خوجالي تتشح بالأحمر القاني مدى الدهور
يلينا نيدوغينا
شَكّل مُخَطّط البيريسترويكا السوفييتية اللعين مَخرجًا شيطانيًا "مُناسِبًا!" لعددٍ من قوى الإرهاب الإقليمية والدولية المتأبّطة شرًّا، لتفلت من قُمقُمِها ولترتكب خطايا دموية بحق الإنسان الأذربيجاني. هذه البيريسترويكا القروسطية الاستعمارية والاستكبارية القذرة أطلقت شرورها في ميادين أذربيجان، مفاخِرةً بما تتقنه بحق شعب هذه الدولة المُسَالِمة وقوميتها الصغيرة من فنون التدمير، وبقرِ الأجساد، وإسالة الدماء، وإزهاق الأرواح، وحَرقِ الحَيوات التي خلقها الله لتمجيده في أرضه وسمائه.
في "باكورة المجازر" التي ارتكبتها بيريسترويكا غورباتشوف ومن بعده "إلتسين" بحق بني الإنسان، افتُضحت الحقائق دوليًا وأُممّيًا عن "عملية خوجالي" الإرهابية، المُتجرِّدة من كل المقاييس الإنسانية والقانونية والدينية. لقد نشرت الخراب والدمار والدم والبغضاء والسواد بين القوميات السوفييتية وشعوبها. ولتسهيل مخططاتها القذرة، حاول الثنائي السوفييتي الحقير افتعال حروب دينية وطائفية إسلامية – مسيحية، ومسيحية - مسيحية في القوقاز وتصديرها للعالم، بغية تفسيخه، وتفتيته، واستعباده، خدمةً لمصالح ضيّقة وأجندات خارجية عميقة الأبعاد، لم تشهد شعوب الاتحاد السوفييتي المُنهار والمَعمورة مثيلًا لها سوى على يد الفاشية والنازية المقبورتين والكولونياليات القديمة.
رفضت أرمينيا بكل صلفٍ إيقاف عدوانها البيريسترويكي على أذربيجان وشعبها العريق، واستهزأت بقرارات الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، وعارضت دعوات المجتمع الدولي، ووقفت لوحدها موقف الضد منها، فبقيت الدعوات والمطالبات والقرارات الدولية حِبرًا على ورق لثلاثة عقود، بجريرة نَهمِ الاحتلالية الأرمينية ونقلاتها الجيوسياسية المُتّسعة أبدًا، والرافضة لتعويض مَن تعرضوا للذبح والقتل وانتهاك أعراضهم والتمثيل الوحشي بهم بالفسخ والسّلخ. فجأة أصاب الطَرش أرمينيا التي جذّرت قواعدها في الأرض الأذربيجانية الأجنبية.
قبل نحو ثلاثين عامًا، استَحدثت قوى الشر انقلابية بيريسترويكية دموية فُرضت على الشعوب والقوميات السوفييتية، وبخاصة الصغيرة منها، لجرّها إلى إقتتال وتناحر فتفتيتها. آنذاك، شرعت القوات الأرمينية بمحاصرة مدينة خوجالي في قراباغ الجبلية الغنية بكل المطمورات الثمينة.
تابع العَالم بذهول وصدمة المذبحة التي ارتكبها أزلام أرمينيا ومَن لَف لفَهم على مشارفها وفي قلبها المُدمّى، حيث راح ضحية رصاص وسكاكين وقنابل الفاشيين الأرمينيين الجُدد، أعدادٌ كبيرة من المواطنين الأذريين المسالمين الذين تتحدث عن فواجعهم وتَعرِضُ لصورهم المؤلمة وسائل الإعلام العربية والإسلامية والعالمية ووثائق المنظمة الدولية، ذلك أن هذه الفاجعة الرهيبة قد شكّلت واحدة من أكثر مَذابح الإبادات الجماعية سوادًا وخِسّة في التاريخ العالمي، إذ "تم" فيها حرق الأحياء، وقطع الأعضاء الجسدية للأذريين بشهادات مشاهير كُتّاب الأرمن أيضًا، الذين منهم على سبيل المِثال لا الحصر، داود خيريان في كتابه المُعنوَن "من أجلِ الصليب"؛ (والصليب والسيد المسيح له المجد بَرَاء من هذا العدوان – ملاحظة كاتب المقالة)؛ الصادر في بيروت عام ٢٠٠٠م؛ و زميله زوري بالايان، في كتابه "الأحياء"، الصادر في عام ١٩٩٦، وهو عن (مذبحة خوجالي).
