الطلبه الفقراء ضحايا لتجار منصات التعليم

 جواد الخضري
منذ بداية أزمة فايروس كورونا الذي شكل وباء عالمي وكان له الكثير من التأثيرات السياسية والاجتماعية ، وأهمهما الحالة الاقتصادية ، شملت دول العالم . لكن ما يهمنا في ظل هذه الظروف الوضع التعليمي والي حرم أبناءنا حقهم في التعليم الوجاهي ، حيث تحول التعليم والتعلم الى التعليم عن بُعد ، وهذا كانت له مساويء كثيرة كونه يعتبر دخيلا على منظومة التعليم ونمطا جديدا غير مألوف . مما شكل خلل في المنظومة التعليمية ، ترتب عليها عدم وجود مؤشرات قياس حقيقية لمستوى التحصيل العلمي لدى الطلبة . إذ أن مجريات عملية التعليم والتعلم عن بُعد في جميع مراحلها لم تخضع لتقييم حقيقي يكشف حقيقتها ومدى فلعليتها . وبالتالي فإن نتاجات هذه العملية ، لا يمكن تأكيدها ، إذ أن طول المدة التي تعطل بها الطلبة عن التعليم والتعلم الوجاهي ، دفع الى قيام الأهل أو أولياء الأمور ليكونوا عناصر في العملية . علما بأن المنظومة التعليمية الوطنية لم تكن مهيأةً لمثل هذه الظروف الطارئة والتي أربكت الطالب وذويه إضافة للمعلم والمدرسة ، ولم نجد أية أدوار حقيقية لوزارة التربية والتعليم تعمل على وضع سياسات تعليمية تتوافق والظروف الإستثنائية ، وهذا كشف عورة التعليم الشامل . 
بالعودة الى موضوع ذو أهمية بالغة كان لها التأثير التعليمي والإقتصادي المباشر والملموس على أرض الواقع ، وتحديدا طلبة المرحلة الثانوية العامة والتوجيهي على وجه الخصوص .
لقد أفرزت ظروف كورونا أمور لم تكن بالحسبان . فوزارة التربية والتعليم أطلقت " منصة درسك " المتلفزة وبمعدل عشرون دقيقة للحصة الواحدة في حين كان حصة الوجاهي خمسة وأربعون دقيقة . مما أكد على فشل منصة درسك . ومما دفع بتجار التعليم الجشعين والباحثين عن المال في ظل هذه الظروف الصعبة الى الإستثمار إستغلال حاجة الطلبة ، فعملوا على إيجاد منصات منافسة لمنصة درسك ، وقد وصل عدد الطلبة المشتركين المسجلين مع هذه المنصات الى ما يقارب ألف طالب وطالبة للحصة الواحدة وبكلفة تزيد عن ستة ألاف دينار لكل طالب للفصلين عدا عن أثمان الكورسات التي تشرح المنهاج وبطاقات الكترونية تسمح للطالب بالدخول الى المنصة بقيمة مائة دينار  . فلو إعتبرنا أن عدد الطلبة المتقدمين لإمتحان الثانوية العامة يقدر عددهم بمئة ألف طالب فإن هذه المنصات ستقوم بجمع ما لا يقل عن مائة مليون دينار خلال العام الواحد . 
الجانب الأخر المراكز الثقافية التي ركبت الموجة من خلال فتح مراكزها وتقديم التعليم والتعلم الوجاهي على الرغم من أن أوامر الدفاع تمنع ذلك ، لكن هذه المراكز خالفت بدورها أوامر الدفاع من خلال تجميع الطلبة بغرف من المؤكد أنها غير مؤهلة صحيا ولا تتوفر فيها البيئة التعليمية المناسبة ، عدا عن الكلفة المالية التي يتحملها ذوو الطلبة والتي أصبحت كلفة الطالب تصل الى ما يقارب العشرة ألاف دينار خلال العام الدراسي ما بين المنصات التجارية والمراكز الثقافية وفشل منصة " درسك " في حين كانت كلفة الطالب لا تتعدى أربعون دينارا مقسمة بين رسوم الإمتحان وأثمان الكتب .
‌بعد هذا الواقع المؤلم والمرير ، سؤال واحد يُطرح ، هل سيصبح التعليم والتعلم لأبناء الذوات والطبقة والمخملية ؟ ولا مكان للفقراء !!! .