تدريس المواد والمختبرات العلمية في ظل جائحة كورونا: واقع وتحديات


يعتبر تعليم المواد العلميه في الجامعات ومواد العلوم في المدارس (الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء) أحد الأعمدة الأساسية لبناء مهارات الطلبة العلمية وتنمية مهارات الإبداع والابتكار لديهم. ولهذا تبذل الدول والقيادات التربوية العالمية الجهد والمال لإيجاد طرق فاعلة وممتعة لتدريس مواد العلوم تكفل رفع مستوى التحصيل العلمي للطلبة لإخراج جيل قادر على الابتكار وريادة الأعمال. 
ورغم ذلك، فإن التحصيل العلمي في مواد العلوم لا زال دون الطموح في معظم دول العالم وبخاصة النامية منها، وفي ظل جائحة كورونا، فقد ازداد الأمر سوءًا إذ انتقل تعليم مواد العلوم والمختبرات بالكامل في الجامعات والمدارس من الوجاهي إلى التعلم عن بعد ليصبح حاله كحال المواد الإنسانية التي تعتمد على التقلين! ومن هنا فإن إيجاد حل حقيقي لهذه المشكلة أصبح واجباً علمياً وإنسانياً على عاتق العلماء والمبتكرين على مستوى العالم.
وسنستعرض أنواع المختبرات المدرسية والجامعية الموجودة حالياً وميزات وعيوب كل منها:

أولاً: ميزات المختبرات العلمية التقليدية 

1.تعد أفضل طريقة لتثبيت المعلومات (التعلم من خلال العمل) (Learning by Doing).
2.تساعد الطلبة على التعلم من خلال تنفيذ المشاريع العلمية (Project-Based Learning)   
3.تُكسب الطلبة المهارات العلمية الأساسية المناسبة كالتصنيف والتنبؤ والاستدلال والتجريب.
4.تنمي لدى الطلبة القدرات المعرفية مثل حل المشكلات، والتحليل، والتعميم، فضلاً عن التفكير الناقد،    
             والتطبيق، والتقويم، واتخاذ القرار. والابتكار.
5.تنمي لدى الطلبة الاتجاهات العلمية مثل الأمانة العلمية، والمثابرة على النجاح، والتحليل الناقد 
             للنتائج، وتقدير المخاطرة، والموضوعية، والثقة بالنفس، والمسؤولية، والتعاون.
6.تشكل الاتجاهات والميول العلمية الإيجابية للطلبة.
7.تساعد الطلبة على التعلم الذاتي والتعلم عن طريق الاكتشاف.
8.تنمي لدى الطلبة استيعاب  المفاهيم المتعلقة بالبحث العلمي وتصميمه وتنفيذه مثل تعريف المشكلة  
             العلمية، وفرض الفروض، والتنبؤ، والاستناج، وبناء النماذج.
9.تتيح للطلبة تنمية مهاراتهم العقلية واليدوية.

وبالرغم من أهمية المختبرات في التدريس بصفة عامة وفى تدريس العلوم بصفة خاصة؛ إلا أنه يلاحظ وجود قصور كبير في تجهيزات المختبرات، وعدم توافر وسائل الأمان بدرجة عالية، وقيام المدرس بإجراء التجارب بنفسه كعروض توضيحية أمام التلاميذ. 

مشكلات المختبرات العلمية التقليدية
1.المختبرات التقليدية لمواد العلوم إن وجدت في بعض المدارس فهي غير مناسبة وغير مستخدمة وبالتالي لا تؤدي رسالتها في فهم المواضيع العلمية وتنمية مهارات الإبداع والابتكار لدى معلمي العلوم والطلبة.
2.عدم توفر الأجهزه والأدوات الكافية لتغطية المواضيع النظرية المختلفة في الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات ويعود ذلك إلى أن الأجهزة التقليدية غالية الثمن وتحتاج المختبرات إلى تكاليف عالية تفوق ميزانيات المدارس بمئات المرات. ولهذا تحتوي بعض المدارس فقط على بعض التجهيزات ولكنها أيضاً غير مفعلة للأسباب أدناه.
3. صعوبة استخدام الأجهزة والمعدات المخبرية التقليدية على الطالب في المدرسة وعلى المعلم أحياناً إذ تحتاج إلى دورات تدريببة للمعلم أولاً ثم للطلبة على هذه الأجهزه  ليتمكنوا من توظيف الأجهزة المخبرية في التجارب العلمية بشكل صحيح. كما وإن تدريب المعلم وحده لا يكفي من الناحية العملية  لأن الوقت المخصص لتدريس مادة العلوم في الفصل الدراسي لا يسمح للمعلم بالقيام بتدريب الطلبة على كيفية استخدامها خاصة وأن بعض الأجهزة (مثل راسم الموجات) يحتوي على عشرات الأزرار والمقابض اليدوية. ولهذا فإن الكثير من الطلبة يتعلمون العلوم بدون إجراء أو حتى مشاهدة تجربة واحدة.
4.الأجهزه المخبرية التقليدية قديمة الطراز وتحتاج إلى صيانة ومعايرة دورية لضمان عملها بشكل صحيح كما وأنها كبيرة الحجم تحتاج إلى مساحات كبيرة، وعليه فإنها غير مناسبه لطلبةالمدارس والجامعات وغير جاذبه لهم وللمعلمين لبعدها عن التكنولوجيا الحديثة. 
5. لا يمكن استخدامها لإنشاء مختبر علمي محمول والضروري في الظروف الاستثنائيه كما هو الحال في حائحة كورونا  ليتمكن الطالب من اجراء التجارب العلميه خارج الجامعة والمدرسة ( في بيته او مكان تواجدة ( فنظراً لكبر حجم هذه الأجهزه وسعرها المرتفع واعتمادها على التكنولوجيا القديمة فإنها تتيح استخدامها فقط داخل المدرسة والجامعة وبالتالي لا تمكن المتعلم  من إجراء التجارب العلمية  خارج المدرسة أو الجامعة مما يحد من الاستفادة منها خاصة في الظروف الاستثنائية كما هو الحال في جائحة كورونا التي تتطلب إجراء التجارب خارج حدود المدرسه ومشاركة النتائج مع مدرسه وزملائه عن بعد لتمكين الطالب من دراسة مواد العلوم بشكل تطبيقي وتنمية مهاراته الإبداعية.
 
