"مصنع الأفكار" ... حاضنة اردنية لـ تحويل الفكره الى واقع ملموس وتطويرها

خليل النظامي
لم يكن يوما عاديا، وكنت اعتقد ان الزيارة ستكون لإحدى المؤسسات التقنية البسيطة الشبيهة بـ معظم المؤسسات التي سمعنا وقرأنا عنها، خاصة انني لست صحفيا متخصصا او مطلعا بالشكل الكامل على المؤسسات المعنية بـ الصناعات التقنية والحرفية الرقمية، وكنت اعتقد اننا كـ دولة نامية من دول العالم الثالث لم نلامس بعد هذا الشكل من اشكال التطور التكنولوجي.
وكانت المافجأة حال دخولي لذلك المبنى الذي تعلوه قارمة مكتوب عليها "مصنع الافكار"، الأمر الذي اثار حفيظتي الصحفية قبل الدخول، فالإسم لوحده كفيل بخلق شعور الأمل وروح التفاؤل بداخلك كـ شاب طموح يريد ان يفجر كل ابداعاته وطاقته العلمية والعملية وما لديه من افكار ترسم له خارطة طريق مهنية لبناء مستقبل مهني متميز، وبالتالي المساهمة في رفعة الصورة العامة للصناعات والابتكار والابداع في وطنه.
بدأنا بـ التجمع امام المبنى برفقة قائد الرحلة استاذ الصحافة والاعلام في جامعة البترا الدكتور زياد الشخانبة ومجموعة الزملاء من طلبة كلية الصحافة والاعلام في الجامعة، حيث بدأ كل منا بـ تجهيز كاميرا هاتفه النقال ودفتر الملاحظات والقلم الخاصة به، تمهيدا لـ دخول "مصنع الافكار" والتعرف عليه والوقوف على ابرز نشاطاته واعماله ورسالته وجملة الاهداف التي يعمل في سبيل تحقيقها.
وبكل حفاوة ترحيب وابتسامة نشمي من نشامى الوطن استقبلنا مدير الاعلام والعلاقات العامة لـ "مصنع الافكار" بشار الحسبان، حيث رحب بنا ترحيب النشامى الذي اعتدنا عليه في مؤسساتنا الوطنية، ومن ثم اخذنا في جولة شملت كافة مرافق المصنع ومختبراته، في نفس الوقت الذي تولى فيه مهندس المختبر احمد الفارس تقديم الشروحات التفصيلية عن كل جانب في المصنع، وتعريفنا على قسم التميز لتقنيات ثلاثية الابعاد، ومن ثم قدم ايضاحا حول قسم الاعمال الخشبية وقسم الالكترونيات والاعمال الحديدية، وصولا الى استعراض قسم الخياطة والحياكة التقليدية والرقمية عبر تقنية الليزر.
هذا ما حدث في جولة الأمس، ولكن ما حدث معي بعدها أمر مختلف تماما...
فـ منذ لحظة دخولي مبنى "مصنع الافكار" بدأت تتحرش في ذهني الكثير من القضايا التي اتناولها بشكل يومي في عملي الصحفي عن اوضاع الشباب الاردني، فـ من هناك بدأت مسألة ارتفاع نسبة البطالة عند الشباب تمطرني بـ الحلول والافكار الجديدة التي يمكن توظيفها للإسهام في حربنا ضد البطالة، بـ توفر فرص العمل الريادية للشباب الاردني من خلال ما يقدم "مصنع الافكار" من خدمات متطوره ومتقدمة جدا على صعيد الصناعات الرقمية للشباب بمختلف الفئات العمرية.
وخلال تجوالي في مرافق المصنع المختلفة، اخذت افكر في احوال اصدقائي من الشباب المبدعين خاصة من طلبة الجامعات المبدعين المتعطلين عن العمل ويبحثون طيلة الوقت عن حواضن تقنية تساعدهم في تنفيذ أفكارهم وابداعاتهم التي يمكن تنفيذها من خلال هذا المصنع والاستفادة منها من حيث التسويق او التطوير، الأمر الذي شأنه تنمية المجتمعات المحلية في المناطق التي تحتاج الى تنمية الشباب فيها من حيث المشاريع الريادية، كون الابتكار يعتبر ركيزة اساسية للتنمية الاقتصادية.
وبدأت اتسائل يا ترى هل يعلم جميع الشباب المبتكرين والمبدعين خاصة طلبة الجامعات من التخصصات الهندسية والتقنية وطلبة المدارس المبدعين عن "مصنع الافكار" والخدمات التي يقدمها لهم لتمكينهم من تطوير افكارهم وتحويلها الى منتجات ملموسة ذات دقة وجودة عالية لتسجيل براءات اختراع لها،، فما رأيته لم يكن مجرد مصنع او مختبر عادي، وانما مظلة متكاملة للباحثين والدارسين والمخترعين ايضا تتيح لهم الفرصة الكاملة لتصنيع نماذج اولية من افكارهم المبدعة من خلال استخدام تكنولوجيا منقدمة في مجالات واساليب التصنيع الرقمي، رؤيتها تكمن بـ تحويل المستلك الى منتج في حاضنة فكرية وابداعية بنيت على اساس علمي ليخدم الشباب وتطلعاتهم.
ومن الجدير هنا أن اوضح أن "مصنع الأفكار" الذي هو أحد مبادرات مؤسسة ولي العهد التي جاءت في إطار دعم سموه للشباب الأردني وتحفيزهم على الابتكار والإبداع، عبارة عن مختبر تصنيع رقمي FabLab، فيه عدد من الأجهزة والمعدات الحديثة، يهدف إلى تشجيع التعليم التقني وتعزيز منظومة الابتكار في الأردن من خلال الجمع بين الشباب والأفكار والموارد، ويمثل مظلّة متكاملة تجمع الباحثين والدارسين والمبتكرين، تتيح لهم فرصة تصنيع النماذج الأولية لمنتجاتهم باستخدام التكنولوجيا المتقدمة في مجالات التصنيع الرقمي بحسب أهداف المصنعين سواء كان لتسويقها أو تطويرها، وهو مفتوح أمام جميع الشرائح العمرية والمهنية في الأردن ومهيأ لذوي الاحتياجات الخاصّة.