عمر كلاب يكتب ..مؤامرة على الاخوان المسلمين ام اخطائهم؟

بهدوء

عمر كلاب

لنبدأ من حقيقة أن السياسة هي المؤامرة والمؤامرة هي السياسة, ونسأل وفقا لذلك: هل تَجري مؤامرة على جماعة الاخوان المسلمين؟ أم ان ما يجري حصاد اخطائهم؟ في مصر وتونس والاردن, خسرت الجماعة مواقع متعددة وخسرت لافتة وجودية في الاردن تحديدا, فعندما تقوم بحركة خاطئة في لعبة الشطرنج مثلا وتخسر قلعة او وزيرا, فهل استثمار خصمك لهذا الخطأ مؤامرة؟ أظن ان قاموس الاخوان المسلمين أسمى ذلك مؤامرة, ولم يقرأ الاخطاء والخطايا.

 

لنراجع التاريخ قليلا, ونقرأ تجربتهم في الاردن, البلد الذي اسكنهم في العليّة حسب وصفنا نحن الفلاحون, والعليّة لمن لا يعرفها, هي الغرفة الواسعة المبنية على السطح والتي تحظى بنسمات هواء عليل صيفا, وكانون نار فاخر شتاء, وكانت دليل ثراء ومنعة اجتماعية في قرانا واريافنا, فالجماعة شاركت في الحكومات, وبقيت مقراتها مفتوحة رغم سنوات الاحكام العرفية, وجرى التغاضي عن ترخيصها عقودا طويلة, وبقيت الاثيرة لدى الدولة وليس السلطة فقط, وحظيت بدعم من دول الخليج التي اغدقت عليها من الاموال ما يفيض عن حاجة جماعة, مما مكنها من بناء امبراطوية مالية, متعددة الجوانب, من مدارس ومراكز دينية ومستشفيات.

 

وليس صحيحا ان العلاقة إنفصمت عُراها بعد توقيع الاردن معاهدة وادي عربة, بل أظنها تكرست أكثر, بمشاركة الجماعة في انتخابات برلمان العام 1993, فقد كان المطلوب وجودهم فقط تحت القبة, بصرف النظر عن تصويتهم, فالوجود تحت القبة يمنح المعاهدة شرعية حتى وان تم رفض التصويت عليها, والجماعة التزمت, وحصلت على مكافئات من الدولة, جراء هذه المشاركة في انتخابات 1993, رغم انها جرت على قانون الصوت الواحد الذي قاطعت الجماعة الانتخابات التالية بسببه.

 

مارست الجماعة التزاماتها مع الدولة, بعد المعاهدة, وحملت مفتاح مقاومة التطبيع بتراضٍ وتوافق, حتى اول مفصل في الحسم بين التنظيم والدولة, حين كان القرار ابعاد قادة حماس من الاردن في حكومة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة, الذي تُجمع مصادر كثيرة انه علم بالقرار مثله مثل الآخرين, بعد تقارير كثيرة بأن حماس خرجت عن الاتفاق, وتمارس افعالا تضر بالمصلحة الاردنية العليا, حسب الرواية الرسمية.

 

كان هذا اول صدام, تجاوزته الجماعة وعادت الى الانتخابات في العام 2003, لكنها هذه المرة عادت بشكل اكثر شراسة, فقد بدات قوة حماس بالظهور, وفتحت الادارة الامريكية شهية التنظيم العالمي للاخوان, بطرحها شعارات الدمقرطة والمشاركة, ورأينا كيف شاركت الجماعة في انتخابات مصر وحصلت على مقاعد وازنة من ضمن الفائزين كان الرئيس المصري السابق محمد مرسي رحمه الله, ثم شاركت في حكومة بريمر في العراق, ثم شاركت حماس نفسها في انتخابات السلطة الفلسطينية في كانون الثاني من العام 2006, محققة فوزا كاسحا .

 

منذ تلك اللحظة بات الشرخ متسعا بين الجماعة والدولة, الى ان وصلنا الى الربيع العربي, الذي كان لحظة كاشفة لسلوك الاخوان السياسي, فقد انحازت الجماعة الى المغالبة بدل المشاركة سواء في مصر او الاردن, مع تحول نوعي في موقفها من سورية التي احتضنت حماس وتاليا وفود الجماعة, وامتلاكها صهوة القوة في تونس وليبيا, وتحولت من عقلية المشاركة الى الشراكة, وباتت تنظر الى نفسها زعيمة المنطقة العربية, فالجماعة تحكم اكبر عاصمة عربية.

 

تحول خطاب الاخوان الى خشن, وصاروا يتحدثون عن الحوار في الشارع كما قال دولة طاهر المصري خلال لجنة الحوار الوطني, وبدل ان تقدم الجماعة نموذجا ديمقراطيا في الحكم, قدمت نموذجا دفع الناس الى الالتفاف حول مؤسسات الدولة وقيادتها, وبدات المعلومات تسيل من الشقوق والشروخ, التي اصابت جدران الجماعة التي كنا نعتقدها صلبة, فكثرت الانشقاقات ومعها سالت المعلومات التي ارعبت الدولة والمجتمع على حدّ سواء, فخسرت الجماعة كل معاقلها, وما نراه اليوم في تونس هو نتيجة لاسباب كثيرة شاهدنا امثلة مثلها في مصر والاردن وسورية وليبيا.

 

omarkallab@yahoo.com