ثانياً: المختبرات الافتراضية (Virtual Labs)
في ظل التعلم عن بعد بسبب جائحة كورونا لاقت المختبرات الافتراضية انتشاراً كبيراً في المدارس والجامعات نظراً لعدم وجود بديل لإجراء التجارب في المختبرات التقليدية، وذلك من خلال وجود تجارب مبرمجة مسبقاً في هذه المواقع يستطيع الطالب من خلالها معرفة كيفية إجراء التجارب ويتفاعل معها عبر الانترنت.

 ميزات المختبرات الافتراضية (Virtual Labs)
1.تتيح للطلبة التحكم الكامل في البيئة الافتراضية، ومعالجة المتغيرات، وجمع نتائج متعددة وتحليلها، باستخدام 
             عمليات المحاكاة الافتراضية، ويتمكنون من تصور المفاهيم والتفاعل معها خارج نطاق المختبر التقليدي حيث 
             يمكنهم التعامل مع عضيات خلية مجهرية أو متغيرات مثل الجاذبية والاحتكاك، اذ إن عمليات المحاكاة تجعل 
             من السهل على كل طالب المشاركة في أداء التجارب المختلفة.
2.تتيح بعض عمليات المحاكاة الحديثة اجراء تجارب عملية خطره من الصعب تنفيذها في المختبرات التقليديه 
3. المحاكاة متاحة بسهولة للطلبة للوصول إليها على مدار الساعة، مما يوفر مكانًا لتعويض المختبرات التقليدية 
              أو تكرار التجارب المختلفة، وتتوفر تجارب المحاكاة المجانية عبر الإنترنت، بدءًا من البسيط إلى المعقد. 
مشكلات المختبرات الافتراضية:
1.لا تستطيع المحاكاة دائمًا إعادة إنشاء التجارب العلمية كما هي في  الحياة الواقعية.
2.يحتاج بعض المعلمين وبعض الطلبة  إلى التدريب على كيفية استخدام برامج  المحاكاة وهذا يستغرق وقتًا 
             ويكلف مالاً.
3.لا توجد نتائج حقيقية للأخطاء التي قد تحدث أثناء القيام بالكثير من التجارب، والذي قد يؤدي إلى نتائج غير 
             دقيقة.
4.لا يستطيع الطلبة التعامل المباشر مع الأجهزة باللمس، ولا شك في أنه لا يعتبر تعليماً حقيقياً بنفس درجة 
             التعامل الحسي المباشر مع الأجهزة المخبرية في المختبر الحقيقي. 
5.مختبر غير حقيقي فالنتائج التي تخرج منه مجرد محاكاة مبرمجة مسبقاً ولا يمكن الاعتماد عليها في المشاريع البحثية أو الأبحاث العلمية التي سيجريها الطلبة أو الباحثون أو المبتكرون 
6.لا ينمي مهارات الابداع الابتكار لدى الطلبة والباحثين بنفس كفاءة المختبرات العلميه التقليديه .
7.الاعتماد فقط على المواقع المتاحة فليس سهلاً على كل مدرسة أو جامعة أن تقوم بإنشاء مختبرها الافتراضي 
             الخاص بها والذي يلبي احتياجاتها لأن إنشائها يحتاج إلى أجهزة كومبيوتر بمواصفات خاصة لكي يتم تصوير 
             الظواهر الدقيقة بكامل التفاصيل وإنشاء مختبرات إفتراضية ثلاثية الأبعاد، كما أن تصميمها وإنتاجها يحتاج إلي 
             فريق عمل متخصص من خبراء في الحاسب الآلي والمناهج وعلم النفس ومن متخصصين في فروع العلوم 
             المختلفة.
8.ندرة وقلة المختبرات الافتراضية التي تعتمد اللغة العربية كلغة للشرح والتوضيح.
9.لا تتيح للطلبة امتلاك خبرة استكشاف الأخطاء وتصحيحها.
10.لا تتيح للطلبة التفاعل الحقيقى مع الأجهزة والأدوات وإعداد المعدات والأدوات وتجهيزها بأنفسهم.     

