البطالة المقنعة من نافذة المحلل الاقتصادي مازن ارشيد

 نور حتاملة

 

أوضح الخبير الاقتصادي مازن ارشيد أن البطالة التي يتم الاعلان عنها رسميًا غير حقيقية وغير دقيقة تزامناً مع صدور معدل نسبة البطالة عن دائرة الاحصاءات العامة يوم الاثنين للربع الرابع من ٢٠٢٠ والتي قدرت بـ ٢٤.٧٪؜ مقارنة مع ٢٣.٩٪؜ في الربع السابق، وقال يتم احصاء هذه النسبة مع استثناء "البطالة المقنعة" التي هي أشخاص يعملون ويتقاضون أجوراً وان كانت في الحد الأدنى دون انتاج مقابل ولو أردنا اعتبارهم في الاحصاء قد تتجاوز نسبة البطالة 30% فعلياً.

وعرّف ارشيد البطالة المقنعة في حديث له مع "الانباط" على أنها بطالة تبدأ بـ التشكل كلما كان هناك جزء من قوة العمالة إما ترك دون عمل أو أنه فائض عن الحاجة بحيث لا تؤثر انتاجية العامل في جوهرها اي قيمة حقيقية للاقتصاد الكلي للدولة، فهم بذلك يشكلون إضافة قليلة للبطالة الإجمالية وبالتالي يصنف هذا النوع من التوظيف بالبطالة "المُقنّعة" وهي الأكثر خطورة على الاقتصاد أما في المناطق الحضرية فإن هذا النوع من البطالة يمكن أن يتواجد غالباً في قطاع الخدمات.

وتابع، ينتشر مفهوم البطالة المقنعة في كل دول العالم لكن تواجدها يشكل النسبة الاكبر في دول العالم الثالث لانها في العادة دول غير منتجة وتوظف حكوماتها أعداداً كبيرة من العمال الذين يرفعون النفقات مقابل تراجع الايرادات، مثل الاردن ومنطقة الشرق الاوسط مقارنة مع انتاجية الدول المتقدمة التي تكون أعلى واقتصادها أضخم مثل الاتحاد الاوروبي واميركا ومثيلاتها التي يقل فيها أعداد الموظفين وترتفع إنتاجيتهم، فنسبة البطالة تكون فيها دقيقة بشكل كبير في حين ان الدول غير المتقدمة في الاقتصاد تنتشر فيها البطالة المقنعة وبالتالي نسبة البطالة بشكل عام لا تكون دقيقة لانها لا تتضمن نسب هؤلاء العمال. وأضاف عن الموظفين الذين يعملون بوظائف ومهن ليس لها أي انتاجية ولا تضيف قيمة مهمة للاقتصاد خاصة في الاردن يشكلون ما يعرف بالترهل الاداري، فالدوائر الحكومية الرسمية والوزارات مثقلة بالعمال الذين يمكن خفض أعدادهم لأقل من النصف لتكفي حاجتهم الانتاجية اما الباقي فلا يضيفون قيمة للانتاج ولا يساهمون في رفع الاقتصاد الوطني وبالطبع لهذا الامر أضرار كبيرة.

وأضاف قائلا، ان البطالة المقنعة في الاردن تظهر بشكل واضح لان نسبة الموظفين والعمال في القطاع العام الحكومي يعتبر من أعلى النسب في العالم لان الحكومة توظف تقريبا أكثر من 38% من العمال في الاردن في حين يفترض بالقطاع الخاص أن يشغل النسبة الأعلى من العمال، لهذا لدينا ترهل إداري ونسبة عالية من التوظيف في القطاع الحكومي الرسمي العام الذي يترتب عليه ارتفاع بنسبة هذا النوع من البطالة لإن هذه العمالة في القطاع الحكومي المترهل لا يقدمون أي انتاجية للاقتصاد.

وفي التبعات الاقتصادية المنعكسة على الاردن نتيجة لهذا الأمر قال ارشيد، تكمن زيادة شواغر العمالة غير المنتجة في عدم إضافتهم أي قيمة تذكر للاقتصاد الوطني ولا الى إجمالي الناتج المحلي كما سيكلف الحكومة أجور رواتب مقابل لا شيء ترفع من نفقات الدولة خصوصا النفقات الجارية ومعظمها رواتب الموظفين في القطاع العام بمختلف أنواعه الصحي والتعليمي والى آخره.

وأضاف دولة مثل الاردن ليس لها مصادر إيرادات غير إيرادات الضرائب تقريباً ينتج عنه عجز مزمن في الموازنة العامة للدولة أي أن مجموع النفقات أعلى من الايرادات وهذا واقع الاردن الذي يعاني من عجز مزمن وفي تفاقم منذ عشرات السنين حيث لم تشكل الفوائض المالية التي تزيد فيها الايرادات عن النفقات في اخر ٦٠ عاما الا سنوات قليلة جداً مقابل ما يقارب ٥٠ عاما من العجز المزمن الذي يستند على اسباب عديدة منها البطالة المقنعة. وبالتالي فإن ارتفاع نفقات الدولة يحولها الى عاجزة تضطر الى الاستدانة من الخارج لتغطي هذا العجز، وهذا هو الأثر الكبير على دولة مثل الأردن تقدر ديونها بـ ٣٥ مليار دينار أردني لإنها في كل فترة تحاول أن تغطي العجز نتيجة ارتفاع النفقات وتراجع الايرادات وهي حلقة من ضمن سلسلة مترابطة تؤدي إلى فشل الدولة بنهاية المطاف.

وفي هذا السياق أشار رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر في مؤتمر صحفي عقده منذ مدة، الى ان الجهاز الحكومي يحتوي بشكل من الأشكال على بطالة مقنعة وأوضح التزام الديوان التام بنضح الجهاز الحكومي ليكون بديلا للبطالة المقنعة حيث يسعى الديوان باستمرار لتكوين منهجية منظمة في عملية التخطيط الوظيفي تحت إدارة الدوائر الحكومية بما يمكنها من أداء برامجها ومشاريعها وخططها. وقال عن وجود تجارب تغيير في الدول الاوروبية على آلية التعيين في الجهاز الحكومي واخلاء أعداد ضخمة من العمالة المقنعة بسبب الانعكاسات الخطيرة على الموازنة العامة، وأضاف أنه في العرض الأخير للموازنة العامة كانت الرواتب والأجور من ضمن النفقات الجانبية التي تشكل النسبة الأكبر من هذه الموازنة بشكل عام.