(نِعم الثقة )
حضيتْ المؤسسات العسكريةُ ومنذُ إنطلاقةِ هذا الوطنُ على الثقةِ المطلقةِ من الشارعِ الأردني وبقيتْ ملامحُ الرضا تتنامى في صدورِ الأردنيين عن مدى الإدارة الحصيفة للقواتِ المسحلةِ الأردنية والأجهزة الأمنية سواءَ كانَ العمل على المستوياتِ الأمنيةِ أو الخدماتيةِ أو الإنسانيةِ ، وهنا لا بدَّ من الإشارةِ إلى الدراسةِ التي أُطلقتْ من مركزِ الدراسات الإستراتيجية في الجامعةِ الأردنيةِ تحتَ عنوان (٢٠٠) يوم على التشكيلِ حيثُ تبيّنَ من خلالِ هذه الدراسة تراجعُ ثقةِ المواطنِ الأردني بالحكومةِ , وبقي الجيشِ العربي والأجهزة الأمنية في صدارةِ المؤسسات التي تحضى بالثقةِ من قِبَلِ المواطنين وهنا يأتي السؤالُ لماذا؟؟؟
إنّ الجيشَ العربي والأجهزة الأمنية بقيت على الدوامِ تعمل وِفقَ مصلحةِ الوطن وبتجرّدٍ مطلقٍ بعيدًا عن تغوّلِ المحسوبيةِ والواسطةِ والتغاضي عن الفسادِ وإبتعاد أصحابَ القرارِ عن المصالحِ الخاصة والشعبوياتِ التي تجتثُّ الإنجاز وتُحبطُ التطورَ والإبداعَ وتقتلُ الروح المعنوية في نفوسِ الراغبينَ بالتميّزِ عندما يرونَ أنفسَهم بعيدين عن التساوي بالفرصِ ، لتأتي هنا نظريةُ الدمجِ ما بينَ القيادةِ والإدارةِ وليتوسعَ مدى العملِ خارجَ إطارِ الرقابةِ وتطويرِ القدرات الإحترافية الضامن لضبطِ نسبة الخطأ وتوطيدِ مبدأ العقابِ والثواب ليكونَ بناءَ التقويمِ مَبني على الإعتكافِ في النسيجِ التشاركي بالعملِ المميّز.
إنّ المؤسسات العسكريةَ شكلت حالةً متفردةً بالخروجِ عن الذاتِ من أجلِ الصالحِ العام فكانت مثالّ التضحيةِ العظيمةِ والسماتِ الكريمةِ ، فحملوا أرواحَهم على أكفّهم ورضوا أن تكونَ دمائَهم ينابيعُ طيبٍ تسقي ترابَ الوطنِ فكأنهم الخيرُ الذي صبته السماءُ دائمًا لتروي فيهِ الأرض ، فأنبتتْ من حَبِها وحُبِها فكانوا للجرحِ علاجًا وللحدِّ سياجًا وامنوا بأن الشعارَ تاجًا يزيّنُ الجبينَ فمضوا على نهجِ الأولين وضحُّوا من أجلِ الوطن بكلّ غالٍ وثمين.
إنّنا بأمسِّ الحاجة اليومَ أن يكونَ هنالكَ إقتداءً من جميعِ الجهاتِ والمؤسساتِ بمسار ِالجيشِ والأجهزة الأمنِية وأن يستخلصَ من هذه التجربةِ المفاصلُ القادرةُ على تقويمِ النهجِ وتصحيحِ المسارِ فبما أن العاملينَ في الجيشِ والأجهزة الأمنية هم من نفسِ جلدةِ العاملينَ في المؤسساتِ الأخرى ، فإن التفاوتَ يكمنُ بالخططِ والإستراتيجياتِ المُتّبعة بالتعاملِ مع الإحداثياتِ ليصبحَ الضبطُ والربطُ قاسمًا مشتركًا والثوابُ والعقابُ نهجًا ودحضُ المحسوبيةِ والواسطة أسلوبًا ، ليُفرزَ العملَ ويصفّى من الشوائبِ ولتصبَّ جميعُ الجداولِ في نهرِ المصلحةِ العامةِ التي تخدمُ الوطنَ والمواطن.
إنّ ثقةَ المواطنِ الأردني تتوافقُ مع ثقةِ جلالة الملكِ بالمؤسسات العسكريةِ التي كانتْ وما زالتْ درعُ الوطنِ وسياجهُ المنيعِ فهم مَن خاطبَهُم بعدَ تحيةِ العزِّ والفَخارِ بأنهم النشامى ورفاقُ السلاح، وحُماةُ الوطنِ والمَسيرة، ورمزُ العطاءِ والتّضحيةُ والبطولةُ فهم حُماةُ التاريخِ وكاتبوا الإنجازَ وصانعوا الأمنَ والإستقرارَ في شتّى بقاعِ الوطنِ طُبعتْ قلوبهم على حبِّ الوطنِ والقائدِ فكانوا هُم مَن صدَقوا ما عاهَدوا الله عليه .
العين /فاضل محمد الحمود