أذربيجان: "اليوم الوطني" كل ساعة وكل يوم
الأكاديمي مروان سوداح
احتفل الشعب الأذربيجاني ومعه الدول والشعوب الشقيقة والصديقة، يوم الثامن والعشرين من مايو / أيار الحالي، بالعيد الوطني لجمهورية أذربيجان، والذي يُسمّى بِ (يوم الجمهورية). يُحتفل بهذا التاريخ سنويًا لكونه يَحمل في جوهره معنىً كبيرًا. ففي مثل هذا التاريخ من عام 1918، تأسست الجمهورية الأذربيجانية الديمقراطية كأولى الجمهوريات الديمقراطية في الشرق الجغرافي، وإن كانت حياتها قد قَصُرت على 23 شهراً فقط لأسباب سياسية تتمثل في العداء غير المُبرَّر اتّجاهها من جانب نهج الدولة القيصرية الروسية التوسعية المَقبُورة، والتي كانت حاقدة على الشعب الأذربيجاني والدولة الأذربيجانية المُسَالِمَة، سعيًا من القيصرية لاستعمار أذربيجان وتفتيتها جيوسياسيًا وتاريخيًا.
في سياق عملية "البيريسترويكا"، وبجهود القائد الكبير المرحوم حيدر علييف، تمكنت أذربيجان في عام 1991 من إعادة استقلالها الناجز بفضل شخصيته السياسية والدولتية الأبرز، فهو الزعيم القومي الأذربيجاني والسوفييتي العالي المكانة، الذي أذكرُه أنا جيدًا ويَستذكر للآن شخصيته الفذة مئات ملايين "السوفييت"، وأستحضرُ دومًا المحبة والثقة التي أولتها لشخصه الحكيم شعوب الجمهوريات السوفييتية برمتها، بقومياتها وأعراقها وأديانها، فقد كان عددها آنذاك نحو أربعمائة تشكيل إثني - سُلالي ولغوي تاريخي.
كان حيدر علييف القائد السوفييتي الشهير وصاحب النفوذ الكبير، يُعلي القيم الإنسانية التي تؤمن بانتماء أذربيجان إلى العَالمين الإسلامي والبشري، والعَالم العربي جزء أساسي من هذين العَالمين.
سَعى رحمه الله إلى تعزيزٍ متواصل للعلاقات بين أذربيجان ومنظمة التعاون الإسلامي، ففي كلمة ألقاها أمام القمة الإسلامية في الدار البيضاء بالمغرب عام 1994، طالب بتفعيل التضامن الإسلامي والوحدة بين أقطار العَالم الإسلامي، وواصل الجهود لتعزيز وتمتين وتوسيع مساحة العلاقات والتفاهمات وكل أشكال التعاون المُثمر بين جمهورية أذربيجان والدول العربية والإسلامية، لكون هذه الأقطار القاعدة الأولى والحليف الطبيعي والأبدي لأذربيجان الموحَّدة والمستقلة والسيدة على ذاتها ومستقبلها، ولأنها المُسانِد الأمين لأذربيجان في مواجهة كل أشكال الاستعمار والتوسع الإمبريالي العالمي الذي تقوده أرمينيا الكولونيالية المَهزومة الآن والمُتقهقرة بتسارع صوب العتمة البرانية في كل شؤونها، بفِعل النصر الأذربيجاني المشروع، ووِحدة القيادة السياسية والشعب الأذربيجاني في بوتقة واحدة لحماية أذربيجان من الأطماع الخارجية، فاستعادت الأمة الأذربيجانية ترابها التاريخي بأكمله في تطبيقٍ مشروع للمصفوفات العالمية والقوانين الدولية التي تُسلِّم بسيادة الدول على أراضيها وتمتعها بحقِّها في تحريرها دون قيد أو شرط.
تُعتبر أذربيجان الزاهرة والعظيمة عَبر الزمن دولةً نفطية شهيرة، وحضارية رفيعة المستوى والمَقام والجوهر والقَسمَات منذ تأسيسها العريق، وتتمتع بإرثٍ ثقافي إنساني هائل، وتقوم أُسسها على المبدأ الديمقراطي والتعددية السياسية والانفتاحية الكونية على غيرها من الأنظمة والشعوب، ضمن القانونين الدولي والإنساني، وتَتّصف وتمْتَازَ بسعيها المَوصول في العمل لتلاقح الحضارات وتآخي الثقافات، وهي دعوة يَصون تقدمها وتأصيلها وديمومتها فخامة الرئيس إلهام علييف، القائد المنتصر والمُحرِّر لأراضي وطنه وشعبه الذي يُبَادِلهُ الثقة بالثقة والمحبة بمثلها.
ومن الجدير بالذكر، إن واحدًا من أهم الانجازات العلمية الأذربيجانية التي يُشار إليها بالبَنانِ، هو الدور العِلمي المِحوري الذي تضطلع به الدولة الأذربيجانية في ترسيم وتفعيل وتطبيق المشاريع الاقتصادية الأضخم التي ترتدي أهمية دولية وعلمية، وقد أبهرت القيادة السياسية الأذرية العالم بمجموعه في عام 2013 عندما أطلقت بنجاح أول قمر صناعي أذربيجاني محلي التصنيع والمتابعة إلى الفضاء الخارجي، ما يُدلل على تمتعها بالعلوم والتقنيات الرفيعة التي تُمكّنها من سَبْرِ الفضاء بنجاح، وهو ما لم تصل إليه غالبية دول العالم.
يرتبط الأردن والأردنيون بأذربيجان والأذربيجانيين بعلاقات قُربى حميمة منذ فجر التاريخ وقبل ولادة الإدارات الحكومية والدولتية، فقد تقاربا وتماسكت تنسيقاتهما عبر الزمن الآسيوي الذي هو بيتهم الدافىء، ومن خلال (طريق الحرير) القديم والشهير روحيًا وإنسانيًا وجغرافيًا واقتصاديًا، وهو ما يؤكد سيرهما الموثوق في طريق واحدة لضمان الاستقرار الوطني والإقليمي والقاري، ولمواصلة النمو في قابل العقودِ بقيادة الزعيمين العظيمين جلالة سيدي ومولاي الملك عبدالله الثاني بن الحسين وفخامة السيد الرئيس إلهام علييف، وسياستيهما الحكيمتين وبصيرتيهما التي ما فتئت تقود البلدين والشعبين الشقيقين إلى تحقيق أعظم المنجزات والانتصارات المُبهِرات.
*صحفي وباحث متخصص في شؤون أذربيجان وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة.