الدكتورة نادية حلمى قصيدة بمناسبة إنتصارات العاشر من رمضان


الدكتورة نادية حلمى الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية - أستاذ العلوم السياسية جامعة بنى سويف

وإنتصرنا وأنتصر بداخلنا الأمل... حلم كبير قد تهاوى بالهزيمة، وأستفاقَ بالبناءِ و (العمل)

وكان لابد من دفع الثمن... ثمن البطولة والشهامة لكُلِ شبرٍ أغتصبوه وسلبوه من أرضنا، وأن نمضى بلا (كلل)

كنا نُحارِبْ مع جيشنا وصوتُ الوطن يعلو ويخفت بأن لبوا النداء... كان هدفُنا طردَ عدُوٍ جبان، قد عاث فى الأرضِ ظُلماً و (إنحِلالْ)

لم يكن يحلو لنا إلا الجلوسِ على ضفافِ النيل نتسامر ونضحك... بعد أن أثبتنا لهُم ردُنا أفعالاً لا (أقوالْ)

وخرج شعبُ مصر إبتهاجاً حين غُرِسَ العلم فى أرض سيناء... وكاد العلم من رفعته أن يرتطم بجدارِ شمسه يُقبلُها فرحاً بالتلاقى و (الوصالْ)

وأنطلقنا نخلعُ عنا أثوابُ الحداد، لم يعد للحُزنِ درباً بيننا... وكأننا وُلِدنَا لِتونَا، ونحنُ نركُضُ فرحاً مِثلَ جوادٍ (أصيلْ)

وقبل ذلك، كان الشجن يكسو الوجوه من بعدما عاث العدو فى الأرضِ زحفاً وإغتيال... ولكن وعدُ الله أبقى، لم يزدهم صبرُنا إلا (ضلالْ)

كانت رايات الحق تعلو فوق أرضِ سيناء فأنتصرنا... وعلم مصر يرفرفُ خفاقاً أبياً، مهما زادوا فينا بغياً و (إحتيال)

قد إسترجعنا الأرض منهم، من بعدما ظنوا بأن صبرُ أيوب قد نفذ منا... ولكن زاد الحق فينا شُعلة، والعالم كله ينظرُ نحوُنَا فى (ذُهولْ)

لم يعد للضعفِ شأنأً بيننا، من بعد ما نهكوا قوانا رغم التفاوضِ والقِممْ... فتجبروا قالوا علينا وتفوهوا قيلاً و (قال)

ولكنهم من بعدما حاولوا أن يفقدونا الأمل... عُدنا إليهم أقوى كى نحرزُ النصر (الحلال)

وحين كان قلبُ كُلُ أمٍ ينبضُ بالدُعاءِ... سمعنا صوتاً خافتاً يهمسُ ويأتى من بعيد بأن لا تخافوا، فالحقُ قادم من بعدِ ظُلمٍ (طويلْ)

كان كُلُ بيتٍ على أرض مصرٍ يحدوه الأمل... بأن ينتهى كابوس حربٍ مريرة ويلتئمُ (الشملْ)

كان آخرُ ما سمعنا فى مئذنة المدينة من خطب... لا تتركوا حبل الرجاء فتستكينُ النفس راحة ويهدئ كُلُ (بالْ)

ورغم الحُزنْ سمع اللهُ النداء... من بعدما زعم العدو بأن حصنه مانعٍ لا يُدكُ ولا يقاوم ولا يُهانْ، وتمادى دوماً فى التحدى و (أستطالْ)

فإذا بجيش النيل يدكُ خطَ بارليف المنيع... وأثبتوا بأنه لا شئ يقفُ أمام جُنودنُا صعبٌ أو (مُحالْ)

وتخلصتْ أرضُ سيناء من القيودِ والحصار... وأنتفض كُلُ دارٍ يهدى شهيداً قد عاش يوماً ثائراً على تلكَ (الرمالْ)

يا أيها الدمُ الذى أُريقَ عُرفاناً بحبك... قد أفتداكَ أبطاله بكل فخرٍ بالشهادة لأجلِ أن يحيا تاريخه فى (نِضَالْ)

وأقتربتْ الساعة الأكيدة، ومسحنا حُزنَ وطناً قد ذرف حيناً دمعاً غزيراً... فحارَبْنَا وجعلنا من كُلِ إبنٍ فيهِم قد أنتصر مضرب (الأمثالْ)

قد كنا وقتُ الحربِ نقتسمُ الرغيف مع كل جارٍ... ونردد معاً فى كلِ حينٍ عاش الصليبُ مع (الهلالْ)

قد كان كل ما يشغلُ بالنا أن لا إستسلام... من بعد ما أوهمنا العدو أن نصرنا حلمٌ صعبُ (المنال)

فقضينا أغلب وقتنا نُناجى فى صلواتنا بأن نعيش فى وطنٍ حرٍ سعيدْ... ونهضنا يوماً على صوتِ صرخة تجتاحُ تشُقُ سُكُونَ (الجِبالْ)

وأنطلق كُلُ جُندى على أرضنا صوب هدفه فى العاشرِ من رمضان... ورُغمّ الحرِ وتعبِ الصيام، أحالوا الليل نوراً من بعدما كان (خيالْ)

