مختصون: المنتجات البديلة تلعب دوراً مهماً في مكافحة أزمة التبغ في العالم والنظريات الأيدولوجية لا تخدم هذا الابتكار
خلُص المنتدى العالمي السنوي الثامن للنيكوتين (Global Forum for Nicotine -GFN)، والذي عقد إلكترونياً مؤخراً على مدار يومين بمشاركة نخبة من الخبراء الأكاديميين والعلماء والمعنيين بالصحة العامة من 87 دولة حول العالم، إلى ضرورة توجه صناع القرار والسياسات المعنيين في منظمات الصحة العامة ومنظمات مكافحة التبغ المختلفة، للاعتماد على نظريات واستراتيجيات تقوم على الدراسات والأدلة العلمية المتعلقة بمفهوم الحدّ من ضرر التبغ من خلال المنتجات البديلة الخالية من الدخان من جهة، وتلك المتعلقة بتجارب المدخنين البالغين من جهة أخرى، وذلك من أجل عمل أكثر جدية للقضاء على التدخين.
وكانت نسخة المنتدى الثامنة قد حفلت بالعديد من الفعاليات التي استلهم إطارها العام من ثلاثة من أهم آراء وأقوال الطبيب النفسي وعالم الأبحاث والرائد في دراسة الاعتماد على التبغ وتطوير علاج لمساعدة المدخنين البالغين على الإقلاع عن التدخين، البروفيسور الراحل مايكل راسل.
واستهلت فعاليات المنتدى باستعراض آراء راسل الذي رفع شعار: "الناس يدخنون النيكوتين، لكنهم يموتون من القطران"، والتي تمثلت في: "العلم والسياسة: علاقة غالباً ما تكون متعاكسة"، و"الاستثمار في ابتكارات النيكوتين: مخاطر ومكافآت للصحة العامة"، فضلاً عن "لماذا فشلت اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ WHO FCTC في الحدّ من تدخين البالغين وتأثيره على الصحة؟".
وقد ناقش المتحدثون خلال المنتدى العديد من القضايا ومنها دوافع المدخنين وراء التدخين، والمتمحورة حول الحصول على النيكوتين الذي لا يعد السبب الرئيس للضرر كونه مادة منخفضة الخطورة نسبياً، إنما هي قائمة من آلاف المواد الكيميائية الضارة التي تنتجها عملية حرق التبغ، ونهج الحد من أضرار التبغ، وهو النهج الذي يشجع المدخنين البالغين الذين لا يستطيعون الإقلاع على التحول من المنتجات الخطرة القابلة للاحتراق أو التي يتم تناولها عن طريق الفم إلى المنتجات البديلة بما فيها منتجات الدخان العاملة بتقنية التسخين، والتي من شأنها تخفيض الضرر، إلى جانب تلك المعتمدة على تقنية التبخير، وتبغ المضغ.
ومن ضمن النقاشات التي دارت، طرح المدافع عن مكافحة التدخين لأكثر من ثلاثين عاماً، ورئيس مؤسسة عالم خالٍ من التدخين، الدكتور ديريك ياك، خلال جلسته الحوارية ذات السؤال المهم الذي تناوله مايكل راسل سابقاً: "لماذا فشلت اتفاقية FCTC في الحدّ من تدخين البالغين وتأثيره على الصحة؟"، مشيراً إلى أنه من منظور علمي، تمّ بالفعل العمل بجد، ولكن التعقيد كمن ولا يزال يكمن في صعوبة العمل على المستوى الثقافي والسياسي.
وقال ياك: "توصلت جميع الهيئات والجهات التي تعتمد على أدلة علمية إلى نفس النتيجة، وهي أنه يمكن أن تلعب المنتجات البديلة منخفضة المخاطر دوراً مهماً في مكافحة أزمة التبغ في العالم. على النقيض من ذلك، فإن المؤسسات والمنظمات التي تعتمد على النظريات الأيديولوجية أكثر من اعتمادها على الأدلة العلمية، لا تزال تعارض الابتكار في هذا المجال، الأمر الذي أدى إلى الانقسام في مجال أبحاث التبغ إلى قسمين: الأول يعتمد على دلائل علمية قوية حول مفهوم الحدّ من الضرر؛ والثاني لا وجود ضمنه لأدلة على الإطلاق."
وفي سياق متصل، أضاف ياك: "في بعض الحالات، يستشهد معارضو صناعة المنتجات البديلة المبنية على الأدلة العلمية بالبند رقم 5.3 من اتفاقية FCTC الذي يقضي بإلزام أطراف الاتفاقية بحماية سياسات الصحة العامة الوطنية من المصالح التجارية والمصالح المكتسبة الأخرى لدوائر صناعة التبغ، وذلك لتبرير رفضهم التام للأبحاث المتعلقة بهذه الصناعة، علماً بأن هذا البند يدعو إلى منع تضارب المصالح بين أطراف الاتفاقية - أي بين الحكومات، لكن، دون التشجيع على حظر استخدام أو مقاطعة المنتج، أو التضييق على العلماء في أي مجال."
واختتم ياك بالتنديد بالهجوم الإعلاني على الباحثين في صناعة منتجات التبغ البديلة، إذْ يرى بأن هذا الهجوم يفتقر للنزاهة، مصنفاً إياه بالممارسات التي تعرقل تبني الإجراءات التي يمكن أن تكون سبباً في إنقاذ حياة المدخنين الحاليين في جميع الدول حول العالم.