شومان تحتفي بصاحب جائزة البوكر الروائي جلال برجس

 احتفت مؤسسة عبدالحميد شومان بالروائي الأردني جلال برجس الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية 2021 (البوكر) عن روايته "دفاتر الوراق"، مساء أمس الاثنين في مقرها بعمان وسط حضور نوعي روعيت فيه الشروط الصحية.
وفي الاحتفائية التي أدارها أمين عام وزارة الثقافة الأديب هزاع البراري، قال برجس، إن الكتابة هي مساحة نطلق من خلالها الأسئلة والتي تنتظر الإجابات عليها، مشيراً إلى أن فكرة كتابة الرواية جاءت عندما كان يجول وحيدا يوما ما في وسط العاصمة عمان، يتأمل بيوتاتها، ما أثار لديه وابلا من الأسئلة حول أشكال البيوت لدينا وماهية مفاهيم البيت، ومتسائلا هل العقل والقلب والروح هي بيوت؟ معتبرا أن الوطن هو نموذج للبيت الاكبر.
كما تساءل برجس عن مصير تلك البيوت في ظل مرحلة ما بعد الحداثة، هذه المرحلة الإشكالية والمعقدة والشائكة، والتي تعلو فيها الأصوات وتنخفض، مثلما تتعالى فيها أدخنة الحروب والموت والضحك، وماذا لو تهاوت تلك البيوت؟ منوها الى أنه كروائي لا يضع الحلول، ولكنه يطرح الأسئلة والتي يجيب عليها القارئ، كما يجبيها الوعي الذي يأمل الروائي أن يتشكل من خلال ما كتبه في دفاتر الوراق.
من جهته، لفت عميد كلية الآداب والفنون بجامعة فيلادلفيا الناقد والأديب الدكتور محمد عبيدالله، إلى أن رواية "دفاتر الوراق"، تعيدنا إلى صلة الرواية بالمدينة المعاصرة، وتؤكّد في مجمل طرحها وطريقة معالجتها، أن الرواية جنس أدبي يمتلك قدرة فائقة على تناول العالم المديني المعقّد، وعلى إمكانية تقديم قراءات متعددة في مكونات هذا العالم وفيما يخبئه من بلاغة المهمَّش والمسكوت عنه.
وتابع الدكتور عبيدالله "ففي هذه المناطق المستترة الكثير من خيوط السرد التي تتحدّى ممكنات الرواية، فيغدو من مهمتها أن تكشف كثيرا أو قليلا من العالم الباطني للمدينة المعاصرة التي يبدو أن تناقض ظاهرها مع باطنها مرض جسيم لا شفاء منه، وهو يتسبب بكثير من أزمات النفس البشرية في عصرنا المضطرب".
وقال إن "دفاتر الوراق"، قدمت صورة جديدة من صور بلاغة القطاع المهمّش المتمثل في معظم شخصيات هذه الرواية، بمن فيهم شخصية بطل الرواية إبراهيم الوراق، فإلى جانبه شخصيات لا تقل أهمية وحضورا عن شخصيته ومنها؛ ليلى ورفيقاتها ورفاقها أبناء الملجأ، ممن وجدوا أنفسهم في عالم ظالم لا ذنب لهم فيه، سوى أنهم ولدوا لقطاء في عالم المدينة وعلاقاته المضطربة. وأشار إلى شخصية جاد الله والد إبراهيم التي تحضر في الرواية من خلال دفتر خاص يشبه أن يكون رواية أو سردية نوعية مغايرة للغة إبراهيم ولغة مدينته، وهناك السيدة نون أو ناردا أو الصحافية التي قدمتها الرواية بوجوه مختلفة مجزؤه لم تتجمع في شخصية واحدة إلا قريبا من نهاية الرواية.
وبين أن الرواية حرصت ومن ورائها الروائي على التبادل المتوازن بين عناصر السرد والوصف والحوار وتمثيل الأقوال، فهذه عناصر أساسية في النسيج الروائي، منوها بان الرواية اعتنت بكل منها وفق ما يقتضي ذلك من تفصيلات ومن مستويات لغوية وفنية مركبة، وتبعا للوعي بعنصر التعدد الصوتي جاءت هذه المستويات متباينة أو متعددة لغويا.
ومن خلال تقنية التواصل المرئي (زووم) هنأت الإعلامية والشاعرة البحرينية الدكتورة بروين حبيب، الأردن والثقافة الأردنية والرواية العربية والمشهد الثقافي العربي، بصدور مثل هذه التجربة السخية التي تشكل (موزاييكا) رائعا في ثقافتنا باتجاه هذا الفن الذي كان حديثا ولكنه ينمو بسرعة ووعي جديد وبتقنيات مغايرة وحساسية مختلفة. وكان البراري، قال في بداية حفل التكريم، "إننا نحتفل اليوم بعمل روائي كان بملامح عمان ورائحة أردنية وبعبق مأدباوي"، متسائلا: "هل هي صفحاتنا؟ هذا العمر الذي نطويه ورقة بعد أخرى، وهل هي المدونة التي تشبهنا، وتشبه انكساراتنا وأحلامنا وتطلعاتنا ونكوصنا الداخلي؟، أنها كل ذلك وأكثر". وفي ختام الاحتفائية التي شهدت حضورا وجاهيا ضمن الإجراءات الوقائية التي فرضتها جائحة كورونا، وتم بثها من خلال منصة (زووم) وموقع المؤسسة على موقع (فيسبوك)، وقع الروائي برجس نسخاً من روايته.
يشار الى أن برجس، شاعر وروائي أردني من مواليد 1970، له العديد من الروايات وكتب الشعر والقصة والمقالات النقدية والفكرية، ويشغل الآن موقع رئيس "مختبر السرديات الأردني، وحصلت روايته "دفاتر الوراق" على الجائزة الدولية للرواية العربية لعام 2021، كما حصلت مجموعته القصصية "الزلزال عام 2012 على جائزة روكس بن زائد العزيزي للإبداع، ونال عن روايته "مقصلة الحالم" عام 2013 جائزة رفقة دودين للإبداع السردي، وحازت روايته "أفاعي النار" على جائزة كتارا للرواية العربية 2015، وأصدرتها هيئة الجائزة عام 2016، كما ووصلت روايته "سيدات الحواس الخمس" للقائمة الطويلة في الجائزة العالمية للرواية العربية 2019.
--(بترا)