ـ وقائع مذبحة خوجالي: قُتل 613 أذربيجانيًا، من بينهم 106 نساء، 63 طفلاً، و70 مسنًا، وأصبح 487 شخصًا من السكان المسالمين مُعوّقين لإصابتهم بالرصاص، وخطف الغازي 1275 أذربيجانيًا كرهائن، منهم 150 شخصًا لا يُعرف مصيرهم حتى الآن. تم القضاء على 8 أُسر بالكامل، وفَقَدَان 25 طفلاً آباءهم، وفَقَد 130 طفلًا أحد والديهم، وتعرّض الأسرى والرهائن لتعذيب شديد، وانتهكت الحقوق الأساسية والإنسانية للأذربيجانيين بشكل جماعي وصارخ، وعلى رأسها الحق في الحياة.
ـ في ردود الأفعال: صدر بيان عن مجلس الأعيان الأردني، بتاريخ 19 حزيران عام 2013، أدان مجزرة خوجالي. وبهذا، أصبح الأردن أول دولة عربية استنكرت هذه الإبادة الجماعية.
ـ جاء في خبر لوكالة الأنباء الأردنية بترا، (أيار، 2013): مدينة خوجالي؛ البالغ عدد سكانها في عام 1992 سبعة آلاف نسمة؛ شهدت آنذاك مذبحة بعد دخول القوات الأرمينية إليها، وتدميرها بالكامل، وقتل 613، من المدنيين الأذربيجانيين، منهم 63 طفلًا، و106 من النساء.
ـ بتاريخ 19 حزيران 2013، صدر بيان مجلس الأعيان الأردني الذي أدان مجزرة خوجالي، وبالتالي أصبح الأردن أول دولة عربية تدين الإبادة الجماعية فيها.
ـ أطلقت ليلى علييفا، المُنسِّقة العامة للحوار بين الثقافات بمنتدى شباب منظمة التعاون الإسلامي، الحملة الدولية تحت عنوان "العدالة لخوجالي"، إذ أسهمت بتكثيف التعريف بها. وبالتوازي، تنشط مؤسسة حيدر علييف برئاسة السيدة مهربان علييفا، النائب الأول لرئيس الجمهورية، بدور وازن في تعميم ونقل الحقائق عن المجزرة.
ـ تبنّى مجلس النواب لولاية فرجينيا الغربية الأمريكية، قرارًا بشأن مَذبحة خوجالي، أكد أنها تُعَدُ جزءًا لا يتجزأ من العدوان العسكري وعمليات التطهير العرقي التي ارتكبتها القوات العسكرية الأرمينية في منطقة قراباغ الأذربيجانية منذ عام 1988. وقبل هذا القرار، تبنّت المجالس التشريعية للولايات الأمريكية الأخرى قرارات طالبت بمعاقبة مرتكبي المَجزرة، وهي: كاليفورنيا، وماساتشوستس، وتكساس، ونيو جيرسي، ومين، ونيو مكسيكو، وأركنساس، وجورجيا، واوكلاهوما، وتينيسي، وبنسلفانيا، وكونيتيكت، وفلوريدا، وميسيسيبي، وويست فيرجينيا، واينديانا، ويوتا، ونيبراسكا، وهاواي، ومونتانا، وآريزونا.
*كاتبة روسية متخصصة بشؤون روسيا والاتحاد السوفييتي ورئيسة تحرير.