شهيدا الصحافة والصحفيين..
الأكاديمي مروان سوداح
فُجِعَ العَالَم وملايين الصحفيين والإعلاميين والكتّاب وأذربيجان الشقيقة والأمة الأذربيجانية التي تتقاطع لغتها وإرثها الحضاري وموروثها الثقافي مع الأمتين العربية والإسلامية، باستشهاد اثنين من أشهر صحفييها الوطنيين مِمّن تناثرت أشلاء جسديهما على تراب أذربيجان الطاهر الذي تم تحريره قبل شهور قليلة من الاستعماريين الأرمينيين، الذين عادوا هذه المرة مُتسللين إلى الدولة الأذرية المستقلة، مُتدثّرين بعتمة الليل البهيم لقتل مواطنيها الأبرياء المسالمين مِمّن لا يتقنون حمل قطعة سلاح عدا الكاميرا الخاصة بهم كصحفيين، إلا أنهما استشهدا بانفجار ألغام زرعتها الإمبريالية الأرمينية في أرض أذربيجان السيدة التي تَشرّبت دمهما الأحمر القاني.
تجاسر العسكريون الأرمينيون في الدخول إلى أرضٍ غير أرضهم. وبهذا الفِعل الذي يَشجبه القانون الدولي وإلى جانبه القانون الدولي الإنساني، قد خرقوا عن سابق إصرار وترصد سيادة جمهورية أذربيجان. وبذلك، ارتكبوا جريمة الاعتداء على استقلالية دولة وقّع رئيس أرمينيا مع قائدها الأذربيجاني؛ بجهود روسيا بوتين، اتفاقية لوقف الحرب الأخيرة ولتطبيع العلاقات الثنائية التي تسير إلى الأمام ولو بخطوات بطيئة حتى الآن، إلا أن الضرر الذي تلحقه أرمينيا بأذربيجان على خلفية قتل رجال الصحافة والإعلام، سيُقيم الدنيا ولن يقعِدها على أرمينيا قيادة سياسية وإدارة عسكرية، ما مِن شأنه فقدان هذه الدولة القوقازية ثقة العالم وبالأخص ثقة الدول القوقازية والآسيوية بها، وإلى جانبها عشرات البلدان العربية والإسلامية.
أعلنت وكالة الأنباء الرسمية الأذربيجانية (أذرتاج)، في خبر لها عن مأساة الشهيدين: لقي محرّم إبراهيموف مراسل (أذرتاج)، ومصوّر قناة "أذ تي في" التلفزيونية الرسمية سيراج أبيشوف، ومسؤول قرية (سوسوزلوق) عارف علييف مقتلهم إثر انفجار لغم مضاد للدبابات زرعته قوات الاحتلال الأرميني في (سوسوزلوق) في محافظة (كلبجار) المحرّرة.
إلى ذلك، نبّه بيان وزارة الخارجية لجمهورية أذربيجان، أن أرمينيا تزرع الألغام زرعًا موسعًا وعشوائيًا في أراضي أذربيجان المحرَرَة، ما يُعد انتهاكًا أرمينيًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي، وضمنه اتفاقيات جنيف لعام 1949م، وتهدف هذه الألغام لإلحاق أضرار كبيرة بأذربيجان، ووضع عراقيل وموانع إضافية أمام الأهالي المدنيين الراغبين في العودة إلى مساقط رؤوسهم.
وكشف الجانب الأذربيجاني علانية، أن مجموعة من جنود قوات أرمينيا الاحتلالية تم أسرها خلال ترتيبها لاستفزازات، ضمنها زرع الألغام على الطرق في محافظة كلبجار الأذربيجانية التي دخلتها قوات أرمينيا مؤخرًا، وهذا يدل مرة أخرى على أن أرمينيا "تواصل صُنع التهديدات الخطيرة على حياة المجندين والمدنيين وأمنهم، وبذلك تُصعّد حدّة التوتر في المنطقة، وسلوكيات أرمينيا هذه ما زالت تشكّل أكبر عقبة أمام تحقيق السلِم والأمن والتعاون في المنطقة، وإن أرمينيا هي بالذات التي تقع عليها المسؤولية الكاملة عن تحوّل المدنيين الأذربيجانيين إلى ضحايا الألغام عند تنفيذهم مهامهم الوظيفية السلمية الاعتيادية.
ناشدت أذربيجان "المجتمع الدولي عدم غض النظر عن خرق أرمينيا التزاماتها الدولية التي تعهدت بها، بما فيها سياستها في زرع الألغام زرعًا مُستهدفَاً، وضرورة مطالبتها بتنفيذ التزاماتها التي تعهدت بها أمام القانون الدولي". وإننا كصحفيين وإعلاميين، إذ نستنكر هذه الفِعلة الشنعاء والمتدنية في استهداف الصحفيين والمدنيين في زمن الهدنة والسلم، لنطالب العَالم المتمدن بقوة بكشف الحقائق كاملة عن عملية قتل زملائنا الصحفيين الأذريين، وضرورة رفعها لمنظمة الأمم المتحدة والهيئات الدولية للتحقيق بها، ومعاقبة المُخطِّطين لها ومحاكمتهم دوليًا، تمامًا كما تم في خواتيم الحرب الكونية الثانية محاكمة قادة النازية والفاشية بتهمِ شن الحرب العدوانية المضادة للعدالة، وارتكاب الجرائم بحق البشرية، وتهديد هِبة الحياة المقدسة وسيادة الدول وشعوبها بالموت والدمار والفاقة، ولزوم إرغام المُعْتدي على دفع تعويضات للمُعتَدى عليه مقابل إجرامه.
متخصص أكاديمي في شؤون الدول السوفييتية السابقة.