التوقيع الصدمة.. البنك الإسلامي والصين
الأكاديمي مروان سوداح
فجأة، وبدون سابق إنذار، وبلا مقدمات ولا تمهيد إعلامي وجماهيري، وقّعت الصين في جدّة، غرب المملكة العربية السعودية، على اتفاقية مع البنك الإسلامي لبناء مختبرات مكافحة الأوبئة، ووضع سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة العربية السعودية، (تشين وي تشينغ)، ونائب رئيس البنك منصور مختار توقيعهما على هذه الاتفاقية يوم الرابع عشر من حزيران الحالي 2021، لتنتقل العلاقات بين البلدين الصديقين إلى درجة أعلى تشمل الخدمات المالية "وفقًا للشريعة الإسلامية"، إذ يتصف التعاون في مجاله الجديد بأهمية إنسانية كبرى لافتة دوليًا لأنظار المهتمين والمتابعين للعلاقات الإسلامية – الصينية، في أجواء عالمية تتسم هذه الأيام بزيادة المنسوب اليومي الغربي في الهجوم الظالم على الصين، وتوجيه الاتهامات لها بما يخص المسلمين الصينيين، الذين أعلنوا عدة مرات شجبهم واستنكارهم للفبركات الغربية التي يؤكدون بأنها مضادة لواقعهم الديني والمدني، لكونها عَملانية تشهير غربية خدمةً لأجندات معادية لهم ولوطنهم الصيني، ولتسلّل استعماري واستخباري إلى الداخل الصيني.
في مقالة مهمة ولافتة لها، قالت الصحفية الصينية الشهيرة فيحاء وانغ، إن الصين، الدولة الاقتصادية الأولى في العالم، توقِّع اتفاقية كبرى مع البنك الإسلامي للتنمية من خلال وزارة الخارجية الصينية، لتقديم المساعدة لبناء مختبرات الصحة العامة لمكافحة الأوبئة، في أجواء ما زالت تتسم بتواصل هجوم كوفيد/19 على البشرية جمعاء، عِلمًا بأن البنك الإسلامي للتنمية هو من البنوك التنموية المتعددة الأطراف، يعمل على أهداف تحسين حياة أولئك الذين يخدمهم من خلال تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلدان والمجتمعات الإسلامية في جميع أنحاء العالم، وإحداث التأثير على نطاق واسع، ويضم البنك الإسلامي للتنمية في عضويته 57 بلدًا من أربع قارات.
نائب رئيس البنك الإسلامي أعرب عن شكره للصين على تقدماتها على شكل مساعدات للدول الأعضاء الأقل نموًا في البنك الإسلامي للتنمية خلال مكافحة فيروس كوفيد/19، وقال "أعتبر هذا التعاون نقطة انطلاق، وأتطلع للمزيد من التعاون مع الصين في مختلف المجالات"، ما يؤكد لنا كمتابعين أن علاقات الصين مع البنك وفي سياقه مع الدول العربية والإسلامية، تسير في مَسير طيب، وتُحرز التفاهم العميق، والثقة المتبادلة، وتتميز بالإخلاص في تنفيذ المهام الثنائية، وهي إشارة للأذكياء، بأن الصين والمسلمين يسيرون في طريق واحدة لخدمة المُثل العليا للبشرية.
بهذه المناسبة نقرأ في تصريحات سفير جمهورية الصين الشعبية لدى المملكة الأردنية الهاشمية، الرفيق تشن تشواندونغ، أن الصين والدول الإسلامية تعاونت جماعة موحَّدة مع بعضهم البعض في مواجهة فيروس كوفيد/19. كما أعرب السفير عن إيمانه بأن المرض سيُهزم من خلال الجهود المنسَّقة ما بين الصين والدول الإسلامية والمجتمع الدولي، وهو موقف رسمي صيني يؤكد على شفافية الصين في تعاملها مع الدول العربية والإسلامية ورغبتها في العودة لعلاقات عميقة وشريفة ومتشعبة المنافع كما كانت بين العالمين العربي والصيني عبر قرون طويلة لطريق الحرير الصيني القديم الذي سلك الدروب العربية من جنوبها وشمالها وبمختلف الاتجاهات. لذا، تدعو الصين الدول الإسلامية للتعاون الجماعي لتتحقق هزيمة كورونا، إذ ترى بكين أنه بدون الجماعية في العمل لن ينال أحد النصر المؤزر على العدو الفيروسي.
توقيع هذه الاتفاقية تسبب في صدمة عنيفة للعواصم الغربية والإعلام الغربي، الذي لم ينتظر هكذا تنسيقًا إسلاميًا - صينيًا على مستوىً عالٍ، ما يعني أن مساعي أنظمة غربية سوبرمانية فشلت في فصل الصين عن المسلمين، بل إن الهجوم الغربي الظالم على الصين أفضى إلى توسيع وتوثيق علاقات العرب بالصينيين على مختلف المستويات السياسية والمالية والاقتصادية، والأهم على المستوى الشعبي والجماهيري والتبادلات الإنسانية والثقافية وتعميمها على الفضاء الإعلامي أيضًا.
*متخصص بالشؤون الصينية.