كلام في المحظور / حل الدولتين وحل الدولة الواحدة والدولة الكونفدرالية - الحلقة الاولى
كلام في المحظور / حل الدولتين وحل الدولة الواحدة والدولة الكونفدرالية - الحلقة الاولى
قبل الحديث في هذا الموضوع اود ان الفت الانتباه الى انه سيكون على خمس حلقات وبشكل يومي ، وكلها مترابطة مع بعضها ومتداخلة ، ولا يمكن الوصول الى خلاصة ما اريد ان اقوله الا بالاطلاع عليها مجتمعة لمن يرغب بذلك .
منذ العدوان الصهيوني عام ١٩٦٧ والحديث يكثر عن حل الدولة الواحدة او حل الدولتين كأساس لحل القضية الفلسطينية وتسوية النزاع حولها ، وخاصة وبعد ان خرجت الاراضي المحتلة قبل ذلك عن دائرة النقاش الفعلي والعملي وللاسف الشديد .
والغريب في الامر ان لهذان المصطلحان انصاراً في الجانب الصهيوني وانصاراً في الجانب الفلسطيني وان ابتعدت التفاصيل او اقتربت .
ففي الجانب الصهيوني يعني حل الدولة الواحدة ، ان لا دولة غربي النهر الا الكيان الصهيوني ، وان مصير من تبقى من الفلسطينيين غربي النهر اما التهجير او التشتيت ضمن كانتونات متفرقة وصغيرة تذوب في الكيان الصهيوني الكبير .
اما تفسير هذا المصطلح عند الجانب الفلسطيني بأنه لا دولة غربي النهر الا الدولة الفلسطينية ، وان على اليهود فيها اما الرحيل عنها والعودة من حيث اتوا ، او البقاء لمن اراد منهم ولكن كمقيمين في هذه الدولة .
وكذلك مصطلح حل الدولتين ، ففي الجانب الصهيوني يعني هذا الحل ان تكون هناك دولة صهيونية غربي النهر ، ودولة فلسطينية شرقي النهر ، اي ان الحل على حساب الاردن ، وان على الفلسطينيين ان يقيموا دولتهم شرقي النهر ، لأنه حسب زعمهم ان اغلبية سكانه من الفلسطينيين ، وانه بالامكان ان تستوعب تلك المنطقة المزيد من الفلسطينيين الذين سوف يتم تهجيرهم اليها . وهو ما عرف بالخيار الاردني ، والذي وللاسف يحظى بموافقة البعض من الفلسطينيين . وما مؤتمر الخيار الاردني والذي عقد في القدس المحتلة بتاريخ ١٧ / ١٠ / ٢٠١٧ بتنظيم مما سمي المركز الدولي اليهودي الاسلامي للحوار ، والذي عقد في مركز تراث الارهابي مناحيم بيجن في القدس الا مثالاً على ذلك . والذي كان يقف خلفه غلاة الصهاينة المتعصبين ، ومنهم ناشر ومحرر موقع ( إيزرا بونديت ) المدعو تيد بسلمان والذي يطرح دائماً ان الحل هو باقامة دولة فلسطينية في الاردن ، والذي قال ان افضل شخص لتولي الحكم في هذه الدولة بعد اسقاط حكم العائلة الهاشمية هو المعارض الاردني الفلسطيني مضر عدنان زهران ، والذي كان ممن حضروا هذا المؤتمر . ( والذي كان قد شارك بوقفة المعارضة الاردنية امام البيت الابيض اثناء زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني للولايات المتحدة الاميركية عام ٢٠١٢ . تلك الوقفة التي تمت تحت رعاية الخارجية الامريكية و وزيرتها في ذلك الحين هيلارى كلينتون ، مهندسة الشرق الاوسط الجديد ، والتي كانت تهدف من وراء ذلك التأثير على مواقف جلالة الملك الرافضة للمشاركة بهذه الخطة وبالربيع العربي في ذلك الحين . والذي يصف نفسه بأنه امين سر الأئتلاف الاردني للمعارضة ورئيس الحكومة الاردنية في المنفى ) والذي تحدث في هذا المؤتمر وقدم شرحًا لمفهوم الحل الاردني وكيفية تحقيقة . بالاضافة للدكتور عبد الاله المعلا الزيود والذي يطلق على نفسه وزير التجارة والاقتصاد في حكومة المعارضة الاردنية ( والذي شارك في وقفة المعارضة الاردنية الاخيرة امام البيت الابيض ، واثناء زيارة جلالته الاخيرة اليه ، والتي لا ادري علاقة الجهات الرسمية الامركية بها ، والذي شوهد في احد الفيديوهات وهو يلقي كلمة من ورقة مكتوبة دون جمهور ) والذي تحدث في هذا المؤتمر حول ما يمكن ان تفعله السلطة الفلسطينية وحماس لعرقلة حل الخيار الاردني ، وعن موقف القبائل الاردنية من هذه الخطة . وكما حضر هذا المؤتمر عن المعارضة الاردنية المدعو سامر مصطفى ابو لبده والذي القى ورقة عمل حول احتمالات موقف الدول الخليجية بعد اقامة هذه الدولة الفلسطينية في الاردن .
