زيارة تاريخية لقائد تاريخي
بلال حسن التل
قدمت زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الأسبوع الماضي إلى واشنطن البرهان على حقيقة سياسية وتاريخية طالما أشرنا عليها، وهي أن جلالته وحده المؤهل تاريخيا بما يملكه من شرعيات و خبرات وصفات ومهارات لملئ الفراغ القيادي على مستوى الأمة، وهو الفراغ الذي عانت منه أمتنا تمزقا في صفها، وتفرقا لكلمتها، وضياعا لقضاياها وحقوقها ، والذي كاد أن يتحول إلى حقيقة من حقائق السياسية الدولية ومحافلها المختلفة، لولا أن تصدى عبدالله الثاني ابن الحسين لحمل هذه القضايا والدفاع عنها وإعادتها إلى واجهة الاهتمام العالمي،وهو بالضبط ما فعله جلالته أثناء زيارته الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فجلالته لم يكتف بطرح القضايا الأردنية على طاولة البحث مع الإدارة الأمريكية، لكنه وبحكم مسؤوليته التاريخية طرح كذلك وبنفس الأهمية والاهتمام قضية فلسطين وحق شعبها بالحصول على حقوقه المشروعة، وأولها حقه بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، فقد أكد جلالته انه لاسلم ولاسلام، لاعلى المستوى الإقليمي، ولا على المستوى العالمي، مالم ينال الشعب الفلسطيني حقوقه وفق حل الدولتيين, وفي دفاعه عن حقوق الشعب الفلسطيني كان جلالته يتحدث بصوت فلسطين، ولأن صوت الأردن مسموع، فقد صار صوت فلسطين هو الآخر مسموع بفضل عبدالله الثاني ابن الحسين.
ومثل قضية فلسطين وشعبها، طرح جلالته على بساط البحث أوضاع لبنان الشقيق، محذرا من تحول لبنان إلى دولة فاشلة، داعيا المجتمع الدولي إلى ضرورة مساعدة لبنان للخروج من أزمته، وكذلك الحال بالنسبة لسوريا حيث أكد جلالته على ضرورة حل مشكلاتها، وأهمية عودتها إلى الحضن العربي، كما طرح جلالته قضايا العراق واليمن وليبا، بالإضافة إلى قضايا الإقليم الأخرى .
ليست طبيعة القضايا التي طرحها جلالته على بساط البحث مع الإدارة الأمريكية وحجمها هي المؤشر الوحيد على الدور القيادي لجلالة الملك عبدالله الثاني، فقد أكد هذه الحقيقية الرئيس الأمريكي جو بايدن في التصريحات الصحفية التي أعقبت محادثاته مع جلالته حيث شكر بايدن جلالته على دوره القيادي في الشرق الأوسط, وهذا الإعتراف الرئاسي بمكانة جلالته ودوره, يفسر لماذا كان جلالته أول زعيم تلتقيه الإدارة الأمريكية الجديدة من المنطقة وهي تحاول تفهم قضايا ومشاكل هذه المنطقة وذلك لعلمها بأن جلالته الأكثر إحاطة وفهماً لهذه المشاكل وحلولها.
ولأن الإدارة الأمريكية تعرف قيمة ودور جلالته على مستوى المنطقة، فقد حرص أركان هذه الإدارة على لقاء جلالته والاستماع إلى آرائه، فبالإضافة إلى الرئيس التقت نائبة الرئيس بجلالته، وكذلك فعل مستشار الأمن القومي،ومبعوث الرئيس لشؤون البيئة، وزعماء الكونغرس من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وعلى مستوى الشيوخ والنواب، كما التقت مع جلالته اللجان الرئيسية في مجلسي النواب والشيوخ في الكونغرس الأمريكي، كما فعل ذلك وزير الخارجية ووزير الأمن الداخلي ووزيرة الخزانة، بالإضافة إلى مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية, ولذلك يمكن القول بأن هذه الزيارة كانت ناجحة بكل المقاييس, بل أنها واحدة من أنجح الزيارات التي تشهدها العاصمة الأمريكية.
أن هذا الازدحام في جدول لقاءات جلالته إلى العاصمة الأمريكية يؤكد من جهة على تقدير الإدارة الأمريكية لجلالته ومكانته ودوره الإقليمي والعالمي، وهي من جهة أخرى تدل على صفات جلالته القيادية والتي مكنت بلدنا من عبور عاصفة ترامب الهوجاء، حيث ذهب ترامب وظل عبدالله الثاني قائدا تاريخيا نذر نفسه للدفاع عن مصالح الأردن العليا.
Bilal.tall@yahoo.com