أسماك ونباتات.. مشروع أردني غزير الانتاج بمياه قليلة

استطاع مهندس أردني تأسيس مشروع زراعي يقوم على تربية الأسماك وزراعة المفيد من الخضراوات في مزرعته مستخدما النزر اليسير من المياه لتضاهي انتاجيته 4 -8 أضعاف الزراعة التقليدية لنفس الوحدة سواء من الأسماك أو الخضراوات.
ففي منطقة الجيزة جنوب العاصمة عمَّان، نَصَب المهندس سعد محي الدِّين، أول بيت بلاستيكي ذكي يقوم على تقنية دورة مغلقة بين الخضراوات والأسماك المحيرة، ويتمدد هذا البيت ليصبح عدد البيوت 15 على مساحة 30 دونمًا، كانت بُورًا وتحتاج إلى كميات مياه كبيرة لتنتج وتثمر، معتمدا على مياه الأمطار الشَّحيحة في هذه المنطقة شبه الصَّحراوية. وكالة الأنباء الأردنية (بِترا) زارت موقع المزرعة، والتقت صاحب المشروع الذي أطلق عليه اسم، "الماسية للمزارع الذكية"، والذي يعتبر من أوائل هذا النّوع من المشاريع في الأردن.
وبين محي الدِّين أنَّ مشروعه يعتمد على التقنيات الحديثة غير التقليدية في الزراعة، ويقوم على فكرة الأحيو مائي أو ما يسمى "الأكوابونيك"، والذي يدمج بين الزراعة المائية لإنتاج الخضراوات وتربية الأسماك دون استخدام السَّماد الكيمائي، وما يميز هذا النِّظام أنه يدمج ما بين الأحياء المائية والزراعة النباتية. ولفت إلى انَّ مشروعه اليوم يستغل 30 دونما من الأرض، ووصل عدد البيوت البلاستيكية الذَّكية إلى 15، ويقدر إنتاجه سنويا بـ 20 طنا من الأسماك، و80 طنا من الخضراوات.
وقال، "بدأت الفكرة من حديقة المنزل قبل 5 سنوات وكنت وقتها أستخدم أدوات أولية بسيطة للزراعة وفعلا نجحت الفكرة فكان النمو سريعا، والطعم مميزا حيث أنني لم أستخدم أية مادة كيميائية".
ويتابع: "اجتهدت على تعميم الفكرة على المزارعين الذين يعتمدون على الزراعة التقليدية وإقناعهم بفكرتي، إلا أنني لم أجد استجابة كبيرة، ربما لحداثة الفكرة أو الكلفة التأسيسية العالية مقارنة بالزراعة التقليدية، وهنا كما يقال الحاجة أم الاختراع تحولت لمزارع من أجل إثبات فكرة المشروع ونجاحه".
ولفت إلى أنَّه التقى مهندسا اسمه عبدالقادر الكيلاني بمحض الصدفة، حيث كان يسعى لنفس الفكرة وكان يعمل على مستخلصات الأعشاب وتطويرها دون أسمدة، وبدأ العمل المشترك مع بعض وكان ذلك قبل 5 سنوات في منطقة دير علا، ثم انتقلنا بعد ذلك لواء الجيزة لإقامة المشروع، وكانت البداية ببيت بلاستيكي مساحتة 30 مترا مربعا، واليوم يوجد لدينا 15 بيتا بمساحات تترواح من 150 الى 1000 متر مربع لكل بيت.
وقال الكيلاني لـ (بترا)، إنَّ جميع الأمم تسعى لغذاء آمن وصحي نظيف وهذه فكرة المشروع حيث نعتمد في زراعتنا على الاستزراع السمكي والزراعة المائية بالاعتماد على الطاقة المتجددة وهي فكرة موجودة في بعض الدول العالمية ولكن عملنا عليها حسب نموذج أردني، حيث يعتمد نظام الإستزراع السمكي على نظام الزراعة المائي في تنقية المياه من فضلات الأسماك والاستفادة منها بالحصول على المواد العضوية اللازمة للنمو، ثم بعد تنقية المياه لتعود مرة أخرى الى أحواض الأسماك، وبهذا النظام لا يحتاج المزاراع الى الأسمدة الكيميائية.
ولفت إلى أنَّ البداية كانت مع بيت بلاستيكي عادي إلا أن بعض المشاكل ظهرت وتتعلق بالظروف البيئية من حرارة ورطوبة وتهوية سببت أمراضا فطرية وحشرات تُعيق الإنتاج وتحتاج مبيدات وأدوية، بالاضافة إلى أن البيت البلاستيكي النموذجي ذو كلفة كبيرة، وهنا بدأ العمل على تطوير بيت بلاستيكي بمواد أولية بحيث يمكن تبريدة وتدفئتة بإستخدام الطاقة المتجددة، ويمكن بناؤه في جميع الظروف والمناطق وأكثر من مناخ، وموفر للطاقة بشكل كبير. وأكد الكيلاني أن أهم ما يميز نظام "أحيومائي الأكوابنك" أنه يستخدم المياه بكفاءة عالية جدا وبنسبة تقل عن الزراعة التقليدية بحوالي 85 بالمئة لنفس الوحدة المزروعة حيث تبدأ الدورة من أحواض الأسماك الى المزروعات بدون فاقد مياه، وموفر للطاقة بشكل كبير، ويمكن زراعة جميع الأصناف من المنتجات الزراعية على مدار العام وبمدة أقل عن الزراعة التقليدية وتضاهي الإنتاجية من 4 -8 أضعاف الزراعة التقليدية لنفس الوحدة سواء أسماك أو خضراوات، ولا يتم استخدام مواد كيميائية.
ويضيف، إن الوسط الزراعي المستخدم هو مادة الزيولات (حجر بركاني مفتت) كبديل للتربة وذلك لدرجة تخزينة للرطوبة وحل مشاكل الملوحة والتخفيف والتخلص من الأمراض، مزروع فيها أكثر من 38 صنفا رئيسيا من الخضروات والنباتات، وانواع الأسماك الموجودة هي المشط والكرب.
يُشار إلى انَّ نظام الاكوابونيك يعتبر أحد فروع الزراعة المائية وهو عبارة عن نظام زراعي يدمج بين تربية الأحياء المائية (الأسماك)، والنباتات مائيا أي مزيج بين زراعة الأسماك واستنبات النباتات ضمن نظام متكامل واحد.
ويعد هذا النظام واحدا من أكثر الطرق استدامة للغذاء والأحدث عالميًأ في مجالات الزراعة والمحافظة على البيئة، حيث تعمل النباتات على تنقية المياه للأسماك التي بدورها توفر السماد الطبيعي من خلال مخلفاتها لزيادة نمو النباتات وضمان زيادة إنتاجيتها.
ومن أبرز فوائد هذا النظام إنتاج غذاء صحي وآمن وخال من المبيدات الحشرية ومبيدات الأعشاب والأسمدة الكيميائية وهرمونات النمو والمضادات الحيوية، وإنتاج غذاء منزلي، وإنتاج مستمر للغذاء على مدار العام في كافة الظروف، وصديق للبيئة واقتصادي للمياه، ويقلل الوقت والجهد.
(بترا)