تحدياتنا تحتاج الى ” الصعقة “… فمن أين نبدأ اليوم ؟

بعد مرور عام عصيب على قدوم زائر لئيم وهو الكورونا ، نعيش أصعب الظروف في محيط المتناقضات ونواجه التحديات التي أصبحنا لا نستطيع أن نعرفها بمنطق الامور ، فالمرض تحدي والحصول على المطعوم بعد أن سلمنا به تحدي أكبر ، الظروف المعيشية للمواطن في أصعبها بعد أن حاولنا التعايش بكل طاقاتنا ، الاقتصاد حدث ولا حرج ومن كل جانب مجروح ، والاستثمار أصبح كلمة تتردد على كل لسان ولكن أين هو ؟

النتيجة اليوم على أرض الواقع حالات المرض بالفايروس بتزايد وهنا ليس فايروز كورونا فقط بل فايروس ظروفه ، فالبطالة تتزايد وبتقديري تجاوزت 30 % والقطاعات الاقتصادية منهكة ومنها مدمر ، والموازنة في أصعب ظروفها وبعجز 2.5 مليار دينار ، قضايا متراكمة والمحاكم متخمة بها الى حد لا يوصف وصلت الى المليون قضية ، والشيكات المعادة 1.7 مليار دينار والديون المتعثرة في تصاعد ورصدت البنوك مخصصات اضافية بنسبة 187 % ، تراجع بأرباح الشركات المساهمة العامة والتي من ضمنها البنوك تجاوزت 65 % ، فكل هذا وأكثر ضرب منظومة متكاملة من الاستقرار الصحي والنفسي والمالي والاجتماعي ، فمن أين نبدأ اليوم ونحدث الصعقة التي ستعيد ترتيب المنظومة ؟

لا يمكن التحرك بدون خلق السيولة النقدية الكافية لتدوير المال ، وهنا أوكد بأنه لن تمطر السماء المال وعلينا أن ندور ما نملك من مال لنعيد التوازن ونراهن على الوقت فهو اليوم سيد الموقف . فأين هو المال لنقوم بتدويره ؟

اين صرف المال ؟ سؤال يدخلنا الى طريق البداية فلدينا مشاريع منجزة على أرض الواقع صرف عليها المليارات وأموالها معطلة ومنها الجزء الكبير ممول من البنوك أي سيولة استنفذت ، فمثلا لدينا ما يزيد عن 30 الف شقة سكنية جديدة جاهزة صرف على تجهيزها ما يزيد عن 2.5 مليار دينار نصفها تم تمويله من البنوك وشركات التمويل والنصف الاخر من سيولة المستثمرين ، كلها أموال معطلة ولكن هذه بضاعة عليها طلب وتحتاج الى تحفيز . فلو وجهنا كافة الاطراف ذات العلاقة للتحرك سنعيد تدوير المال وتحريك اكثر من 70 قطاع واعادة السيولة للبنوك لاعادة ضخها مرة اخرى بالاسواق وهنا ببساطة رفع التمويل للشقق السكنية الى 100 % وتثبيت سعر الفائدة على المقترض لاول 3 سنوات عند حدود 5% واعفاء مشتريات هذه الشقق من كافة الرسوم فسنحدث الصعقة بتدوير المال وتحريك القطاعات وخلق فرص العمل في قطاعات معطلة والاهم أيضا عوائد للخزينة بمعدل 26 % من ضرائبها المختلفة بالحد الادنى .

أقساط القروض الممنوحة من البنوك للافراد والمؤسسات والشركات من شهر 3 ولنهاية شهر 6 / 2021 تتجاوز 1.2 مليار دينار وعند تأجيلها بدون فوائد سيتم ضخ هذه السيولة في الاسواق وسيدور المال وهنا كل القطاعات والافراد ستعمل ونعيد الحياة الى الاسواق وبحيث تتحمل الحكومة الكلفة التي تزيد عن كلف الاموال للبنوك ويتم توفير حوافز للبنوك من البنك المركزي لتغطية كلفة البنوك وطرحت سابقا آلية كاملة لذلك وبالنتيجة لن يكون هناك أي خاسر وعلى العكس ستكون العوائد مضاعفة لكل الاطراف ذات العلاقة والاهم أن الخزينة ستتعاظم ايراداتها .

قدرتنا على شراء واحضار المطاعيم محدودة نسبة الى ما نواجهه من تزايد للحالات المصابة فعلينا أن نفتح المجال للقطاع الخاص لاحضار المطاعيم وضمن آلية تسعير يتفق عليها حسب أسعار المطاعيم في الاسواق العالمية المفتوحة وتباع من القطاع الخاص لمن يرغب من المواطنين المقتدرين كما هو يحدث في المطاعيم الاخرى فما الجديد وماذا ننتظر ؟ فكل هذا سيوفر مطاعيم اضافية تحمي المواطنين ويخفف العبىْ على الحكومة .

المشاريع المتعثرة والتي أموالها معطلة وسيولة البنوك التي مولتها معطلة ومهددة ، لو نظرنا لها كفرصة استثمارية لاي مستثمر يرغب بشرائها أو المشاركة بها او تشغيلها وتم منحه كل الامتيازات التي نمنحها للمستثمر الخارجي وأكثر ، فهذا يعني تشجيع روؤس الاموال المحلية على الاستثمار في البلد وتدوير المال من مال معطل مخزن الى مال مستثمر يعيد الحياة الى هذه المشاريع المتعثرة ويحافظ على ما استثمر بها ويعيد تشغيل العمالة الاردنية فهذه استثمارات قائمة على أرض الواقع ، وكل هذا سيعود بالفائدة على المستثمر والمتعثر والمواطن والاهم على خزينة الدولة من مصادرها المختلفة بعد احياء هذه المشاريع ويعالج نسبة كبيرة من ملف المتعثرين .

فماذا ننتظر ؟ لا نحتاج الى تشريعات ولا قوانين ولا بيروقراطية الانجاز ، نحتاج الى القرار لاحداث الصعقة … فمن لها ؟

حمى الله الوطن قيادة وشعبا وأدام الله علينا نعمه .

m@alqaryouti.com