الدور الإثيوبي التوسعي والصهيوإمبريالية
الأكاديمي مروان سوداح
لا تستطيع أديس أبابا بقواها الذاتية المُهَلهَلة ومكانتها الضعيفة والهشّة على الصعيدين الداخلي والخارجي، أن تتحدى الدول المجاورة أو القريبة منها بدون استنادها الكامل والشامل على دعم قوىً خارجية عدوانية فالتة مِن عِقالها، ليس أولها ولا آخرها القوة الصهيو - إمبريالية الإقليمية والعالمية الغاشمة، المُندغمة في هراوة واحدة، والتي لم تتوقف لحظة عن نسج المؤامرات البشعة الهادفة إلى محاصرة الشقيقة مصر الكُبرى والعُظمى عبر التاريخ، في محاولة لحرمانها من الماء والمَخارج والمضائق والمسطحات المائية، وبالتالي تهديد البلدان العربية الأخرى أيضًا. أديس أبابا أوهن من أن تتخذ أية قرارات أو أن تُدلي بأية تصريحات حادة بشأن القضية المائية ضد مصر بدون رافعة صهيوينة دولية وسند إسرائيلي إقليمي، وتترافق هذه كلها مع "مساعدات عسكرية"، وميزانيات مالية تهطل عليها كزخات المطر من جِعاب الاحتكارات الصهيونية والاستعمارية، التي سبق وسادت على العالم العربي بقتل ملايين مواطنينا، وها هي تهمُ بالعودة مجددًا بالعصا الصهيوأثيوبية دون الجَزرة هذه المرة!.
الدور المُناط بإثيويبا اليوم، هو ممارسة مختلف أشكال الضغوط وبأعلى درجة على القاهرة، في محاولة فاشلة طبعًا لفرض المطالب الصهيونية - الإمبريالية الدولية على بلد الأهرامات الشامخ، سعيًا إلى عرقلة ووقف الدور القيادي والمحوري السياسي والاقتصادي لمصر في العالم العربي وما جاوره، وشل القدرات والمخططات التنموية الفلكية الاقتصادية والنهضوية للدولة المصرية، ومنعها من العودة لتتبوأ مركز الصدارة بامتياز في عالم الدول الكبرى والمكانة المتقدمة المُقرِرة لها في أفريقيا، عودةً على الدور المصري القيادي في القارة السمراء. تهدف تل أبيب وأديس أبابا هذه الأيام إلى مواصلة الضغط المتزايد على مصر من خلال التحكم بشريان النيل، في معارَضة وتضاد سافر للمنطق والسلوكيات الإنسانية والقوانين الدولية ذات الصِّلة. يَعتقد تحالف العدوان أن دور مصر العربي والأفريقي والدولي يمكن أن يتراجع ويخبو من خلال الضغوطات الأثيوبية التي تضرب المنطق والدساتير ومصفوفات العلاقات الدولية بعرض الحائط علنَا وبدون خجل.
في محاولات أثيوبيا من جانب واحد، والتي تتسم بالعدوانية والانتهازية لتَولِيد المزيد من المؤامرات المُفضية لحصر مياه النيل بأراضيها هي وحدها، والتحكم المتفرد بتزويد مصر والسودان بالماء لدفع شعب مصر العظيم؛ الذي يعتمد منذ فجر التاريخ في حياته اليومية ومعيشته على هذه المياه؛ إلى حافة الجوع، بمنع وصولها إلى المُزَارع المصري ومشاريع مصر الزراعية، وبالتالي ضرب الزراعة المصرية، ومِن بعدها الإضرار بالصناعة المصرية والاقتصاد المصري، مما يؤدي وفق مخططاتهم الشيطانية، إلى تلاحق الاحتقانات داخل المجتمع المصري ودفعه بالتالي لمواجهة الدولة، ما يصبُ في مصلحة العدو المُندغم في طبيعة واحدة صهيونية – إثيوبية، ساعية بدأب للحد من ريادية مصر في كل المجالات. المخطط الثنائي الإثيوبي - الصهيوني يُراد له ضرب التناغم الداخلي ووحدة المكونات الاجتماعية المصرية ومكانة مصر القيادية ودورها الفاعل في مختلف القضايا والمنازل التعاونية السلمية، والتي تعاظمت وتوسعت خلال السنوات الأخيرة استنادًا إلى الرؤية الثاقبة والبعيدة المدى لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، والدعم العربي والإسلامي الكامل والشامل لمصر.
في البُعد الإستراتيجي للتحالف الإثيوبي الصهيوني الغربي، العودة إلى مشاريع عدوانية توسعية قديمة للنيل من مصر الحضارة والتاريخ. اليوم، نرى محاولات لاجترار المؤامرات بدفع الأحداث إلى هاوية عميقة لتجويع الشعب المصري الكبير والشقيق الحبيب، وتحريك الشارع بمواجهة الحكومة المصرية النابهة، وصولًا إلى فبركة اضطرابات، من شأنها تخفيف الضغوط الأممية على الكيان الصهيوني ليفلت من المطالبات العالمية له، بضرورة احترامه للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية واستقلالية وسيادة الدول المجاورة، ووقف التدخل في شؤونها الداخلية.
في هذه الظروف الدقيقة التي تتعرض إليها الشقيقة الكبرى مصر، أرى أن من واجبنا أن نتقدم بصفوف مرصوصة لشد أزر مصر دولةً ورئيسًا وشعبًا وواقعًا ومستقبلًا، فهذا يَعني أن نشد جميعًا أزر بعضنا بعضًا ونتوحد حول موقف واحد، لنُحرز جَمعًا نصرًا جماعيًا.
ـ لنصحو ونَنتبه ونَعي: الدور الأثيوبي في منطقتنا جد خطر، وهو يُهددنا جميعًا كعرب.