سارة غرايبة: الرسم طريقي الذي اعبر به عن ذاتي

الموهبة سلاح قوي احمي به نفسي

فرح موسى

 

الحياة هي اختبار ومحن، والاختبارات ليست من المفترض ابداً ان تكون سهلة، والاستسلام لا يجب ان يكون إحدى خياراتنا، واولى خطوات عدم الاستسلام هي ان نتقبل انفسنا كما هي لان كل شيء يبدأ من داخلنا، وداخلنا مليء بالنوافذ التي حان وقت فتحها لكي يسطع الأملويضيئنا. فالامال هي من تصنع الاشخاص وتكون الطريق لتحقيق الاحلام، فلا تحلم نصف حلم ولا تتعلق بنص أمل، ونصف طريق لن يوصلك إلى اي مكان، فالنصف هو لحظة عجزك وأنت لست بعاجز لانك لست نصف إنسان، أنت إنسان وجدت كي تعيش الحياة وليس كي تعيش نصف حياة، فليس هناك ظرف أو وقت صحيح أو خاطئ للسعي خلف أحلامنا.

ولدت سارة ابراهيم الغرايية منذ ٢٢ عام وبالتحديد في الرابع من نيسان لعام ثمانية وتسعين وتسعمائة والف في منطقة الهاشمية في محافظة عجلون ، ولدت لأسرة بسيطة وقد توسطت افراد الاسرة هذا المكان الذي يجعل الطفل من الصعب ان يتميز بين اخوته .

ولدت سارة وهي مصابة بمرض يسمى " هشاشة العظام " مما يترتب عليها أثناء ممارستها لحياتها اليومية القيام بحركات بسيطة ومحددة واي حركة خاطئة قد يؤدي الى صابتها بكسر في اليد او القدم او الحوض ، هذا المرض غير من نمط حياتها وحياة اسرتها ، وذلك بسسب أن عظامها عرضة للكسر في اي لحظة وفي وقت .

عندما خطت قدماها على الارض فكانت مثل دبيب النمل على الارض , هذا ما أطلقوه عليها الاهل والخلان والاقارب , لكن سارة لم تقبل بهذا الوصف وأنما وصفة خطواتها مثل نهيم الفيل لانها في تلك اللحظات كنت قد اكتشفت ان في داخلها قوة واصرار على التغلب على هذا المرض وذات الخطوات التي وصفت بأنها دبيب النمل وارادت ان تبنيه رويدا رويدا .

وبوصفي سارة لحياتها تقول بعد مضي خمس سنوات من العمر كان لازما علي ان اعيش كما يعيش الاخرين و يجب علي أن لا اخسر نفسي ومستقبلي بسبب عجز عظامي عن حملي ، فذهبت للروضة مع خوف يخيم على الاهل والاقارب ، خوفا مبرا خوفا من حبهم لي ولكني كنت اكره ان يُنظر الي بعين العجز والشفقة لكن كانت تلك النظرات حافزا لي ، وبسبب ذلك أضطر اهلي أرسالي الىمدرسة خاصة فدرست فيها سنتين , و تبلورت عندي فكرة عن الحياة خارج اسوار المنزل ولكن لم يتوقف الامر على عجز عظامي عن حملي وكذلك عجز اهلي في تحمل مصاريف دراستي ايضاُو استمرار تعلمي في التعليم الخاص خاصة ، مما ضطرت الى نقل دراستي لمدرسة حكومية وبحوزتي كرسي متحرك .

ذاك الكرسي الذي اصبح رفيقي وصديقي وزميلي اعتدت عليه وتعود هو ايضا علي فاصبحت معه اتحدى عدم جاهزية المدرسة الحكومية لذوي الاعاقة مثلي فكان صعود درج المدرسة للطوابق العليا في الصباح والنزول منه عند نهاية الدوام معاناة أخرى أعيشها يومياً و مع كل درجة اصعدها و انزلها كان هناك تحدي ، لكن تلك الخطوات وعدد مرات الصعود والنزول كنت أتخطاها و أستمر فيها بفضل من كان يقف الى جانبي ويساعدني و يعطيني بصمة الامل و نضرة أيجابية أنني قادر على تحدي معاناتي وأن أستمر " معلماتي وصديقاتي وزملائي " في المدرسة ما انفكو يوما في معاونتي ومساعدتي .

ولكن ولاني ولدت وعشت في رحم المعاناة في مرحلة ما قبل الثانوية خضعت لعمليتين جراحيتين تكللتان بالنجاح ومع عزيمتي واصراري وبالعلاج الطبيعي عادت لي قدرة المشي والتي ساعدتني في الصعود لوحدي درج المدرسة لكن وبحمد الله دون الرفيق الذي كان يلازمني بالسابق ( الكرسي ) ولكن كان ذلك بصعوبة و تحمل

وبحمد الله وبفضله تقدمت لامتحان شهادة الثانونية العامة اجتزتها بنجاح ، لكن رفيقي السابق اصر أن يعود ويبقى معي ويستمر في حملي لاني معه اكون اسرع وقد يكون أعتاد علي وعتدت عليه فلم نستطع أن نفارق بعض .

الاشخاص السلبيين و المحبطين كان لهم مكان في قصتي ومعاناتي فواجهت هذا النوعمن الناس وبدأت تلك الاسئلة التي يطرحونها علي

ماذا تريدين من الجامعة ؟

وكيف ستدرسين وانت عاجزة ؟

وهل سوق العمل سيستقبل عاجزه !

بكبرهذه الكلامات حجمها وقساوتها بقدرة الله جعله بردا وسلاما على صدري ، فبدأت حياتي الجامعية ودرست المجال الذي أحبه " تخصص الاعلام " ، هذا المجال الذي يوصل الرسالة و التصور لكل العالم وأنا صاحبةَ رسالة سامية .

فدرست العلاقات العامة والاعلان باليرموك ورغم الصعوبات و المعاناة التي كنت أعيشها يومياً تخرجت منها بثلاث سنوات ونصف ، لكن دائماً نقول أن الله ياخذ من العبد شيء لكن يعطيها ألف شيء , فقدرني الله ان أكون صاحبة ابداع و مواهب لم يكن يمتلكها الكثير من الافراد , فقدرني الله على موهبة الفن والرسم التي تبلورت معي عندما اشتركت بمسابقة تمكين تلك المسابقة التي نظمها صندوق الامم المتحدة وحصلت على المركز الاول في الرسم الكاربكاتوري .

ولكن ولانني كنت ابحث لاجد نفسي واحقق ذاتي اخرجت ما بجعبتيى من مواهب وابداعات حباني بها الله جل في علاه فعملت مع مؤسسة بانيلو جاليري وهي مؤسسة ناشئة في دعم المواهب ، ولايصال رسالتي بدات ابحث عن عمل مع الاستمرار في تنمية موهبة الرسم ،وابدعت برسم لوحات بالاكريلك ووجدت هذه المرة دعما غير منقطع من الاقارب والاحباب وبدات ارسم واخذ طلبات ومن هنا بدا مشروعي الذي لن يمنعني عن العمل في تخصصي في حال حصلت عليها .

سارة مثالاً لقوة و الاصرار وقدوة لكل فرد وشخص فينا , تعلمنا أن فقدان شيء لا يعني فقدان كل شيء , نضرتنا للحياة والمستقبل يجب أن تكون أقوى من المعاناة التي ممكن أن نعيشها أو تكون جزء منا .

شكرا سارة لكلامك الذي يعطينا القوة و العزيمة و التحدي .