الصين ناجحة بخططها السكانية والاقتصادية
يلينا نيدوغينا
صُعقتُ ولَمْ أصدق حواسي عندما عثرتُ قبل أيام قليلة في عدد من وسائل الإعلام الغربية وغير الغربية، على حملة جديدة من الأخبار المُفبركة التي تزعم بأن الصين "ستتخلى قريبًا عن سياسة الطفل الواحد"!.
يبدو أن تلك الوسائل الإعلامية لا تقرأ الأخبار الصينية، ولا تريد أن يكون لديها مراسلين في في دولة المصدر الأول - الصين. ولهذا، لا يوجد في جِعَابها مصادر إعلامية أولى وأنباء حقيقية، وتراها تتسلى بنشر تلفيقات عن الصين اعتقادًا منها بتحقيق جماهيرية إعلامية، ورغبةً باختطاف عقول قراء العَالم وتوجيههم عن بُعدٍ ضد الصين الصديقة للشعوب.
الصين ليست بصدد التخلي عن سياسة الطفل الواحد، ذلك ببساطة لأن الإنجاب في الأُسر الصينية أصبح حرًا ومفتوحة أبوابه منذ عدة سنوات، واللجنة الخاصة المُشرفة على تحديد النسل في المجتمع قد اتخذت قرارًا قديمًا بحل نفسها دون ضجيج، فغدت مسألة الإنجاب قضية خاصة بالعائلات الصينية وحدها، وتهدف الدولة الصينية من ذلك تجنّب أزمة ديموغرافية تتلخص في ازدياد عدد كبار السن في المجتمع على غيرهم، مع ما يَحملَه هذا من تراكم للمشاكل التي أولها الاجتماعية والاقتصادية.
ورد في أحد أعداد مجلة "الصين اليوم"، أن الضغط السكاني الهائل دفع الحكومة الصينية إلى تبنّي سياسة تنظيم الأسرة في عام 1971، والتي تشجّع على تأخير الزواج والإنجاب وتقليل مرات الإنجاب، بحيث يكون الفاصل الزمني بين كل مولودين للأسرة أربع سنوات.
لكن الصين تنظر منذ عدة سنوات في ضرورة تكثير عدد المواليد الجدد، فبدونهم لا يمكن للبلاد أن تقفز القفزات الأوسع إلى الأمام، ولا لأن تحقق البرامج الفلكية التي وضعتها للتطور الاجتماعي والاقتصادي والتي تتفوق على مثيلاتها الغربية، ولا أن تقتحم الآفاق الأرضية والفضائية. ولهذا، تمنح الحكومة الصينية تفضيلات مُغرية للعائلات والقوميات الصغيرة العدد لتشجيعها على الإنجاب، ففي الصين يوجد 56 قومية، منها عشر قوميات تدين بالإسلام، وقومية "هان" الأكبر عددًا على الإطلاق عبر تاريخ البلاد منذ نشأة الصين وإلى اليوم.
وجود اليد العاملة والخبيرة، والعقول المُبدعة تكنولوجيًا، لا يمكن أن يتحقق بدون تشجيع التكاثر السكاني لجعل عدد الشباب أكثر من كبار السّن والمتقاعدين، ذلك أن الصين انتهت من معالجة "الفقر" و "الفقر المُدقع" إلى الأبد، وقد تحقق لها إطعام الشعب برمته، وبلوغ مجتمع الوفر السلعي الذي يتطور بلا توقف، وينجح بموازاة ذلك في زيادة منسوب الصادرات الصينية إلى بلدان العالم، وهو ما يؤكد نجاعة النظام السياسي والاجتماعي الصيني الذي يُطعم كل المواطنين الذين بلغ عددهم وفقًا لآخر الإحصاءات، مليارًا ونصف المليار نسمة "ونيف"، تتزيّن موائدهم بأنواع وأشكال لا حدود لها من الأطعمة الشهية، والخضار والفاكهة والعصائر والحلويات والقهوة والشاي والخ.
منذ تحرير الصين من هيمنة الدول الاستعمارية، عملت حكوماتها المتعاقبة بأقصى طاقتها للنجاح في سياسة إطعام الشعب بأكمله للتغلب على ما أورثه هذا الاستعمار الغربي وغير الغربي أيضًا للأمة الصينية من الفاقة والجوع والأسمال، بينما تجلّل النظام الغربي الاستعماري بالفخامة والأموال المنهوبة من أرض الصين الطهور. لهذا، كان من شأن مضاعفة عدد السكان من مواليد القوميات الكبيرة بالذات يُشكّل عقبات أمام الصين بسبب عدم الكفاية في المأكل والمشرب. فالصين الشريفة لم تمد يدها لأية دولة لتساعدها أو لتطعمها، بل اعتمدت على نفسها وأبنائها البررة، وتطورت بعلومها وسواعدهم والمخلصين لها ولأمميتها الاشتراكية الانسانية، وبرغم المصاعب الكبيرة عبر التاريخ والتي ذللتها الدولة الصينية أخيرًا ونجحت بمحوها من الوجود، إلا أنها سارعت بمدِّ يد المساعدة لمختلف العواصم، وكانت وما زالت البصمات الصينية العسكرية التحريرية، والصناعية والزراعية محفورة في عقول شعوب مختلف الدول ومنها العربية، على مِثال مصر واليمن وسورية والجزائر والسودان وغيرها من البلدان المتحالفة مع الصين الكبرى وجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية العظيمة التي حارب جيشها البطل دفاعًا عن مصر وسورية في الحروب العدوانية التي شنّها الكيان الصهيوني لترتوي أرض العرب بدماء الشهداء الصينيين والكوريين الطاهرة. يتبع.
*إعلامية أردنية – روسية ورئيسة تحرير جريدة "الملحق الروسي"، وحائزة على تقديرات صينية.