كنا نحارب بما لدينا، كان شقيقى يريدُ مدفعاً... فنصحه جارٌ لنا، بأن جمال صوته وعذوبته يكفى لديه إيقاظِ لحنٍ إيقاعُه خائر (هزيل)

كانت لنا جارة عجوز قد تهدم بيتها فى الحربِ وتحولت ثكناته رماداً... ورُغم ذلك كانت تبثُ فينا الحماس حتى نُحرر أرضنا من أى (إحتلال)

كانت تُطالبنا جارتنا العجوز بكل حسمٍ بالثباتِ والدُعاءِ والصمود... كانت تثق بأننا سننتصر، وسنتذكر كلماتها تلك ونحنُ سوياً (نحتفلْ)

ومع كل صوتِ رشاشٍ على أرض سيناء، تتعالى ضحكات تلك العجوز يقيناً... بأن النصر آتٍ وبأنه لا أمرٍ بات يستعصى عليهم أو (يستحيل)

كانت تبثنا أملاً وليداً فى النفوس... بأن بيوتنا التى تهدمت سَتُبنى حتماً من جديد، كانت تردد مقولتها بلا إنهزامٍ أو (ملل)

وحين أبصرنا تلك الشوارع الخاوية فى السويس وعلى أرض سيناء... كنا نستشعر سوياً نبض جارتنا العجوز، وكأنها توصينا بأمرٍ عظيمٍ قبل أن يدنو (الرحيل)

وحين غابت جارتنا تلك عن الملأ، أنهار بداخلنا شئٌ مخيفٌ... فأدركنا بأنه ربما كان هنالك خطبٌ شديدٌ أو حادث (جلل)

وحين سارعنا نطرقُ باب جارتنا تلك الأبية... وجدناها هناك تحتضر، وهى مازالت تردد: بأن نعافر، ونمسك يداً بيد حتى نعيدُ ونعبر (القنال)

فكانت آخر جملة نطقت بها تلك العجوز قبل أن تفارقنا الحياة... بأن لا تخافوا على الوطن أنه بخير، والفضلُ يعودُ لكلِ هؤلاء (الرجال)

مازال وقعُ كلماتِ جارتنا العجوز شامخاً وهى تنظرُ تتفرسْ لآخر مرة الوجوه... وصوتُها يخفتُ خائراً، وهو يردد بأن ندافع عن وطننا بكل (إستبسال)

وبعد أن هزمنا جيشهم المغرور...
تعلمنا بأن نداوى جرحُنا لا شئ يُوقِفُنا أو يُعرقِلْ سيرُنا إحباطاً أو يفسده تدليلاً و (تضليل)

قد علمتنا تلك الحربُ درساً بليغاً بألا نترك الأقزامَ تصعدُ للقمم... وأنه ما بين غمضةِ عين وإنتباهتُها يغيرُ الله أُمُورُنا ويُبدلهُا من حالٍ إلى (حال)

وأنطلقنا فى طريقِ العلم نسيرُ ونجتهد... قد علمتنا الحربُ بأن نُحاول أن ننشُد لأجل وطننا طريق العزة و (الكمالْ)

تعلمنا من الحربِ بألا نُطيل النظر إلى الوراء... وبألا نُحنى رقابُنا فى خضوعٍ أو نبكى على (أطلال)

أوحى لنا أبطالُ ملحمة العبور أن نُلغى المسافةَ بين الخيالِ واليقينْ... وأن نُمحى أُكذوبة جيش العدو الغاصب وزعمه بأنه ليس له (مثيلْ)

قد باتت إنتصاراتهم قصة تُروى فصاروا ملحمةً فى البطولةِ والعبور... فقد علمونا بألا نُصدق كُلِ ما يُقال لنا، وبألا نسمع دون أن نتوثقْ ونرى بأعيُنِنا (الدليلْ)

قد صار جيشُ النصرِ عُنواناً لنا فى كل حين... فصاروا رمزاً للكرامة والإباءِ ك (النخيل)

فحُفرَ إسمُ كُلِ جُندىٍ فى ملحمةِ العبور والنصرِ الكبير مُخلداً فى سجلاتِ الوطن... أُنشودةً يتغنى بها صدقاً جيلاً بعد (جيلْ)

فنسينا كُلُ ما مر فينا من صعاب وألم... قد أستفاق بداخلنا شئٌ ثمين، ونحن نقرأُ قُرآننا حيناً، ثُمّ نرفعُ بغيرِ فرقٍ كتابُ الله مع (الإنجيلْ)

ومضينا كُلٌ فى طريقٍ نبنى بيدٍ... ونمسكُ بأخرى سلاحاً نُشهره فى وجهِ كُلُ حاقد أو (عميلْ)

ومضينا نشقُ الأنُفسَ ونحنُ نُرددْ بأنه ستظلُ مصرُ دوماً فوق أكتافِ المُخلِصينْ... ثُمّ نعودُ نُحذِرُ بأنه ويلٌ شديدٌ لِكُلِ مُعتدٍ علينا أو (دخيلْ)