى سِوى سِهامِ الحِقدِ أوِ اللغم
أدُورُ كثيِراً كى أنسَى ثباتَ الرُوح مع الجدب... ألهثُ بحثاً عن معنَى لِذاتِى بِلا خوفٍ أو كتم
أُوهِمُ ذاتِى بِغيرِ الهدى، لِأظلُ أسيرُ على مهل... وأُطفِئُ غضبِى لِقرارِى على ضُوءِ شِمُوعٍ أو نغم
أستئذِنُ قبلَ البوحِ بِرأيى مع الغيرِ مِنْ خوفِى فِى صمت... فيتراكم حُزنِى ويتباطأ بِكُلِ الراحةِ والعِلم
أُحيكُ شِقُوقَ أثوابِى وفساتينِى أُخيطُها مِن قطع... وألبسُها فتبهِجُنِى، وتصعدُ بِى إلى أعلى رُغم الثِقل
أُرفعُ خُصلاتَ مِنْ شعرِى تتدَلى، وتتطاير فِى دفع... كانت تتمرد، وتصفعُنِى بِهواءٍ يتبعثرُ مِنْ شِدةِ لطم
أُدرِبُ نفسِى لِأتأقلم مع ألمِ الغُربة والفوضى فِى رِفق... ووعدتُ، ولم يبقْ مِنِى سِوى عجزٍ عن محوِى الماضِى أوِ النقم
هويتُ، ولم يبقْ مِنِى سِوى ذِكرَى الحربِ مع ماضٍ سحق... قاومتُ كثيراً مُضطرة، كرِهتُ وِجُوهاً تتلظَى دواماً فِى جهم
أطمحُ دوماً لِلأفضل فِى عالم آخر يتوجهُ لِى بِدعواتٍ بِها إسمِى... ويغتبِطُ لِحِضُورِى بِلا نُكرانٍ أو تقليلٍ مِنْ حجم
لا صوتاً يعلُو على سِعةِ صدرِ مقامِه، يُفكِرُ عنا فِى الأمر... أُوافِقُ أو أرفُض لا يهُم، لا رأياً لِى مع التهديدِ بِالقضم
ورُغمّ الحرب، لا أملُكُ دافِع لِلكُرهِ أوِ البُغضِ مِن شخص... قد كُنتُ أُرِيدُ حياةً فِى جنباتِ أوطانٍ، نحيا فِيها بِكُلِ هِدُوءٍ مع السِلم
لا عدلٌ يأتِى على أرضٍ لم تُنصِفْ أحداً من أى عِقابٍ أو زيف... فتُسلِبُ حقاً ينهشه بشرٌ، تهوَى المكرَ مع الظُلم
قد خُضتُ معارِك غيرَ مُضطرة فِى غدر... أحلُمُ أن أصحُو على واقِع آخر دُونَ سُؤالٍ أو خوفٍ مِنْ تحجيمٍ أو قتم
يُؤلِمُنِى حنينِى بِلا غلبة، يشتدُ وجِيعاً فِى الصدر... وغُموضٌ يلتفُ حياتِى، فأبتعِدُ عن شرِ الفِتنِ فِى عدم
أقفُ على ناصيةِ الحُلمِ فِى تأرجُح مِن طُولةِ غدر... خوفاً مِن أن يترُكُنِى، فأترُكُه بِلا ذنب، كنُطفةِ طِفلٍ فِى رحم
أًقاوِم يأسِى وإحباطِى، وأشُدُ رِحالِى فِى غم... أستطعِمُ طعمَ الحُرِية، وكأنِى أحتضِنُ ولِيدِى بِكُلِ حنانٍ كالأُم
أتبارى طوِيلاً مِن أجلِ إستِحضارِ العقل... فأرتطِمُ، وأخرُ صرِيعةَ فِى الليل، لا شئٌ باتَ يأوينِى مِنْ العصم
حررتُ النفسَ فِى الغُربة مِنْ كُلِ قِيُودٍ أو ضعف... لا أُسلِمُ عقلِى لِقطيعٍ غيرِى فيُفكِرُ نيابةَ عنِى، ويرمِى لِى بِالعظم
أحمِلُ وِزرِى على كتِفِى، لا أنصُتُ إلا لِضميرِى، فأنحازُ دواماً لِلعدل... رميتُ الماضِى بِلا رجعة، حصّنتُ الذاتَ بِالصوم
أُتابِعُ أخباراً على المِذياعِ تنتشِرُ عنِ الوطنِ، فأستمِعُ... لا شئ جديدُ يدُورُ هُنالِك، سِوى إستِخفافٍ بِمشاعِرِ ناسٍ فِى هضم
وحدِيثٌ ذاتُه فِى النشرة يتكرر عن خطرٍ مُبهم أو داهِم... وبِذاتِ النبرةِ تتعالى، تتوعدُ مِنْ أى قطِيعٍ يعتصِمُ اليوم
يتغافل صوتُ المِذياعِ فِى الوطنِ، ويتجنبُ صوتَ العبد... فيكتُمُ أخبارَ مُواطِن لاجِئ، يفترِشُ الأرضَ فِى برد مع الخيم
أدركتُ الحِينَ أن البُعدَ هُو صوتُ العقلِ بِلا رتق... أُريدُ حياةً تُنصِفُنِى بِالعدل، أمقُتُ وعداً بِنعِيمٍ كاذِب فِى وهم
كم عِشتُ حياتِى مُرغمةً فِى الوطنِ مع صوتِ المِدفعِ والقمع... وحياةٌ كانت تشطُرُنِى لِنِصفينِ على ألمِ الواقعِ والعتم
أُرغِمتُ بِأن أحيا نوماً فِى وطنِى، وألمٌ باتَ يصفعُنِى... يطلُبُ مِنِى أن أغفُو، لا شئٌ باتَ يُوقِظُنِى مِنْ فِعلِ التنويمِ أوِ الفرم
أتقاسمُ حُزنِى مع وطنٍ يُهمِشُنِى، يتجنبُ إعطائِى الأملَ مع الغد... يتطايرُ بِى كشظايَا الحِممِ كبُركانٍ أو تحطِيمٍ بِالذم
فإِخترتُ البُعدَ عن أرضٍ، أتراجعُ فِيها لِوراءِ ولِلخلف... لم أرجعْ يوماً لِأمامٍ فِى ثباتٍ، أو تصويبٍ كالسهم
أُذكِرُ نفسِى طُولَ بُعادِى، بِأنّ بقائِى كان شقاءً لِى فِى العُمر... فأختصِمُ الذات، وأعتصِرُ مِنْ التقزِيمِ أوِ النقم
أنتبِه لِأمرِى وأتساءل: كيفَ ستمضِى سِنينُ العُمرِ مع الهدم... وأنا ممنُوعةَ لِدوامِى مِن همسِ الحرفِ أوِ الكلم
أُحاوِلُ نِسيانَ الماضِى مع الوقت، فأتعايش مع الحاضِر... أُشارِكُ فرحِى كما حُزنِى مع الغير، وأقتسِمُ رصِيدِى بِلا فطم
أخُوضُ معارِكَ كُبرى لِأفكارٍ قد بُلِيت فِى تسطِيحٍ أو نُكرانٍ مِن شأن... يُقلِقُنِى تجريمَ نِصُوصٍ فِى كُتبٍ مع التحرِيمِ أوِ الخصم
وأعترِفُ، بِأنِى أخترتُ طرِيقِى بِمِلءِ إرادة مع الصبر... وسلاماً لا يُغادِرُنِى، فبقائِى مكانِى هو بطشٌ بِى كالعدم