في يوم الصحة.. عام استثنائي أعاد ترتيب خريطة الصحة العالمية
أعادت جائحة كورونا إلى الواجهة أهمية أكبر للصحة العامة الأولية، وتعزيز التغطية الصحية الشاملة، وسد النقص ما أمكن في الكوادر الطبية والتمريضية، واستحداث تخصص العناية الحثيثة، والاستعداد للطوارئ، والمرونة في الأنظمة لمواجهة الأزمة، وفقا لأطباء ومعنيين.
وبين الأطباء لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) بمناسبة يوم الصحة العالمي الذي يصادف غدا الأربعاء، تحت شعار "إقامة عالم يتمتع بقدر أكبر من العدالة والصحة"، أنه لولا تعاضد الفرق الطبية من منطلق روح الإنسانية والمهنية والتضحية والعمل الدؤوب كل في اختصاصه في زمن كورونا، لكانت أعداد الوفيات أكثر بكثير مما نشهده الآن.
وأشاروا إلى أن الوباء الحالي ليس مجرد حالة طوارئ صحية عامة، بل أزمة حقوق إنسان وعدالة أيضاً، فيما حققت السياسات الأردنية بالرغم من الجائحة العدالة حفاظا على صحة وحياة كل مواطن ومقيم على أرض الوطن، فكان الأردن محط أنظار وإشادة من قبل منظمة الصحة العالمية.
وفي وقت ما يزال نصف سكان العالم على الأقل لا يتمتعون بالتغطية الكاملة للخدمات الصحية الأساسية، فيما نصف السكان على الأقل يُدفعون للعيش في فقر مدقع، لأنهم مضطرون لدفع تكاليف الرعاية الصحية، وينفق أكثر من 930 مليون شخص ما لا يقل عن 10 بالمئة من ميزانيات أسرهم المعيشية على تكاليف الرعاية الصحية، بحسب المنظمة.
ويتمتع الأردن بتغطية صحية شاملة ونظام صحي يجسّد العدالة بشكل كبير في توزيع الخدمات، من حيث انتشار المستشفيات والمراكز الصحية البالغة نحو 650 مركزا، وسهولة الوصول والحصول على الخدمة الصحية في أية منطقة بالمملكة، وفقا لمستشار المنظمة في الأردن الدكتور محمد رسول الطراونة.
وأشار الطراونة، وهو القائم بأعمال نقيب الأطباء، إلى أن التأمين الصحي بمختلف أشكاله المدني والعسكري والخاص شمل نحو 75 بالمئة من الأردنيين، إضافة إلى التأمينات من قبل الديوان الملكي العامر للأمراض المزمنة ذات الكلف العلاجية المرتفعة مثل السرطان والسكري، كما شمل التأمين تغطية لفئات من المناطق الأقل حظا، وكذلك عمال المياومة، وكبار السن ممن تبلغ أعمارهم فوق ستين عاما، إلا أن غير المشمولين بالتأمين الصحي يجري دعم الكلف العلاجية لهم بنسبة 60 إلى 80 بالمئة من الدولة.
ووفقا لإدارة التأمين الصحي في وزارة الصحة، بلغ عدد المؤمّنين الإجمالي نحو مليوني و772 ألف مؤمن، وعدد الأطفال دون ست سنوات ممن يجري معالجتهم دون إصدار بطاقات تأمين لهم، نحو 650 ألف طفل.
وأضاف الطراونة أنه بالرغم من الضغط الحاصل على وزارة الصحة ومستشفيات الدولة بتقديم خدمة علاجية للمصابين بكورونا، إلا أنها استمرت في تقديم الخدمة العلاجية لبقية الأمراض حتى في أيام الحظر، إذ كان يتم توصيل أدوية مرضى الأمراض المزمنة إلى منازلهم، ومواصلة تقديم الخدمات الأساسية مجانا كالتطعيم وتنظيم الأسرة والأمراض المعدية للمواطنين وكذلك للاجئين على حد سواء.
وأشار إلى أنه في ظل الأزمة اطلقت النقابة مبادرة همة وطن المكوّنة من حوالي 200 طبيب سخّروا أنفسهم طواعية لإجراء الفحوصات والمعالجات منزليا وتوصيل الأدوية للمنازل، فبالرغم من حالات النقص في أعداد الأطباء والممرضين، إلا أن كل واحد منهم في مجاله استطاع تقديم هذه الخدمة.
ونوه بالتعاون الكبير من منطلق المفهوم الإنساني للمهنة بصرف النظر عن المخرجات المادية، مشيرا إلى فقدان 46 طبيبا أثناء الجائحة، ونحو 20 ممرضا نتيجة تضحيتهم بالعمل بالرغم من خطورة العدوى.
وقال إنه وفقا للوضع الراهن، فإن وزارة الصحة ستستحدث تخصص العناية الحثيثة في المجلس الطبي، إضافة إلى أن إنشاء مركز الأوبئة الوطني بتوجيهات من جلالة الملك عبدالله الثاني، مبينا أن الاستثمار بالإنسان، وما آل إليه من خبرات مختلفة، أسهم في أن يكون الأردن مقصدا ومحجّا للعلاج من مختلف أنحاء العالم.
رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور فوزي الحموري قال إنه منذ بداية جائحة كورونا، جرى وضع إمكانيات المستشفيات الخاصة تحت تصرف وزارة الصحة، وعملت كجزء مهم من المنظومة الصحية في المملكة للمساهمة في احتواء الوباء، وحرصت المستشفيات الخاصة على استمرارية العمل فيها خلال فترة الحظر لاستقبال المرضى، لتعويض انشغال بعض المستشفيات الحكومية باستقبال ومعالجة المرضى.
وقال رئيس جمعية اطباء الحساسية والمناعة الأردنية، الدكتور هاني عبابنة، إن الصحة تعتبر من الجوانب الأساسية في حياة الفرد، واستطاعت الدولة توفير العدالة الصحية لمختلف الشرائح والطبقات خاصة في هذه الأزمة، داعيا القطاع الخاص إلى مراعاة الظروف المادية للمواطنين.
وأشار عبابنة، وهو مستشار أول حساسية ومناعة، إلى أهمية أنه أخذ الاعتبارات في التغطية الصحية الشاملة، وأهمها تقدير ثقل الأمراض والمتطلبات الاقتصادية، وعمل على كل ما شأنه تقديم خدمات بجودة عالية للمرضى في القطاعين العام والخاص، وتمكين الحصول على الرعاية الصحية، وتحسين فرص الحصول على الأدوية الأساسية والتكنولوجيات الصحية، وتعزيز نظم المعلومات في هذا المجال.
وقال أستاذ الطب في الجامعة الأردنية، الدكتور عزمي محافظة، إن جهود العالم تنصب على تغطية صحية شاملة لجميع الفئات والأعمار بغض النظر عن العرق والجنس، وتشمل تقديم الخدمات الصحية ابتداء من تعزيز الصحة الوقائية والعلاجية مرورا بالمعالجة التلطيفية والاستشفاء.
يشار إلى أن اليوم العالمي للصحة الذي يوافق السابع من نيسان من كل عام، يأتي تزامنا مع ذكرى تأسيس منظمة الصحة العالمية عام 1948.
--(بترا)