قيس قوقزة يكتب :-تـَراتـيـل على جُـدرانِ غَـزَّة

ألوانُ عـَيـنـَيـكِ فـي المـرآةِ تـَنـتـَحـرُ
مـرَّتْ هـُنا قـبلَ أَنْ يـَغـْتـالـَها السـَّفـرُ

مـَرَّتْ هـُنـا بـَيـنَ أنـفـاسـي وَقـافـيـَتي
مثل المَصابيحِ فـَوقَ السـَّطـرِ تـُحتـَضَرُ

مـرَّتْ عـَلـى قـَمـرِ الدُّنـيـا تـراقـِصُـهُ
فاحتارَتِ الشمسُ مَنْ ذا منكُما القـَمَرُ؟

فـرَشـتُ قـربـَكِ روحـي كـَي أنـامَ بـِها
فـإنـَّهـا فـي ثـيـابِ القـَهـرِ تـَسـتـَتـرُ

كأنـَّهُ حـيـنَ يـَسري النـَّبـضُ فـي دَمِنـا
مـعَ المَواويـلِ يأتـي مِنـكِ يـَعتـذِرُ

إذا عـَشـقـتـكِ ما ذَنـبـي لـيلعـَنـَنـي ؟!
مَنْ هَشَّموا الشِّعرَ أو مَنْ بـالهـَوى كفروا
وأيُّ ذَنـبٍ جـَنـينـا كَـي يُحـاسـِبـَنـا ؟!
مَنْ أَثخَنوا الأرْضَ أو مَنْ ناقتي عَقروا

وَمَنْ يُحاسِبُ شـِعْري لو وَهَـبتُ دَمي؟
أَوِ انـْتـَظـرتُ غـَرامـا لـَيـسَ يـُنتـَظـرُ
*          *          *
كـسـرتُ قـَلبـي عـَلـى كـَفـَّيكِ قـافـيـةً
وَذُبـتُ فـي الحُبِّ حَتـّى هـَدَّني السـَّهرُ

يـا غـزَّة الشـِّعـْرِ هـَشـمـْنـا قـصائـِدَنـا
وَمـا بـَنـَينـا سـوى أوهـامَ تـَنـْكـَسـرُ

يـا غـَزَّة الشـِّعـْرِ إنَّ الشـعـرَ فـي دَمـِنـا
مـُحاصَرٌ، تـائـِهٌ، مُـرٌّ ... وَمـُنـشـطِـرُ

كـونـي لـَنـا كـلَّ شـيءٍ إنـَّنـا دول ٌ
مـنَ الـرَّمـادِ وأنـتِ النـَّقـشُ والحَـجـرُ

يـا أهلَ غـزَّةَ إنَّ الشـِّعـْرَ يـَرْفـُضـنـا
وَفـوقَ أهـدابـِكُمْ يـَزْهـو وَيـزْدَهـرُ

وأنـتـمُ الشـِّعـْرُ والتـاريخُ لـو وَقـَفـا
وَنـَحـنُ قـتـْلـى يـدٍ بالإثـمِ تـنـصـهـرُ

دِماؤُكـمْ فـَوقَ غـَيـمِ الـرّوحِ صامِدَة ٌ
دِماؤُنـا تـَحْتَ صَوتِ الريـحِ تـَنـهـمـرُ

عـُيونـُكُـمْ فـَوقَ عـيـنِ الشـمـسِ ناظرَة 
عـُيونـُنـا تحتَ ظِلِّ الخَوفِ تـَسـتـَتـرُ

رِماحُكـُمْ فـي نـُحورِ الَّليلِ غـائـرَة ٌ
رِماحُنـا هـَدَّها الأعـْياءُ والضـَّجـرُ

وَصَبـرُكـُمْ نـَبْضُ هـَذا الشـِّعْـرُ، خـَفـقَتهُ
دَمٌ يـَسيل وجـُرحٌ غـائـرٌ نـَضـرُ