في حين ان مفهوم حل الدولتين بالنسبة للجانب الفلسطيني يعني اقامة دولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية وقطاع غزة وعلى حدود عام ١٩٦٧ . الى جوار الدولة الصهيونية كما كانت عليه قبل عام ١٩٦٧ والذي يطابق الموقف الاردني لحل الدولتين .
اما الحديث عن حل الدولة الكونفدرالية ، فأن له ايضاً تفسيرات مختلفة ، فهو من مفهوم الجانب الصهيوني ان يتم شمول بعض المناطق غربي النهر ذات الاغلبية الفلسطينية في وحدة كونفدرالية مع الاردن دون ان يكون لاسم فلسطين وجود دولي وخارجي . وان كان هذا الحل بهذا المفهوم يلقى قبولًا من البعض في الجانب الفلسطيني ، وعلى اساس ان ذلك افضل من ان يكونوا تحت الاحتلال الصهيوني . الا ان غالبيتهم ترفض هذا الحل بالمطلق وتصر على الدولة الفلسطينية المستقلة . فيما يرى البعض انه يمكن بحث هذه الكنفدرالية مع الاردن بعد قيام الدولة الفلسطينية ، والذي هو نفس الموقف الاردني الذي يرفض الحديث حول الكونفدرالية قبل اقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام ١٩٦٧ وان تكون القدس الشرقية عاصمتها ، ثم بامكان الشعبين بحث موضوع الكنفدرالية بعد ذلك او البقاء كدولتين جارتين
ويمكن القول انه اصبح يوجد بين الصهاينة من هم على استعداد للقبول بالتفسيرات الفلسطينية لها وان اصبحوا قلة . وانه يوجد بين الفلسطينيين من يقبلون بالتفسيرات الصهيونية لهذه الحلول وان اعدادهم في تزايد مستمر .
وقد بقي الحديث عن هذه الحلول موضوع مناقشات واختلاف في وجهات النظر في جميع دول العالم ، واهم هذه الدول هي اميركا والتي كانت بعض اداراتها تميل لفكرة الدولة الواحدة ، وبعضها لفكرة حل الدولتين . ولكنها في جميعها لم تعمل على فرض اي حل مدعية تركه للمفاوضات المباشرة ما بين الطرفين الصهيوني والفلسطيني ، وبنفس الوقت تقديم كل الدعم والمساندة والحماية للكيان الصهيوني . الى ان جائت ادارة الجمهوري دونالد ترامب والتي انحازت انحيازاً اعمى وعلى المكشوف نحو حل الدولة اليهودية الواحدة واسقاط حل الدولتين ، والتي قدمت العديد من الهدايا المجانية للكيان الصهيوني مثل الاعتراف بالقدس عاصمة تاريخية وموحدة وابدية لهذا الكيان ، ونقل السفارة الامريكية الى القدس ، وقطع كل العلاقات والمساعدات عن السلطة الوطنية الفلسطينية ، ووقف مساهماتها بالمنظمات الدولية التي تساند الحقوق الفلسطينية . ويضاف الى ذلك اعترافها بسيطرة هذا الكيان على مرتفعات الجولان ، ليختتم هذه الهدايا من خلال الاعلان عن تفاصيل اخرى من صفقة القرن تسمح للكيان الصهيوني بفرض سيطرته الكاملة على ٣٠ ٪ من اراضي الضفة الغربية ، وان لا يبقى لدى الفلسطينيين الا مجموعة من المدن والقرى في جزر معزولة ومفصولة تترك ادارتها للسلطة الفلسطينية وتختار لها عاصمة خارج القدس وتطلق عليها اسم القدس الجديدة .
ونتيجة رفض الفلسطينيين والكثير من دول العالم لهذا الطرح ، ونتيجة المواقف الخاصة للاردن والتي اعلن عنها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين فقد تم تجميد استكمال هذه الصفقة الى ما بعد الانتخابات الامريكية والتي اسفرت عن هزيمة ترامب وادارته الجمهورية ، وفوز جو بايدن وادارته الديمقراطية ، والتي اعادت الحياة لمصطلح حل الدولتين . ولكن هل يعني ذلك ان هذه الادارة سوف تطبق هذا الحل وان حل الدولة الواحدة قد مات وانتهى ، هذا ما سوف اتحدث عنه في الحلقة القادمة
مروان العمد