الخصاونة والعودات والثورة الإدارية

جواد الخضري
اللقاء الذي جمع الحكومة ممثلةً برئيسها د. بشر الخصاونة ومجلس النواب ممثلًا برئيسه المحامي عبد المنعم العودات بمشاركة نيابية وحكومية قد يُعتبر من وجهة نظر عصف ذهني يُراد منه إعادة الدراسات للعديد من التشريعات والقوانين الناظمة بما يُلبي تطلعات الشارع الأردني.
الخصاونة هذه المرة ورغم الصمت الحكومي وضعف الأداء الذي لم يُلبي مطالب الشارع مما تسبب بعاصفة من الهجوم وتوجيه الاتهامات لحكومته، خرج ومن خلال حديثه عن الصمت حين تحدث قائلًا بأننا نحتاج إلى ثورةٍ إداريةٍ ليعود للإدارة الأردنية بريقها وألقها المعهود لتعمل هذه الثورة الإدارية على إزالة مواطن الضعف والقصور ومصرحًا بأن الثورة ستتناول قوانين الأحزاب والإنتخاب والإدارة المحلية.
بناءًا على شمولية الحديث من كلا الطرفين يُثير تساؤلات وأسئلة يتم طرحها وتوجيهها لحكومة الخصاونة منها ألم تصلكم التوجيهات الملكية من خلال كتاب التكليف السامي؟ ألم تطّلع حكومتكم على الأوراق النقاشية والتي هي رؤى ملكية للعمل على دراستها وما جاء فيها؟
إن الإدارة المدنية هي الأساس في بناء الدولة لأنها تشمل كافة السياسات العامة الاقتصادية، الاجتماعية، الصحية، الفكرية، والعسكرية أي بمعنى تشمل جميع مفاصل الدولة  للوصول إلى تحقيق العدالة الشمولية التي تحفظ حقوق المواطنين بما كفله الدستور. 
أما بالنسبة لما تحدث به رئيس مجلس النواب عبد المنعم العودات متهمًا الحكومات المتلاحقة بأنها غرقت في تشخيص المشكلات ورسم الخطط والاستراتيجيات وأنها أي الحكومات تناست أن المشكلة الأساسية تتمثل في الإدارة التي تطبق وتنفذ. كما بين العودات وخلال حديثه الذي جمعه ورئيس الحكومة وممثلين حكوميين ونيابيين حرص المجلس على تنفيذ الرؤى الملكية بفتح قنوات التعاون مع الحكومة بما يحقق المصلحة الوطنية، واعترف العودات بأن هناك اختلالات داعيًا إلى ضرورة العمل المشترك لتصويب المسارات ومعالجة الاختلالات أينما وجدت داعيًا إلى خلق حالة من التكامل بين سلطات الدولة مبينًا أن هذا العمل سيأتي من خلال نية المجلس النيابي بإجراء حوارات موسعة وشاملة حول التشريعات الناظمة للحياة السياسية والنهوض بملف الإصلاح الإداري. 
هذا التأكيد على أهمية تطوير التشريعات الناظمة للحياة السياسية يدعو أيضًا للتساؤل لماذا جاء في هذا الوقت العصيب؟ مع أنه أمر جيد بالسير نحو العمل الجاد بدلًا من التشخيص ورسم السياسات الغير مطبقة بحسب قوله على أرض الواقع ونقول أن تأتي متأخراً خيرٌ من ألا تأتي أبدا. 
الحديث والتصريحات قد تبعث على الأمل حال توافق الطرفان السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية مع ضرورة إشراك كافة القوى الحزبية، الشبابية، منظمات المجتمع المدني الوطنية، الجامعات، ومراكز الأبحاث والدراسات. 
لكن وبالعودة لحديث العودات بتوجيه اتهامه للحكومات المتلاحقة وتغاضيه عن التقصير من قبل المجالس النيابية المتلاحقة وكأنه يقول أن المجالس قامت بما هو مطلوب منها، ولو كان الأمر كذلك لما كنا نسمع صوت الشارع الذي طالب ويطالب بحل مجالس النواب باستثناء مجلسي عام ١٩٨٩ و ١٩٩٣ ومن بعدها بدأت المطالب بحل الحكومات والمجالس المتلاحقة وازدادت مع فترة ما يُسمى بالربيع العربي. 
على كل الأحوال لن نبدأ بالهجوم وتوجيه الانتقادات، بل سننتظر بفارغ الصبر مخرجات ما سيتم.