أذربيجان وفلسطين.. مِيزان وازن

الأكاديمي مروان سوداح
 
في 15 نيسان الماضي 2021، احتفلت دولة فلسطين وجمهورية أذربيجان الشقيقة بالذكرى الـ29 على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، والتي يدين غالبية مواطنيهما بالديانة الإسلامية، وتُعتبر الدولتان ومعهما عشرات الدول الأخرى أعضاء فاعلين في منظمة التعاون الإسلامي.
بدأت العلاقات الرسمية الدبلوماسية بين البلدين في 15 نيسان من عام 1992م بتمثيل غير مقيم لفلسطين في أذربيجان، حتى افتتاح سفارة دولة فلسطين في باكو رسمياً بمشاركة الرئيس محمود عباس في عام 2011، ليرتقي بالتالي مستوى التمثيل الفلسطيني إلى "مُقيم في أذربيجان".
في السبب الأول لجهل بعض العرب بعلاقات ومواقف أذربيجان مع فلسطين، الهجمة الأرمينية الإعلامية التحريفية الشرسة على أذربيجان، ومحاولة تشويه سمعتها في العالم العربي، ولم ينجح ذلك.
أذربيجان العريقة حضارة وثقافة ضاربة جذورها في التاريخ، وشعبها المسلم بغالبيته ومسيحيوها المتضامنان قلبًا وعقلًا وروحًا وثّابة مع دولتهم الأذرية، ارتأت منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق، تأييد فلسطين وقضيتها المقدسة للعالمين الإسلامي والمسيحي وأحرار الدنيا.
أذربيجان تؤيد القضية الفلسطينية والحل المشروع لها من خلال تطبيق مختلف القرارات الدولية ذات الصلة بها، لأجل الانتصار للسلام والأمان في الفضاء الجغرافي الواسع الذي تتوسطه فلسطين بين قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، والمكانة التي حجزتها القدس وبيت لحم وكل فلسطين في القلب الأذربيجاني الذي يَعرض لعواطفه الجياشة أتجاه فلسطين من باكو، لتمتد إلى كل منطقة القوقاز المطلة على بحر قزوين الإستراتيجي ودوله.
في موقف أذربيجان السياسي من القضية الفلسطينية، قرأت في موقع "فلسطيننا"، الذي يُعرّف عن نفسه بأنه "الموقع الرسمي لحركة فتح - لبنان"، تصريحات غاية في الأهمية لفخامة الرئيس إلهام علييف، خلال لقائه وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي، على هامش انعقاد الاجتماع الوزاري للدول الأعضاء في حركة عدم الانحياز الذي استضافته باكو سابقًا، إذ أكد الرئيس علييف "أن أذربيجان تقف كتفًا إلى كتف مع الفلسطينيين في صراعهم، مشيرًا إلى أن أذربيجان تعرّضت تاريخيًا لِما يتعرض له الفلسطينيون من فرض عقوبات مادية وحصار سياسي، وبأن السياسة العامة لأذربيجان هي دعم الدول المسلمة بشكل عام وفلسطين على الأخص، وأنها ستستمر في التصويت لصالح القرارات الفلسطينية في المنظمات الدولية أيّا كانت، وأن انضمام أذربيجان في 2011 لحركة عدم الانحياز سيتم توظيفه لدعم أي قرار سيصدر عن المؤتمر فيما يخص فلسطين".
لهذا ولغيره الكثير، أذربيجان كانت وما زالت تقف باستمرار إلى جانب القضية الفلسطينية، وهي تنتصر لها في جميع المحافل الدولية، وتؤيد القرارات المتصلة بها عالميًا، إذ أن العاصمتين تنهجان نهج الوحدة الترابية لموطنيهما، وبالتالي استِعادة وحدتهما الإقليمية، ولهذا، نقرأ في تصريحات رياض المالكي في أبريل 2018، عند زيارته لأذربيجان: "أن الدولة الفلسطينية وشعبها يدعمان الموقف العادل لأذربيجان في صراع ناغورني قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، وضرورة تسويته بموجب القانون الدولي".
تتميز العلاقات الثنائية بين فلسطين وأذربيجان بالأخوّة والصداقة والتحالف السياسي والإسلامي، حيث يعود التواصل بين الزعيمين القوميين والوطنيين الراحلين حيدر علييف وياسر عرفات رحمهما الله، إلى الحقبة السوفييتية، وقد أمتدت وترسّخت بعد استقلال أذربيجان.
من جهته، نقل المالكي شكر الرئيس محمود عباس لنظيره الأذري وشكره على موقف أذربيجان الداعم للقضية الفلسطينية، والذي يتمثل في حضوره القمة الطارئة لمنظمة التعاون الإسلامي التي عقدت في إسطنبول، عقب إعلان الرئيس الأمريكي القدس عاصمة "لإسرائيل"، إضافة إلى مواقف أذربيجان الداعمة للقضية الفلسطينية والمتمثلة أيضًا في التصويت لصالح القرارات الفلسطينية في المنظمات الدولية كافة. يتبع.
*متخصص قديم في شؤون أذربيجان.