سـيـوفـُنـا البيضُ فـي أغْمادِها صَدأَتْ
سـيـوفـُكـُمْ مِثـْلَ لـبِّ الجـَمرِ تـستـَعـرُ

كـونـوا مَصابـيحَنـا لـَو عـَينـُنا انطفأَتْ
مَعَ الظـلامِ وَضاعَ اللـمحُ والبـَصَـرُ

وَلا تـَسيروا عَـلى دَرْبٍ لـَنـا أبـدًا
لأَنـنـا تـَحْتَ قـعـرِ القـَعـرِ نـَنـْحَـدِرُ

وَكَسـروا جـِسـرَنـا وابـنـوا لـَنـا وَطـَنـًا
فـَمـَوجُ أوطـانـِنـا هـشٌّ وَمـُنـحَسـرُ

وَلا تـَمُـروا عـَلـَينـا إنـَّنـا دولٌ
مـَسحوقةُ الحـسِّ لا تـَصْحوا فـَتَعتَبِرُ

وَكـَسِّـروا قـِمَـمًـا ضـاقـَتْ بـِنـا زَمَنًـا
يـَشـدُّ كـِلـتـا يـَدَيهـا الطـّولُ والقـِصَرُ

*          *          *
قـبـائـلٌ نـَحـنُ مـَهـزومـونَ داخـِلـَنـا
فـي كـُلِّ زُمـرَةِ ذُلٍّ عـشـْعـَشـَتْ زُمـرُ

قـبـائـلٌ مـا سـَعـَتْ فـي ثـارِها أَبـدًا
وحـَسبـُهـمْ أنـَّهـُمْ مـِنْ بـَعـضـِهـِمْ ثاروا

قـبـائـلٌ مـزَّقَ التـاريـخُ خـيمـَتـَهـا
تـعـيـثُ فـي بـَيتِهـا النـعـراتُ والخَدَرُ

قـبـائِـلٌ نـَحنُ مـا فـي أَرْضِنـا جِهَة ٌ
إلاَّ وَفـيـهـا يـدُ الخَيباتِ تـنـتـَحِرُ

قـبـائـلٌ دَقـتِ الغـربـانُ طـَبـلـَتـَهـا
فـاسـوَدَّتِ الأرضُ فـيها واختَفى النَّظرُ

خـفـنـا مـِنَ ( البـُعـبُعِ) المـَزروعِ داخلنَا
حـتـى غـزا أرْضنا الهـُكـْسوسُ والـتـَّترُ

*          *          *
لاَ تـَسـالـيني لـِماذا الحـزنُ لـَوَّنـَنـي
قـَلبي كـَما البَحرِ يـَبكي حـينَ يـَنفـَطـرُ

فـي القـَلـبِ بـارودَة ٌ تـَغـفو عـَلى وَتَـر ٍ
لـُغـمٌ بـِرَمشـةِ عـَيـنٍ مـِنـكِ يـَنفـَجـرُ

فـي القـَلـْبِ أغنـيـَة ٌ تـَغتـالُ أشرِعَتي
وَياسـمـينٌ يـُصَلـّي قـُربَهُ الـوَتـرُ

نامتْ على وَجَعي عـَيناكِ فـاحتـَرَقـتْ
بـوّابـَةُ الفـجـرِ واغـتـالَ السَّـما المـطـرُ

سربُ العـَصافـيرِ فـي دَمعي يـُراقـِصُها
نـارٌ هـو الدَّمـعُ مـِنْ عـَينـَيكِ تَنـهـَمـرُ

نارٌ بـِعـَينـَيـكِ إنْ أَطـفـأْتـُهـا اشـتـَعلـَتْ
نـارٌ بـِعـَينـَيـكِ لا تـبـقـي وَلا تـذَرُ

لـكِ القـنـاديلُ والأحلامُ فـانـتـَبـِهـي
وَلي المـواجـعُ  والآلامُ والصّورُ

خـلـْفَ الحـدودِ حِصانٌ يـَعتَليهِ دَمي
وَخَلفَ عـَينـيكِ يَغـفو اللـيلُ والشـَّجـَرُ