ومن هنا فإن إيجاد حل حقيقي لهذه المشكلات بات واجباً علمياً وإنسانياً على عاتق العلماء والمبتكرين على مستوى العالم، وقد ظهرت بعض المحاولات في بعض الشركات العالمية ذات السمعة العريقة في مجال المختبرات العلمية لابتكار أجهزة مخبرية تعمل عن بعد ولكنها لا تزال تعاني من مشكلات جدية تتعلق بحجم الأجهزة وتكلفتها العالية التي لا تستطيع الحكومات أو المدارس فضلاً عن الطلبة تحملها للانتقال من مرحلة التعلم داخل المختبر إلى مرحلة إجراء التجارب العلمية عن بعد وابتكار أجهزة يستطيع الطلبة والمعلمون استخدامها داخل منازلهم ومشاركة النتائج مع بعضهم البعض.
إلا أن اللافت للنظر أن شركة ومصنع جوبرينز (JOBRAINS)  قام بثورة تكنولوجية حقيقية حيث صممت وطورت أجهزة مخبرية تحقق المعايير أعلاه مرتبطة بالهاتف المحمول (الجوال) و/أو الأجهزة اللوحية تمكّن من إجراء مئات التجارب العلمية عن بعد ومشاركة النتائج عبر الإنترنت في مجال الفيزياء والكيمياء والأحياء والرياضيات أطلق عليها اسم "مختبر العلوم الذكي عبر الجوال". 
وتمتاز هذه الأجهزة بكفاءتها العالية وسهولة استعمالها  ودقة نتائجها التي تماثل نتائج الأجهزة التقليدية إلا أنها يمكن حملها في الجيب 
ميزات مختبر العلوم الذكي عبر الجوال من شركة جوبرينز   
1.يمثل معظم الأجهزة المخبرية التقليدية في أجهزة آمنة وصغيرة الحجم يمكن حملها في الجيب.
2.أسعار الأجهزة منطقية ورخيصة بحيث يستطيع الطلبة والمدارس والجامعات اقتنائها بكل سهولة ويسر.
3.سهل الاستخدام لا يحتاج إلى تدريب، ويمتاز بمبدأ الخطأ والصواب في التعليم.
4.هو مختبر حقيقي ونتائجه دقيقة تضاهي تماماً الأجهزة المخبرية العلميه التقليدية ونتائجه معتمدة للأبحاث والدراسات والمشاريع العلمية الحقيقية.
5.يمتاز بأنه يعمل بوجود الانترنت أو عدم وجوده.
6.يتيح ميزة مشاركة نتائج التجارب عبر الانترنت بين الطلبة وبعضهم وبين الطلبة ومعلميهم.
7.يستطيع الطلبة أن يستخدموه في كل وقت وكل مكان مما يتيح الحرية في التعلم داخل وخارج المدرسة والجامعة والفصول الدراسية.
8.تحقيق المشاركة والتعاون المتجاوز للتباعد الجغرافي والجسماني بين الطلبة وبين الطلبة ومعلميهم.
9.يتيح الفرصه للتواصل السريع مع شبكة الإنترنت والتفاعل بسهوله بين أطراف العملية التعلمية التعليمية.
10.تحسين تدريس مواد العلوم من خلال تقديم حلول جديدة ومبتكرة للأجهزة المخبرية التي تضمن التدريس التطبيقي والتجريبي لمواد العلوم القائم على التعلم من خلال التجربة (Learning by Doing) وتنفيذ المشاريع العلمية (Project-Based Learning).
11.تنمية مهارات الإبداع والابتكار لدى الطلبة والمعلمين من خلال توفير أجهزة وأدوات سهلة الاستخدام تمكنهم من تنفيذ مشاريعهم وتحويل أفكارهم الإبداعية إلى منتجات عملية.
12.قابليتها للاستخدام من قبل الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المنزل كونها آمنه وقليلة التكلفة وتستخدم باللمس وليس بتغيير المقابض كما في الأجهزة التقليدية وعليه تمكّن الشرائح المهمشة والفقيرة من الوصول إلى الأدوات التكنولوجية لتنفيذ أفكارهم الإبداعية.
وسنتناول في مقال لاحق مزيداً من التفاصيل حول هذا المختبر الذي يعتبر ثورة تكنولوجية حقيقية.

أ.د. مشهور بني عامر
دكتوراه في الهندسة الطبية/مجسات وأنظمة ذكية
د. أحمد أبو سمك
دكتوراه في المناهج وطرق التدريس