وَانغ يي إذ يُصرّح..
يلينا نيدوغينا
في صورة تذكّرنا بعهدِ الرفيق الخالد ماوتسي تونغ، مؤسس جمهورية الصين الشعبية، والمبادِر إلى إرساء العلاقات الصينية - العربية الكفاحية، يُطل علينا عضو (مجلس الدولة) الصيني وزير الخارجية الصيني الرفيق وانغ يي بهيئته المَهيبة، من خلال منظمة الأمم المتحدة، وهو يتحدث بخطابٍ وكلماتٍ قوية داعمة صينيًا لحقوق الشعب العربي الفلسطيني، ولإجْهَاض وإحْبَاط العدوان الصهيوني الغاشم على فلسطين بضفتيها الغربية وقطاع غزة، ولوقف أنهار الدماء الفلسطينية النازفة من أجساد أطفال وشبان وعجائز فلسطين التي تتسبب بها الصواريخ والأسلحة الأمريكية الأكثر تطورًا وفتكًا بالبشر والحجر، المَمنوحة مجانًا من واشنطن المتأسرلة للكيان الصهيوني، الذي يُلبي بوجوده الطارىء في فلسطين المحتلة طموحاتها الإستراتيجية التوسعية في المنطقة العربية وما جاورها من أقاليم.
نُلاحظ في كلمة وانغ يي في مجلس الأمن الدولي الذي تترأسه الصين هذا الشهر، إدانة صينية واضحة وشديدة اللهجة للعنف المُمَارس ضد المدنيين الفلسطينيين، إذ حَثَّ الوزير (إسرائيل) "على الوفاء "بأمانة" بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ورفع الحصار المفروض على غزة "بشكل فوري وكامل"، و"ضمان أمن المدنيين وحقوقهم في الأرض الفلسطينية المحتلة".
وانغ يي يُجَسّد الموقف التاريخي لصين العملاقين (ماوتسي تونغ) و (شي جين بينغ)، حينما ينتقد بشكل قوي وعالمي ومفهوم لمختلف الشرائح الاجتماعية في كل البلدان، النهج السياسي والعقائدي التوسعي لأمريكا وربيبتها الصهيونية، فهو المقاتل الأممي الصريح الذي لا تلين له قناة في تعرية المواقف المُشينة لواشنطن إتجاه الإنسانية، وعلى مِثال ما يحدث الآن من عنف يَطال شعب فلسطين الأعزل. ولهذا، بادرت جمهورية الصين الشعبية، من جديد، إلى طرح مبادرة السلام ذات الأربع نقاط في فلسطين، وأكد الوزير بشأنها أن "مجلس الأمن الدولي يتحمل المسؤولية الأساسية عن صون السلم والأمن الدوليين".
في الموقف القيادي الصيني الذي يَعكسه وانغ يي باستمرار وبلا توقف، نقرأ دفاعه المبدئي عن القضية الفلسطينية التي يرى فيها "جوهر قضايا الشرق الأوسط على الدوام"، وهو يؤكد "فقط عندما يتم حل القضية الفلسطينية بشكل شامل وعادل ودائم، يمكن تحقيق السلام الدائم والأمن الشامل في الشرق الأوسط". ويضيف، "ينبغي على المجتمع الدولي المضي قُدمًا على وجه السرعة للحيلولة دون مزيدٍ من التدهور ولمنع المنطقة من الانزلاق إلى الاضطراب مرة أخرى ولحماية أرواح السكان المحليين". ويتابع: الصين تهتم بالدرجة الأولى "بمواصلة جهودها المكثفة لدفع محادثات السلام والوفاء بواجباتها كرئيس دوري لمجلس الأمن الدولي.. وهي تكرّر دعوتها لصانعي السلام إلى إجراء حوارٍ في الصين". وحث وانغ يي "على الوحدة والوقوف مع السلام والعدل والانصاف، والالتزام بالجانب الصحيح من التاريخ، وممارسة التعددية الحقيقية للدفع بتسوية شاملة عادلة ودائمة للقضية الفلسطينية في وقت مبكر". ونلاحظ، أن هذا التصريح يأتي في وقت تكرر فيه تل أبيب رفضها لوجود شيء إسمه القضية الفلسطينية، وتنظر للشعب الفلسطيني على أنه مجموعة من شذاذ الآفاق الذين احتلوا ما تسميه بوقاحة (أرض إسرائيل الكبرى)، تطلعًا منها لاحتلال البلدان العربية المجاورة لفلسطين أيضًا!
المبادرة الصينية وتصريحات وانغ يي تتضامن مع القضية الفلسطينية وتُصر على إعادتها إلى جدول أعمال الأمم المتحدة، بعدما حاول الغرب وزعيمته أمريكا شطبها من الوجود تمهيدًا لألغاء الكيانية الفلسطينية وشعبها الذي يروجون إلى أنه (طارىء) في التاريخ، لكن ها هو هذا الشعب الأعزل يناضل موحَّدًا ويكافح بيديه العاريتين للانعتاق من الهيمنة الصهيونية، التي تأسست في روسيا القيصرية وأوروبا الغربية والولايات المتحدة الأمريكية، وتستمد نفوذها الإجرامي حتى اللحظة من أنظمة غربية تعمل على إذلال قيمة الحياة المقدسة للبشر في فلسطين والعالم العربي والمستعمرات السابقة ومواقع النفوذ الإمبريالي، وتعمل بلا توقف على التدخل في شؤون الصين الداخلية، وترويج الأكاذيب عن الصينيين بالأطنان، وتشويه سمعة المسلمين في الصين، لتنطلي فقط على الأميين سياسيًا وثقافيًا.
لمَن يريد الإطلاع على المبادرة الصينية للسلام في فلسطين والمنطقة، عليه البحث عنها في مختلف المواقع الإخبارية الصينية باللغة العربية وليس في غيرها، فهذه المواقع كثيرة وهي تُعدُ بالعشرات.
تحية من النجيع للوزير الهمّام وانغ يي، متمنية اللقاء به في بكين، فقد غدا هذا الوزير عَلمَا عَالميًا مدافعًا عن الحق البشري عمومًا، وفي إطاره العربي والفلسطيني، ومناصرًا لحق فلسطين الشرعي في أن تكون سيّدة على نفسها، ومستقلة، وذات حدود معترف بها دوليًا، وشعب فلسطيني يتمتع أبناؤه بالاستقرار والآمان والنعيم في منطقة آمنة، لا حروب فيها ولا مجاعات ولا خوف بعد استئصال العدوانية والتوسعية وكراهية الإنسان للإنسان ومسبباتها.
*إعلامية وكاتبة وحاملة أوسمة وجوائز من عدة رؤساء دول وحكومات صديقة وحليفة.