شباب الاردن وفلسطين شكرا لكم ونعتذر منكم

بهدوء
عمر كلاب
انا اشبه انيشتاين وهو في الواقع راسب ابتدائي ، هي تشبه مارلين مونرو وقطعا لم يطرق احد باب ابيها خاطبا ، كل هذه فحوصات يجريها متابعو مواقع التواصل الاجتماعي في ظاهرة تقارب الحُمّى على اشكالهم في مرحلة الشيخوخة واشكالهم قبل مائة عام وفحوصات للعبقرية واخرى للجاذبية واختبارات بليدة للذكاء واختبارات اكثر بلادة لشكل الحيوان الذي يشبهه المتسابق الى اخر القائمة الطويلة من الاختبارات الافتراضية على مواقع التواصل الافتراضي في العالم العنكبوتي .
هكذا كان شكل الصفحات الشبابية بالمعظم على مواقع التواصل الاجتماعي , بل ربما اكثر ظلامية من ذلك , فقد كانت الحروب النادوية وما يقاربها من اقليمية وطائفية تتقدم على كل الاولويات , وكانت صورة الفنان او نجم كرة القدم هي الاكثر جاذبية والاكثر حضورا , حتى خلنا اننا اضعنا هذا الجيل الى غير رجعة , قافزين طبعا عن حجم اسهامنا في اضاعته , فلا نحن اورثناه مناهج لائقة ولا تربية قادرة ولا جامعات تصقل الشخصية .
لكن زمن المقاومة وصواريخ الشرف , اثبتت ان هذا الجيل الذي اوجعناه بارث الليبرالية المتوحشة والهويات الفرعية والشيفونية التنظيمية , اكثر حرصا واكثر حضورا بل واكثر وعيا , على استعادة حاضره وقلب السواد الى اشكال من المقاومة الحقيقية التي عجزنا ونعجز عنها , فهذا الجيل نجح في فلسطين والاردن ومعظم الشوارع العربية في كسر كل الموروثات القبيحة التي اورثناه اياها , بل قفز عن كل الحواجز العقنة التي زرعناها في طريقه وشقت صرخته عنان السماء ليقول فلسطين عربية من المية للمية .
خلال ايام من المظاهرات الشبابية دعما ونصرة للمقاومة في فلسطين الحبيبة , كنت اتسمر واقفا وانا اسمع هتافات الشباب المزدانين بالشماغات الحمراء والسمراء , استحضر شكل صفحاتهم وكتاباتهم قبل ايام , رأيت الفجوة واسعة بين ما اورثناه لهم وما اختاروه بانفسهم , اورثناهم تاريخا مشوها وواقعا مخجلا , ولكنهم اورثونا فخرة وشهادة وسؤددا , رغم كل الموروث السلبي الذي تركناه لهم , رغم كل العبارات الرنانة التي اوجعنا اذانهم بها عن المستقبل الواعد وانهم جيل الغد واننا نجهد كي نبني لهم مستقبلا واعدا .
نعم كنا كاذبين , ومارسنا عليهم ابوية بطريركية قاتلة , بل ومارسنا سادية على جيلهم بانهم جيل الجل والشعر المنفوش والمنكوش , وبأنهم مستشرقون بيننا , ونعايرهم بقسوة حياتنا ورحلتنا الطويلة الى المدارس وكمشة الزيتون وزرّ البندورة مقابل سندويشاتهم الفاخرة , ومارسنا اكثر واكثر , لكنهم باغتونا بانهم اكثر وعيا واكثر صلابة واكثر قدرة على الفرز بين الغث والسمين وانهم مخزن جاهز لنصرة كل القضايا الامة .
لسنا بحاجة الى قوانين اصلاح يصيغها جيلنا ، فنحن لم نتفق على الاصلاح اصلا ولا ادواته ولا اولوياته ، نحن بحاجة الى اصلاح يقوده الشباب انفسهم يرسموا فيه امالهم وطموحاتهم دون مؤثرات السابق , فهذا الجيل اكثر جرأة واكثر حرية منا , والاصلاح بحاجة الى احرار وليس الى منظرين عاشوا مع الرقيب داخلهم ، وبغياب هذا الجيل النابض ستبقى المواقع السياسية والخدمية مشغولة من نفس العلبة التي ادمنت الخوف والمصلحة والتي قامت على الاذعان او النسب .
ايها الشباب في فلسطين والاردن يا من رفعتم شعار الحرية والمقاومة شكرا لكم , شكرا لانكم حملتكم مشاعلكم وسرتم في درب الاصلاح والتحرير , واقبلوا اعتذارنا فنحن لم ننزلكم حقّ منزلكتم , فاصنعوا مستبقلكم الجميل والواعد بايديكم وبعزيمتكم وشكرا لكم كل ساعة وكل لحظة .
omarkallab@yahoo.com