بدون عنوان ولا أريد استفزازا!
الدكتور ذوقان عبيدات
يمر مجتمعنا بسلسلة أزمات متواصلةسرعان ما تصل الأزمة إلى الذروة ثم تتضاءل تدريجيا حتى تصل إلى الصفر. لا أتهم أحدا بإثارة الأزمات، لكن لي الحق أن أسأل: كيف تم حشد المجتمع في أزمة " طز" ؟ وفي أزمة مقالة " الكرامة" ؟ وفي أزمة ذبح الأضحية التي تحاول سبق كل الأزمات ، لأن طابعها اتخذ منحى آخر جعل جهات رسمية تتدخل في الأزمة لا في تخفيفها !!
مقالتي اليوم عن التطرف والتسامح والتعصب وأخواتها من حشد وكراهية وتعبئة جماهيرية. ولن أسير في حقول الألغام المزروعة ، ولن أقف في مواجهة القناصين، فقد نالني منهم الكثير منذ سنوات! سأتحدث موضوعيا ومن منظور علم الاجتماع :
1. الذين يحاسبون غيرهم على أساس المغايرة والمسايرة، يقحمون ما هو ثابت فيما هو متغير، ويعطون لأنفسهم الحق في إصدار الأحكام. هم يمتلكون الموارد ولكنهم يستهلكونها دون أي استثمار. يصرفون من رأس مال القيم ويبددون في سلوكات استهلاكية. والمطلوب الإجابة عن سؤال كيف نحصل على إنتاج أفضل بنفس الموارد التي نملكها ؟
2. تميز الإنسان عن غيره من الكائنات بأنه صانع ثقافة ، وتتنوع الثقافات حسب البيئة والتفاعلات والعلاقات والجماعات، ولذلك تتنوع الثقافات وتتعدد . فهناك أسباب موضوعية لتشكل الثقافات وتنوعها واختلافها وعلينا أن نقيم جسورا بينها ، بدلا من هدمها.
3. وإن ادعاء تفوق ثقافة على أخرى هو احتكار واضح للصواب فادعاء تفوق الثقافة الغربية أو غيرها يعني أن هناك غيابا لفكرة وقيمة أساسية هي:
احتمال الصواب والخطأ، فمن يعتقد أنه على صواب عليه أن يبقي هامشا لصواب غيره أو هامشا لخطأ ما في حساباته. وإن أفضل فكر تنويري أو نصف تنويري إذا قدم للآخر المختلف على أساس من الوصاية واحتكارالصواب لن ينشئ سوى كراهية وأحقاد، فالأفكار والقيم والمشاعر ليست قوانين، فالقانون هو من يحدد السلوك الصحيح وغير الصحيح! ولذلك يبدو أن المطلوب هو تعليم احتمال التعدد واحتمال الخطأ. وهذا هو الاعتدال.
4. العنف يخلق منافقين، ويوقف الحوار، فالحوار لا يجري عبر التهديد، ومن يجعلك تعتقد بما يخالف عقلك، قادر على جعلك تقتل من يخالفك، لأنه اختطف عقلك.
5. وما يدور في الجماعات – حتى لو كانت عاقلة – قبل مناقشتها لموضوع ما أكثر عقلانية مما ستبدو بعد المناقشة، حيث تسود روح جديدة تحفز المعتدلين إلى التطرف والتحرك بفاعلية، بينما ينعزل المعتدلون ويصمتون خوفا. فالجماعات تؤسس لسلوك جمعي موحد مختلف عما يمكن أن يسلكه الفرد بعيدا عنها. وهذا قد يفسر حين يخرج شخص من جماعة كيف يصبح معاديا لها، وينقلب من اليسار إلى اليمين أو العكس!!
وأخيرا، الاعتدال مستمد من أفكار واجتهادات تقتصد في اليقين، وتؤسس للتسامح. ولا قيمة للتسامح – على رأي ابراهيم غرايبة- إن لم يكن عقليا، معرفيا ،ووجدانيا ،وسلوكيا .
كما نتغنى بأفكار: رأيك صحيح يحتمل الخطأ ، وأفكار : مستعد لأن أدفع حياتي ثمنا لحرية رأيك، وعدنا إلى:
قف دون رأيك في الحياة مجاهدا !!! أو عليك قبول رأيي وإلا !!!
أكرر!! لم أقصد استفزاز أحد، فهذه المقالة مكتوبة قبل يومين!! غيرت عنوانها فقط، وسطرا في مقدمتها .