بكين ترفع شِعار "الصحة للجميع"


الأكاديمي مروان سوداح
تَتَعَاظَم باضّطراد حَمَأة حرب الصين على وباء كوفيد/19، وها هي خطوط الهجوم الصيني الشامل على كورونا تتمدّد وتتوسّع لتشمل الكرة الأرضية برُمّتها، ضمنها بِيتنا العربي الكبير المُمتد من المحيط للخليج.
لاحظنا مؤخرًا، مُسَارَعَة عضو مجلس الدولة (الوزراء) ووزير الخارجية الصيني وانغ يي، إلى طرح أربعة مقترحات بشأن مكافحة كوفيد-19، لأجل تفعيل إسهامات جديدة حمايةً للسلام الصحي، وذلك خلال اجتماع افتراضي لمجلس الأمن الدولي بشأن كورونا وتوزيع اللقاحات عالميًا. يرى الوزير الصيني، أنه يتعيّن في هذا الصدد التمسّك بمبدأ حماية حياة الشعوب وصحتها فوق أي اعتبار، وتعزيز التعاون في مكافحة الوباء، والتنفيذ الكامل لقرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة، وخلق بيئة ملائمة لمكافحة كوفيد/19؛ وحل مشكلة نقص اللقاحات، وزيادة المساعدات المُقدّمة للبلدان النامية والفقيرة؛ ودعم التنسيق وإفساح المجال كاملًا أمام دور منظومة الأمم المتحدة. كما أكد أن بلاده "اتخذت إجراءات ملموسة لزيادة وتعميق وتكثيف التوزيع العادل للقاحات على العالم"، مُشددًا على أن الصين لم تسعَ قط إلى تحقيق أهداف جيوسياسية في تعاونها الدولي بشأن اللقاحات، ولم تضع في اعتبارها أي حسابات لأي مكاسب اقتصادية، ولم تربط هذا التعاون بشروط سياسية مطلقًا. وختم الوزير بفقرة تفيض بالإنسانية صارت شهيرة في الإعلام العالمي، هي: "إن أكثر ما يشغلنا هو جعل اللقاحات منفعة عامة تتوفّر بتكلفة ميسورة لشعوب جميع البلدان".
واتساقًا مع هذا النهج الصيني الذي يتماشى مع دبلوماسية ودعوات الرئيس شي جين بينغ في مؤتمر دافوس الأخير، بضرورة توحّد العالم وشعوبه ودوله لإقامة مجتمع المصير الواحد للبشرية وتحقيق النصر على كل الجوائح المعادية لِهِبة الحياة المقدسة، يتم بتوجيه من الرئيس (شي) اسْتِمْرار وتَتَابُع وتَعَاقُب أعمال شحن كميات كبيرة من أمصال (سينوفارم) لمختلف الدول، على شكل هِبات ومساهمات. وفي سبيل شد أزر شعوب المَعمُورة ودولها في مكافحة الوباء، انضمت الصين لمبادرة "كوفاكس"، لتؤكد على أن "اللقاح مُنتَج عام وستقدمه للعالم بأسعار عادلة ومعقولة". ولهذا، وعلى سبيل المِثال لا الحصر، سلّمت الحكومة الصينية مؤخرًا، 14056 صندوقًا من الأغذية العلاجية الجاهزة للاستخدام لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، كلفتة إنسانية في سياقات مكافحة سوء تغذية الأطفال في دولة جنوب السودان، التي تلتزم الصين رسميًا بمد يد العون إليها. بدورها، تَسَلّمَت المملكة المغربية 500 ألف جرعة من لقاح (سينوفارم). واتصالًا بهذا الأمر، كشفت أندريا سولي، مُمَثِّلة اليونيسف في جنوب السودان، عن أن التبرع الذي قدمته الصين سيساعد في علاج أكثر من 14000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، في حين أن نحو 313 ألف طفل يعانون في جنوب السودان من سوء التغذية الحاد، وستنقذ الصين أرواح الملائكة الصغار.
إلى ذلك، كشفت وسائل الإعلام الغربية، ومنها "سكاي نيوز العربية" المعروفة، عن أن الصين وقّعت اتّفاقًا "يَضمن توزيع أي لقاحات يتم انتاجها مستقبلًا ضد "كوفيد/19" في الدول النامية، لتكون بذلك أكبر قوة اقتصادية تنضم لمساعي منظمة الصحة العالمية لاحتواء الوباء، ولإيصال اللقاحات إلى الدول الأفقر فور تطويرها لمواجهة المخاوف من احتمال حد الدول الأغنى توزيع العقاقيرالتي تصنعها شركات الأدوية لديها"، وأماطت سكاي نيوز اللثام كذلك عن أن الاتفاق "يَمنح الصين دورًا أساسيًا في الجهود الدولية لمشاركة اللقاحات مع الدول الأقل نموًا، فيما لم توقع الولايات المتحدة على الاتفاق".
وفي تحرك لفت الأنظار، أرسلت (المجر) طائرة إلى الصين لتلقي الشحنة الأولى من لقاح (سينوفارم)، عِلمًا بأن المجر هي أول دولة في الاتحاد الأوروبي توافق على استخدام اللقاح الصيني بعد أن بدأت باستخدام العديد من اللقاحات غيره، بما في ذلك Sputnik Vالروسي.
تقول الأرقام المذهلة التي اطّلعت عليها، أنه ومنذ تفشي كوفيد/١٩، قدّمت الصين المساعدات إلى أكثر من 150 دولة، و10 منظمات عالمية، بالإضافة إلى إرسالها 36 فريقًا طبيًا إلى 34 دولة. وبصفتها أكبر مصنِّع للإمدادات الطبية في العالم، زوّدت بكين عواصم البلدان المختلفة بأكثر من 200 مليار قناع، وملياري بدلة واقية، وأكثر من 800 مليون مجموعة اختبار. وبالتالي، تُعتبر الصين بحق الدولة الأولى التي تحاصر كورونا، وتشد عزائم الأنظمة السياسية بمساعدات وتقدِمات من بكين، تكفل قَصم ظهر الوباء وتضمن تشييد مجتمع المصير الصحي الواحد لحماية البشرية ومستقبلها.
*متخصص بالشؤون الصينية.